أوضح الأخ فيصل الحسيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومسؤول ملف القدس أن الموضوع الخاص بمدينة القدس تم الاتفاق على بحثه والتفاوض حوله خلال مفاوضات الحل الدائم. إن التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سيشمل كافة حدود مدينة القدس بجزأيها الشرقي والغربي، مؤيداً في الوقت نفسه بقاءها موحّدة لا يقسمها سور وتضم في داخلها عاصمتين: الجزء الشرقي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة والجزء الغربي عاصمة إسرائيليـة.
جاء ذلك في حوار أجرته "وطني" مع الأخ فيصل الحسيني، وفيما يلي نص الحوار:
"وطني": قبل مدة احتفل ببدء مفاوضات المرحلة النهائية في عهد حزب العمل، فهل هناك تصور فلسطيني لحل قضية القدس في ضوء الإعلان مجدداً عن اللاءات الإسرائيلية وأهمها "لا لتقسيم القدس"؟
فيصل الحسيني: فيما يتعلق بموضوع القدس فالموضوع يسير ومحدّد في خطين: الأول يتماشى وقرار مجلس الأمن الدولي "242" والذي يدعو إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلها عام 1967، الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهذا يعني أن كياننا ودولتنا المستقلة يجب أن تقوم في هذه الأراضي وبالتالي فإن عاصمتنا ستكون القدس الشرقية بلا شك، والخط الثاني يتمثل في الرغبة والإرادة الدولية بأن لا يكون هناك سور يقسم القدس إلى قسمين ومن هنا فإن الموقف الذي يمكن أن يوائم بين الخطين هو بقاء القدس موحدة ومفتوحة تضم في داخلها عاصمتين، العاصمة الفلسطينية في الشرق والعاصمة الإسرائيلية في الغرب، بدون حواجز بين طرفي المدينة، بحيث تكون مفتوحة على بعضها البعض ويكون التنقل والوصول بين الجزأين حراً، أما كيفية إتمام ذلك وما هي الترتيبات لإقرار ذلك، فهذا هو الموضوع الذي سيخضع للتفاوض خاصة وأن القرار الذي اتخذ وحتى من قبل مؤتمر مدريد هو أن لا تقسم القدس، وفي الوقت نفسه لا اعتراف بضم إسرائيل للجزء الشرقي من المدينة والذي احتلته عام 1967 باعتبارها جزءاً من الأراضي المحتلة. وأنوّه هنا أن المفاوضات ستكون حول القدس بأكملها وبقسميها الشرقي والغربي.
"وطني": في الآونة الأخيرة أخذت الحملة الاستيطانية المسعورة بالتسارع وخاصة في سلوان والبلدة القديمة من القدس وهناك أقاويل عن قيام البعض ببيع ممتلكات عربية لليهود، ولا شك أن ذلك جزء من الضغوطات المختلة التي تستخدمها إسرائيل لتهجير المقدسيين، فهل هناك إجراءات فلسطينية حاسمة لصد هذه الحملة والوقوف بوجه ضعفاء النفوس وتثبيت المقدسي في أرضـه؟
فيصل الحسيني: الوعي الوطني فوق كل شيء، وهناك مؤسسات واستعدادات أجرتها هذه المؤسسات للدفاع عن الأراضي منها أنها تعمل على تحرير الأرض إن كانت مرهونة، أو استعادتها إن كانت مباعة، ثم الاتصال مع المواطنين وتطير وعيهم الوطني، بحيث لا يتم أي نوع من البيع، بمعنى إن كانت العملية هي محاولة إقدام أحد على البيع فإننا نعمل محاولين إيقافه، وإن كان هناك تزوير فلدينا وسائلنا القانونية للدفاع عن هذا الموضوع، وإبطال التزوير وما ينجم عنه، وإن كانت هناك عملية احتلال بشكل غير قانوني لكنا قد مارسنا وسنمارس في المستقبل الدفاع عن هذه الأراضي وبشتى الوسائل وإن كان الأمر يتعلق بإنقاذ بيت أو أرض مهددة بالبيع أو المصادرة فنقوم بدفع الالتزامات المترتبة علينا، ولكن ليكن معلوماً أن إمكانياتنا محدودة مهما بلغت، لأنه إن كان علينا معالجة الأمر من خلال شراء كل ما هو مهدد بالبيع فمعنى هذا أننا نسبب لأنفسنا طريقاً مادياً حاداً لا يوقفه شيء.
"وطني": هناك ادعاءات إسرائيلية عن تقدم عشرات الآلاف من المقدسيين بطلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية، الأمر الذي قد تستغله إسرائيل خلال التفاوض على القدس، ما مدى صحة هذه الادعاءات، وما هي خطواتكم إزاء ذلك؟
فيصل الحسيني: ليس لدينا أية مؤشرات بأن هناك آلاف من المقدسيين تقدموا بطلبات للتجنس، ما نعرفه ومن خلال انتخابات المجلس التشريعي وإحصائيات المواطنين، بأن نحو 2,700 شخص يحملون الجنسية الإسرائيلية لا يحق لهم الانتخاب، وإن اعتبرنا أن الأسرة تتألف من أربعة إلى خمسة أفراد فمعنى ذلك أن هناك نحو تسعة آلاف شخص يحملون الجنسية الإسرائيلية وحتى هذا الرقم ليس دقيقاً وواضحاً.
"وطني": خلال المفاوضات السابقة وحسبما تسرب من معلومات أن حديثاً جرى وبشكل عرضي عن نية إسرائيلية لإخلاء المستوطنات دون تفكيكها لتستوعب اللاجئين شريطة تنازل الفلسطينيين عن كافة أملاكهم في الأراضي المحتلة عام 1984، ما رأيكم في ذلك؟
فيصل الحسيني: لم يُعرض علينا رسمياً أو بشكل عرضي أي اقتراح بذلك، وما لا يتم عرضه بشكل رسمي فإننا لا نعلّق عليه، وعندما يأتي المفاوض الإسرائيلي ويعرض علينا رأياً أو اقتراحاً معيّناً فعندها نقوم بمناقشته، أمّا أن نبدأ نفاوض أنفسنا أو نفاوض طواحين الهواء، وهم يراقبون ويتطلعون، فهذا لا يكون، وفيما يتعلق بالمستوطنات فهي غير شرعية، لأنها أقيمت بشكل غير شرعي بالتالي فهي باطلة.
"وطني": الوفد الفلسطيني الذي يخوض معركة المفاوضات النهائية لا يضم في عضويته أي مفاوض مقدسي، لماذا؟
فيصل الحسيني: أنت تعني من سؤالك الاجتماع الافتتاحي الذي جرى في طابا إيذاناً ببدء المفاوضات النهائية رسمياً، فبالتالي ليس بالضرورة أن يكون جميع المشاركين بالاجتماع مفاوضين، وإنما اختيروا للإعلان عن بدء المفاوضات، وليس هناك أي نوع من الشروط تمنعنا من إشراك مفاوضين مقدسيين وحتى في مدريد فلم يكن هناك أية شروط مسبقة تمنع مشاركة المقدسيين في الوفد المفاوض، ولكن كان هناك موضوع آخر وممانعة إسرائيلية أولية إلا أنه انتهى فيما بعد بالتوصل إلى صيغة أن لا أحد يستطيع أن يفرض أو يجبر الإسرائيليين بالجلوس مع شخص لا يرغبون بالجلوس معه.
"وطني": بعد القمة العربية.. هل يمكننا القول أن العرب جادّون في توحيد صفوفهم أمام التحديات التي تواجههم، وكيف سيكون التحرك الفلسطيني إزاء ذلك؟
"فيصل الحسيني": تحرّك القادة العرب وانعقاد القمة العربية في هذه المرحلة كان فريداً من نوعه والقرارات التي صدرت عنها أعطت روحاً جديدة وشكلاً جديداً للتحرك العربي يبعث الآمال في أن تكون القمة بالفعل بتبعاتها المستقبلية لصالح القضية العربية والقضية الفلسطينية بصفتها جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، فإن تم ذلك وهذا ما نأمله فهذه القمة هي سفينة النجاة التي كنا نبحث عنها، ويبقى أمامنا الزمن وتطبيق قرارات هذه القمة على الأرض.
"وطني": لقاؤك الأخير مع روني ميلو رئيس بلدية تل أبيب وعضو حزب الليكود، هل هو الأول من نوعه بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحزب الليكود الحاكم حالياً في إسرائيل، وما هي طبيعة الاتصالات واللقاءات؟
"فيصل الحسيني": في الواقع إن اللقاء كان رسمياً وبموعد رسمي بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بشخصي بصفتي عضو اللجنة التنفيذية ومسؤول حقيبة القدس وأحد كوادر حركة "فتح" وبين حزب الليكود الذي تسلّم مقاليد الحكم في إسرائيل، حيث تباحثنا في مسيرة السلام وما تواجهها من عقبات، وبالتالي فإن الإسرائيليين يدركون مع من يتحدثون وهذا اللقاء هو الأول على هذا المستوى.
"وطني": كيف يفسر فيصل الحسيني تعيينه عضواً باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزيراً في مجلس وزراء السلطة الوطنية، وفي الجهة الأخرى هنالك هجمة إسرائيلية يمينية شعواء ضد شخص فيصل الحسيني، بيت الشرق والمؤسسات المقدسية بشكل عام؟
"فيصل الحسيني": أنا لست وزيراً في مجلس وزراء السلطة الوطنية، ولم أكن وزيراً في يوم من الأيام، إنما أنا مسؤول ملف القدس من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، وبالنسبة لليمين الإسرائيلي فمن الطبيعي أن يشنّ هجمة واسعة النطاق ضد التواجد الفلسطيني ليس في القدس وحسب بل في كل مكان، فهم ليسوا راضين عن وجودنا في غزة فكيف الأمر بالقدس!!!؟
"وطني": هناك من يقول في الشارع الفلسطيني أن فيصل الحسيني يهتم باستقبال الوفود الأجنبية في بيت الشرق ولا يكترث لما يدور في المدينة المقدسة من فساد خلقي أو تفسخ اجتماعي وما شابه ذلك، ما ردكم على ذلك؟
"فيصل الحسيني": في بيت الشرق عدا عن الشؤون الدبلوماسية والسياسية فهناك أقسام مختلفة تعالج العديد من القضايا المدنية والاجتماعية، وفي مرحلة من المراحل لامني الجميع لأنني كنت أتدخل في كل خلاف أو قضية بحجة أن فيصل الحسيني له وضعه السياسي الذي يجب أن يتابعه وللقضايا الأخرى من يقوم بها، ولهذا السبب جرى تشكيل وحدات مختلفة وتخصصات كثيرة منها الدفاع عن الأراضي وقسم لترميم البيوت والدفاع عنها قانونياً، وبالفعل فقد جرى معالجة الكثير من القضايا، وهناك مجموعة في بيت الشرق تختص بالشؤون الاجتماعية والخلافات العائلية والعشائرية وما شابه ومجموعة تهتم بالنوادي والشباب والرياضة وغيرها، إذن ليس من الضروري أن أكون موجوداً في كل واحدة من هذه الأشياء، ولكن المهم أن تكون هذه الأشياء موجودة على الأرض وتعمل، أما إذا كان فيصل الحسيني سيقرر أن يكون هو موجوداً في كل هذه القضايا فبالتأكيد لا يستطيع أن يخدم هنا أو هناك، فالأهم أن تكون هناك مؤسسة ذات طابع فيه نوع من الاستقلالية تقوم بجميع الأدوار، وهذا ما استطعنا إيجاده في بيت الشرق، بمعنى أن نحوّل ما يتعلق بالقدس من الدوران حول شخص واحد إلى مؤسسات قائمة على الأرض وكل منها يمارس عمله في نطاق اختصاصه.
"وطني": لوحظ في البيان الوزاري الذي عرضه السيد الرئيس ياسر عرفات أمام المجلس التشريعي خلوّه من أي إشارة أو مشاريع تخص القدس، باستثناء أنها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، ما تفسيركم لذلك؟
"فيصل الحسيني": لو أن هذا الأمر كان قد جرى أمام المجلس الوطني الفلسطيني، لكان على رئيس اللجنة التنفيذية الأخ ياسر عرفات أن يذكر ويحدّد ما هو الدور الذي تقوم به منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة القدس، ولكن لا نستطيع أن نتكلم عن دور السلطة الوطنية في المدينة في هذه المرحلة.
"وطني": أين وصلتم في ترتيب البيت الفتحاوي؟
"فيصل الحسيني": قبل مدة شُكّلت لجنة طوارئ "لفتح" برئاسة الأخ أبو عمار لمعالجة القضايا التنظيمية وهذه اللجنة من المقرّر أن تلتئم وتمارس عملها قريباً وفي مختلف المواقع، ولكن سبب الأحداث الجديدة والانشغال بقضايا المجلس التشريعي، وانشغال الكثير من أعضاء اللجنة المركزية بحكم مواقعهم بالقضايا السياسية الساخنة، مما أخّر في اجتماع اللجنة الجديدة، وفيما يتعلق بمستوى الساحة الميدانية فالاستعدادات تجري لعقد مؤتمرات حركية وفي مختلف المناطق، وبالنسبة لكوادر الحركة المتواجدين في الخارج، فعندما يُعقد اجتماع لبحث مجمل أوضاع "حركة فتح" فبلا شك لا بد وأن يشاركوا فيه، وعندما يكون الاجتماع مقصوراً لبحث أوضاع الساحة الخارجية فليس بالضرورة مشاركة كوادر الداخل والعكس صحيح، ولكن وباستمرار هناك اجتماعات لإطلاع الطرفين على مجريات الأمور كافــة.
عن مجلة "وطني"
المجلة المركزية لقوات الأمن العام