جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار
رثاء 09 سبتمبر 2019

 سلامـة عكـور

الشهيد فيصل الحسيني مناضلا قائداً.. وإنساناً

 باستشهاد المناضل فيصل الحسيني سليل أسرة المجاهدين، تكون القضية الفلسطينية عموماً والانتفاضة الشعبية الباسلة بشكل خاص قد فقدت واحداً من أبرز قادتها ورموزها المعروف عنهم الفطنة والوعي والإخلاص، والإيمان المطلب بإرادة الشعب.

 نعم لقد أمن المناضل فيصل الحسيني إيماناً عظيماً بإرادة شعبه وبقدرة هذا الشعب على انتزاع حقوقه من براثن الاحتلال الإسرائيلي الغاشم..

 لقد رأى في شعبه وفي المجاهدين والمناضلين من أبناء شعبه ما لم يستطع رؤيته الآخرون.. حيث تلمس بوعيه وبفطنته وبأصابعه العشرة مزايا وخصائص وطموحات عظيمة في شعبه، جعلته يؤمن بأن هذا الشعبي جدير بالحرية والاستقلال ومؤهل لإقامة دولة مستقلة قادرة على تحقيق تقدمها ونهوضها وحتى تفوقها، وقادرة على تحقيق الرفاه والرخاء والازدهار لأبنائها، مهما كلف ذلك كله من تضحيات جسام ومن ملاحم استشهادية نادرة.

 عرفت المناضل فيصل الحسيني خلال أيام حرب حزيران 1967، على جبل كيفون في لبنان، حيث أقيم هناك معسكر لتدريب المتطوعين للالتحاق بالحرب.. وكان مساعداً لآمر المعسكر المناضل محمد الشاعر رحمه الله.

 ولقد لفت فيصل في ذلك المعسكر انتباهي وإعجابي، كما لفت انتباه وإعجاب رفيقي السيد وهيب حسين الذي كان قد أبعدته معي السلطات التركية من مقاعد الدراسة الجامعية من تركيا لأسباب سياسية، وذلك لما كان يتمتع به من ديناميكية وجدية وإخلاص وإقدام في أداء الواجب. وقد لاحظت ورفيقي وهيب أن فيصل الحسيني يُصاب رغم نشاطه الملحوظ في النهار بأرق في الليل.. مما حدا بكلينا الاستفسار منه شخصياً عن حالته.. فقال رحمه الله: "لا أملك في النهار وقتا للتأمل في واقع شعبنا والتفكير بمصيره، فألجأ في الليل للتأمل والتفكير فيصيبني الأرق"...

 لقد رأينا في المناضل فيصل الحسيني الأخلاق الحميدة ومناقب وسجايا الفرسان، وروح التعاون ودماثة القادة المحبين لرفاق دربهم.. فأجمع كل المتطوعين في المعسكر على احترامه وتقديره والانصياع طواعية لتعليماته.

 وفي جلسة مسائية للمعسكر ترأسها المرحوم محمد الشاعر، قال فيصل الحسيني كلمات قليلة لكنها لخصت رؤيته لمعركة شعبه مع عدوه.

 حيث قال عندما احتدم النقاش والجدل بين المتطوعين والمنتمين لأحزاب وقوى سياسية مختلفة: "إن الوقت الذي تمر به القضية الفلسطينية ليس وقت نظريات وتنظير يثير الجدل العقيم ويهدر الوقت والجهد.. فالصراع مع العدو هو صراع تحرري وعلى جميع القوى الوطنية والقومية واليسارية واليمينية في الشعب الفلسطيني الالتحاق في جبهة واحدة في هذا الصراع فالجميع هم رفاق اليوم، وبعد التحرير، فليختلفوا كما يشاؤون".

 ولا زلت أذكر بضع كلمات قالها المناضل فيصل الحسيني عندما أسفرت حرب الأيام الستة عن هزيمة نكراء منيت بها الأمة حيث قال رحمه الله: "إن على القوى السياسية والحزبية الفلسطينية أن تخوض معاركها مع العدو المحتل لفلسطين من داخل فلسطين ومن بين الجماهير الشعبية الفلسطينية حتى تتمكن من تحرير الوطن".

 وقد ترجم رحمه الله كلماته عملياً وحمل أمتعته ودخل فلسطين ليخوض معاركه وسط شعبه وبشعبه وكان رهانه على قدرات شعبه في محله..

 لكن الشهيد رحمه الله كان يرى بعينيه وبوجدانه البعد العربي القومي والإسلامي لقضيته العادلة، فسعى جاهداً لحشد الدعم العربي والإسلامي والإنساني لقضيته وحقق في هذا المجال الكثيــر..

          رحم الله الشهيد واسكنه فسيح جناته.

          ولا بد من انتصار لإرادة الشعوب المؤمنة بعدالة قضيتها.