جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار
عنوان البرنامج :
التاريخ : 2001-03-30 09:45:49
الاذاعة : تلفزيون المستقبل
المحاور/ة : زاهي وهبي
ضيوف محاورين :

قراءة نص المقابلة

 

لقاء مع فيصل الحسيني في تلفزيون المستقبل

برنامج خليلك بالبيت

 

زاهي وهبي: مقدسي عريق ومناضل مخضرم وبن بيت شجرة عائلته خضراء مباركة، تعمقت جذورها باكرا في دم الشهداء وعرق المناضلين، وعرشت أغصانها في الشمس كالأنبياء، إنه فيصل الحسيني الاسم الذي لا يحتاج إلى لقب، والوجه الذي يذكرنا فورا بقبة الأقصى وبحجارة المدينة العتيقة لفرط التماهي الحاصل بين هذا الرجل وبين مدينة المقدسة التي تختصر اليوم جوهر الصراع العربي الإسرائيلي بكل أبعاده الوطنية والقومية والدينية. حمل أوجاع شعبه ومحنة مدينته منذ يفاعته، تنقل بين القاهرة وبيروت وبقية المنافي الشقيقة ولكنه اختار ومن أول الطريق أن يقرع أجراس العودة ليعود إلى مسقط رأسه وأحلامه وإلى مثوى أسلافه الطيبين وآباءه الشهداء، لكي يقيم في قلب الجرح الغابر، وتحت ظلال المسجد الذي بورك من حوله، وليبلسم ما استطاع إليه سبيلا. فيصل الحسيني المناضل والمقاوم المفاوض والمسؤول القابض على الجمر وحامل الملف الأصعب، ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس جمعية الدراسات العربية والصامد على رأس بيت الشرق العنوان الأبرز العنوان الفلسطيني الأبرز لعاصمة فلسطين المحتلة، هو ضيفنا الليلة في حوار صريح عشية فترة حرجة ومرحلة دقيقة يصفها البعض بأنها الأخطر في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي.

أهلا وسهلا بك فيصل الحسيني ومساء الخير نحن سعداء ونتشرف بلقائك،
اسمح لي أن أبدأ من جملة تتردد أحياناً وتقول أن الصراع العربي الإسرائيلي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحديدا الصراع على مدينة القدس، هو صراع السماء على الأرض بأبعاده الدينية ما هو رأيك بهذه المقولة؟

 

فيصل الحسيني: نعم أود أن أقول بأن لم يكن من الضروري أن يكون مثل هذا الصراع صراع السماء على الأرض، ولكن الحركة الصهيونية أرادات أن تحول هذه العلاقات الدينية الصحية التي كانت موجودة دائما في هذه المدينة عاش فيها المسلم والمسيحي واليهودي بشكل متجاور ومتفاهم وحميم إلى أن أتت الحركة الصهيونية لتنقل نقلة معينة لتحول هذه العلاقات إلى علاقات صراع لتخلط ما بين السياسات والدين وبين الدين والعرق وبالتالي جعلت بالفعل من هذه المدينة فيها مثل هذا الصراع، الحمد لله نحن كمسلمين ومسيحيين تمكنا من أن نواجه هذا التحدي وأن نقف في وجه هذا التحدي وكانت استجابتنا لهذا التحدي مزيد من التماسك ولكن المجتمع اليهودي لدينا سحقه هذا التحدي القادم من الغرب وبالتالي معظمهم وقعوا ضحية هذا الصراع ما زال هناك بعض اليهود الذين يرفضون هذا المبدأ وقالوا ما لله وما لقيصر لقيصر وهم يتعايشون معنا بشكل جيد ولكنهم قلة هذا كما قلت في مبدأ التحدي والاستجابة لم يتمكنوا من مواجهة هذا التحدي الغربي.

 

زاهي وهبي :   كم تعتقد أن البعد الديني لهذه القضية يزيد الأمور تعقيدا ويجعل مسألة حل هذه المسألة بعيد المنال؟

أبو العبد: هو في خطابنا الإسلامي والمسيحي لا نثير وخطابنا لا يثير مثل هذه الحساسيات ولكن الخطاب السياسي الإسرائيلي هو الذي يسبب مثل هذه المشاكل ولكن في نفس الوقت الذي تحاول إسرائيل أن تحرك مثل هذا الأمر لا أهداف إليها، ولكن في النهاية هو ليس في صالحهم إلا أن هذا التحريك يحرك هذه المشاعر الإسلامية والمسيحية في كل مكان في مواجهة ليس اليهودية ولكن لمواجهة الصهيونية، إذا هو صراع سماوي في مواجهة تحدي سياسية آتى به أناس لمصالح بشرية وليس لمصالح إلهية.

 

زاهي وهبي : إذا كانت وجود إسرائيل قائم أساسا على مزاعم توراتية وادعاءات دينية مستند إلى فكر ديني بشكل أساسي هل ترى إمكانية لفصل هذه المسألة والتعاطي معها باعتبار أنها صراع حول قضية جغرافية وقضية قومية بمعزل عن الدين؟

 

فيصل الحسيني: الآن لا نستطيع أن نفعل ذلك لأنه أصبح أننا ننظر إلى القدس والصراع في القدس له الان مثل العملة له وجهان وجها دينيا ووجها قوميا، وبالتالي إذا أنا قلت أن هذه القضية هي قضية دينية وأردت أن أعرض للآخرين هذا الوجه أنها دينية لم أرى من جهتي إلا الجزء القومي أو السياسي، إذا قلت أنها قضية سياسية وأردت أن أعرض على الناس أنها قضية سياسية فلن أرى من الوجه الآخر إلا الوجه الديني، لهذا السبب نحن نعالج هذا الموضوع آخذين بعين الاعتبار بأن هنا يوجد هذا التداخل في هذا الموضوع وبالتالي نريد أن يكون لنا داخل الخطاب الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي الحضاري الذي يستطيع أن يفرض ويمد مظلته أيضا يشعر اليهود في هذا العالم بأننا لا نقبل أن تأتي تصورات عنصرية بأن تجعل القدس تحت سيطرتهم ولكن بنفس الوقت نحن لا ننكر لهم أن يكونوا في هذه المدينة أن نحترم مقدساتهم أن نحترم مشاعرهم ولكن إطلاقا ليس أن يكون ذلك على حساب مصالحنا الوطنية والقومية والدينية.

 

زاهي وهبي : أستاذ فيصل، تطرح حاليا مشروع ملفت للنظر بعنوان "اشتري زمنا في القدس". يا ليت تفسر لي ماهية هذا المشروع وكيف نشتري زمنا في القدس؟

 

فيصل الحسيني: في هذا الصراع الذي بدأناه منذ عام 1967 لتثبيت وجودنا في القدس ولحماية المتجمع الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي في داخل المدينة من هذه الهجمة الصهيونية التي سعت الى تهويد المدينة واسرلتها، دعني اقول، وفي ظل الضعف العربي، وفي ظل الهزيمة، كان علينا ان نحمي وجودنا في هذه المدينة. ولم يكن ذلك الا من خلال إنشاء بوتقة تحمينا. هذه البوتقة كانت هي المؤسسات الفلسطينية التي تتابع حياتنا اليومية، دائرة الاوقاف الاسلامية على سبيل المثال، المقدسات الدينية، المحاكم الشرعية، المدارس الشرعية، كل هذه أنشانا من اجلها الهيئة الاسلامية العليا التي قامت بحمايتها حتى لا تكون تابعة لوزارة الاديان الإسرائيلية. طبعا تابعنا في ذلك، وناضل معنا في ذلك اخوتنا المسيحيين بمختلف كنائسهم، وهم ايضا ابقوا انفسهم بعيدين وخارج عن نطاق وزارة الاديان الإسرائيلية. خضنا معركة من أجل التعليم. إسرائيل استولت على المدارس العربية التي كانت موجودة وتابعة للحكومة الاردنية. قامت بضمها اليها وسلمتها للبلدية وفرض فيها نظام التعليم الإسرائيلي على أبنائنا في القدس. مباشرة قمنا نحن كفلسطينيين بانشاء مدارس جديدة. استأجرنا بيوتا هنا وهناك وأنشأنا مدارس بديلة، تدرس التعليم أو نظام التعليم العربي. وكان هناك صراع ومنافسة بين هذين النظامين. بعد سنتين كانت أكبر مدارس القدس، وهي مدرسة الرشيدية، والتي تتسع على سبيل المثال لألف وخمسمائة طالب، بعد سنتين لم يكن فيها إلا سبعة طلاب. أما باقي الطلاب فذهبوا إلى المدارس الفلسطينية. هذا أجبر إسرائيل ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية أن تعترف بما هو قائم. وبدأ تعليم البرنامج العربي ايضا في المدارس التي استولت عليها إسرائيل. طبعا أضافوا اليها تعليم اللغة العبرية، وهذا ليس أمرا مرفوضا من قبلنا. نفس الشيء بالنسبة للمستشفيات، بالنسبة للخدمات الاخرى. وبالتالي أصبحنا نحن نقدم خدماتنا جميعا، من خدمات تجارية الى ثقافية الى نقابية إلى مهنية الى تعليمية إلى دينية، من خلال هذه المؤسسات، وهذا حفظ وجه القدس العربي. وكانت هذه المؤسسات لا تقدم خدماتها فقط لأبناء القدس، لكن تقدمها لأبناء القدس ولأبناء فلسطين بشكل عام، كما تقدم أي عاصمة خدماتها للآخرين. وهنا أيضا ثبتنا القدس كعاصمة فلسطينية، حتى تحت الاحتلال.

إسرائيل بدأت منذ عام 1993 تشن حربا على هذه المؤسسات، تحاول أن تضعفها، تفرض القوانين الجديدة، تحاول أن تمنع وصول المساعدات إليها، تمنع أي نوع من العلاقات الدولية مع مدينة القدس، تفسر إتفاقية أوسلو تفسيرا غير صحيح أو تعسفي، بأن تقول بأن أي مؤسسة في القدس يقدم لها مساعدات من السلطة الفلسطينية تصبح من مؤسسات السلطة الفلسطينية، وعليها أن تنتقل إلى خارج القدس. هذا الأمر جعل هذه المؤسسات، أولا ضربت، حيث حاصرت إسرائيل القدس وأصبح من الصعب لأحد دخولها، وبالتالي اقتصرت خدماتها على أبناء المدينة. ثم أتت إسرائيل لتفرض عليها قوانين جديدة، وتفرض عليها حصارا ماليا جديدا، وترفع الضرائب. أصبحنا نعيش تحت ضغط كبير جدا، تحت وطأة هذا الحصار.

ولكن نريدها أن تستمر، تستمر من خلال استمرار تقديمها للخدمات لابناء مدينة القدس،.. حتى ولو خسرت ماديا. وهذه دائما، مثل هذه المؤسسات هي مؤسسات غير هادفة للربح. ولكن إسرائيل جعلت من كلفة هذه الأشياء كالعلاج  وسواه مرتفعة جدا، لتضييق الخناق علينا.

فكرنا في هذا الموضوع، ونظرنا الى مؤسساتنا في القدس، وحتى لا تغلق هذه المؤسسات، نساعدها، نضحي. الناس يعملون برواتب قليلة. كل هذه الاشياء. لكن، كمستشفى اريد ان اقدم خدمات تضاهي الخدمات الإسرائيلية. نظرنا وقمنا بالبحث عن مختلف هذه المؤسسات، وجدنا ان هذه المؤسسات، حتى تستمر في أداء خدماتها، بحاجة إلى ما يقارب 30 مليون دولار في سنة واحدة، أي مليونين ونصف مليون دولار في الشهر، 625 ألف دولار في الأسبوع، 85 ألف دولار في اليوم، 3600 دولار في الساعة، 60 دولار في الدقيقة، دولار واحد في الثانية.

 

زاهي وهبي : كل ثانية تكلف دولار لتستمر هذه المؤسسات. بس حاسبها مزبوط أستاذ فيصل.

 

فيصل الحسيني: وبالتالي خرجنا بهذه الفكرة: "اشتر/ي زمنا في القدس" من أجل أن تبقى المؤسسات العربية قائمة، من أجل أن تبقى القدس عربية اسلامية مسيحية، "اشتر/ي زمنا في القدس". وبالتالي نفكر بتشكيل هيئة وصندوق للقدس تحت هذا العنوان. هذا الصندوق مهمته الأساسية هي تغطية المصروفات الجارية. نحن لا نتحدث هنا عن التطوير، وعن بناء شيء جديد، ولكن عن المحافظة على المؤسسات وتطويرها من خلال تطوير قدراتها على تقديم الخدمات، من حيث تقديم خدماتها الجارية. هذه المؤسسة تكون لها هيئة عامة. هذه الهيئة تكون مشكلة من شخصيات مقدسية وفلسطينية عربية ودولية، لها مصداقيتها. ان تضع حساباتها ومصاريفها بشكل واضح جدا.

زاهي وهبي : مبدأ الشفافية

فيصل الحسيني: مبدأ الشفافية

زاهي وهبي: لأنه عم نعرف أستاذ فيصل، أن المساعدات إلى فلسطين وإلى السلطة الفلسطينية تثير في هذه الفترة لغط، والبعض يشترط أن تشرف بعض الدول، تشترط أن تشرف هي شخصيا على صرف الأموال.

 

فيصل الحسيني: يعني هذا يجب ان يناقش. في الواقع، وامل انه في سؤالنا القادم ان يكون حديثنا في الموضوع. لكن الآن نستكمل قضية "اشتري زمنا في القدس". ان يكون هناك ايضا بيتا ماليا دوليا يشرف على ترتيب هذه الحسابات. كيف يجمع هذا المال؟ نحن يجب ان يكون لدينا مثل هذا العمل المستمر، وبالتالي انشاء نقاط في انحاء العالم العربي، وحتى في الخارج اوروبا والولايات المتحدة، ونتصور انه اذا بدأنا بحملة معينة تشرح ما هي القدس، ما هي مؤسساتها، ما هي احتياجاتها، لمدة اسبوعين او ثلاثة اسابيع، نصل فيها الى المدارس والى الجامعات، الى النوادي، الى الانسان في الشارع، ثم ننهي ذلك ببرنامجا تلفزيونيا، نطلب من الناس ان يشتروا سندات، يمكن ان تشتري ثانية واحدة او ما هو اكثر، وبالتالي ان يكون هناك نوع من المنافسة في من يشتري زمنا في القدس.

 

زاهي وهبي : خليني اوضح شغلة للمشاهدين، اذا سمحت وتوضحلي اياها، كما شخصيا لي. أي مشاهد يسمعنا اليوم، اذا دفع دولار واحد يكون عم بساهم بإطالة عمر هذه المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة لمدة ثانية اذا دفع دولار، اذا دفع 100 فبكونوا 100 ثانية، فبالتالي واجب قومي وواجب وطني على كل مشاهد. كيف يتم اذا حب اي مشاهد الان ان يتبرع ب 100 دولار او بالف او بعشرة الاف او بالخ.

 

فيصل الحسيني: في هذه اللحظة لم نبدا بهذا. نريد ان نطرحه ليكون منظما. سنطرح اولا  نظام هذه الجمعية، كيفية صرف هذه الأموال، من هي الجهات المشرفة عليها، ثم بعد ذلك سيكون هناك سندات. يمكن الاتصال، تلفونيا مثلا، اثناء هذا البرنامج، الذي يسمونه "اشتري زمنا في القدس" او بعناوين محددة، ستكون موجودة في الوطن العربي، ان شاء الله، تقوم هناك بارسال كتاب دفع المبلغ، وبالتالي تحصل على وثيقة بان انت تمتلك ثانية او عشرة ثواني او مائة ثانية،  يوم كامل من ايام القدس. يفضل هنا ان تلزم نفسك بان هذا الامر هو امر سنوي، يعني كل سنة تدفع مثل هذا المبلغ. ونحن نعتقد ان لدينا في هذا الوطن العربي اكثر من 400 شخص او مؤسسة، رجل غني، او بنك، يستطيع كل منهم ان يقدم 85 الف دولار في السنة دون ان تهتز ميزانيته. واعتقد انه يوجد لدينا بعض الدول العربية القادرة على ان تدفع او تشتري شهرين او ثلاثة اشهر دون ان تتأثر. وممكن ان تكون هناك بلديات او مؤسسات محلية قادرة على ان تشتري اسبوعا او ان تشتري يوما. انا اعتقد انه بمثل هذا البرنامج  سنؤدي أكثر من غرض. اولا: هو سيؤدي إلى تغطية هذه الاحتياجات، وربما زادت، مما سيجعلنا نطور تقديم خدماتنا في القطاع التعليمي والصحي والاجتماعي والثقافي، الى اشياء اخرى في المستقبل. وفي نفس الوقت سيكون هذا نوع من الدعم المعنوي، وتجنيد الناس لهذه القضية، قضية القدس بكل ما تعني من شيء عزيز على كل انسان.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني، كم يحتل الموضوع الاقتصادي والاجتماعي اليوم حيز في الصراع مع الإسرائيليين؟ يعني كم هو جزء، يمكن غير واضح وغير مدرك من قبل الكثيرين؟

 

فيصل الحسيني: لا، طبعا هو هام جدا، لانه نحن بعد هذا الاحتلال الطويل اصبح اقتصادنا مسيطرا عليه من قبل الاقتصاد الإسرائيلي. لقمة العيش، الحليب، الماء، حتى الكهرباء، كل هذه الاشياء مسيطر عليها، ونحن نحاول ان نحقق هذا الانفكاك من الاحتلال الإسرائيلي ومن الدولة الإسرائيلية. وهذا لا يتم الا بوجود اقتصاد قوي، ولا يمكن ان يكون الاقتصاد القوي موجودا، الا اذا حسنا بنيتنا التحتية. والبنية التحتية تحتاج الى المال والاستثمار. وإسرائيل تحاول ان تضرب هذه الاستثمارات، تحاول ان تضرب الاستقرار في مجتمعنا ومدننا. وبالتالي نعم، الموضوع الاقتصادي يأخذ حيزا كبيرا، بمعنى المستقبل. ولكن في معنى المواجهة المباشرة ما زال الفلسطينيون، حتى الفقراء منهم يعطون

 

زاهي وهبي: وهذا الشيء واضح للجميع. موضوع المساعدات، مثل ما ذكرنا من شوي، لفلسطين وللسلطة الفلسطينية، يثير الكثير من النقاش والكثير من اللغط حول كيفية صرف مثل هذه الأموال، والبعض يشترط للمساعدة ان يشرف هو شخصيا على صرف هذه الأموال. يعني ما رايك بهذه النقطة وكيف تنظر اليها؟

 

فيصل الحسيني: اعتقد انه اثير كثير من اللغط، وقيل كلام حق احيانا يراد به باطل في الواقع. انا لا اقول باننا انشانا مؤسسة ملائكة. نعم يوجد لدينا اخطاء، ولربما يوجد لدينا اشخاص اساؤوا التصرف في مرحلة معينة. ولكن هذه الحملة الظالمة التي قامت ضد السلطة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني، انا اعتقد انها ضد الشعب الفلسطيني لانها شوهت الحقائق وضخمت العيوب وقزمت المزايا. الان نحن نخوض معركة واضحة جدا. ان كل الشعب الفلسطيني، قيادة وسلطة وبمختلف الفصائل وبمختلف انواعها، من كان مع اوسلو ومن كان ضدها، كلهم يقاتلون سويا، وكلهم قادرون، وكون السلطة حتى الان قادرة ان تدير هذا الامر برغم كل هذا الحصار، هذا يعني ان السلطة كانت قادرة على ان تهيء نفسها لمثل هذه الظروف. طبعا يمكن نحن كفلسطينيين، كنا موجودين في كل مكان، وساهمنا في انشاء مؤسسات وحتى في اعادة بناء دول، واعتقدنا اننا اذا عدنا الى فلسطين وبدانا نحن بناء دولتنا سنصنع المعجزات، باعتبار انه لدينا مثل هذه الخبرة من اماكن عديدة. في الواقع نعم. لدينا مثل هذه الخبرة من اماكن عديدة، ولكن احضرنا هذه الخبرة من تلك الاماكن بميزاتها وعيوبها، ولربما واجهنا وضعا اخر، اننا دخلنا الى سلطة، هي ليست دولة، هي تريد ان تكون دولة، ولكنها لم تصل الى دولة. تريد ان تحكم ارضا، ولكنها لا تسيطر على هذه الارض. تريد ان تنشئ وزارات وادارات جديدة، ولا يوجد دستور، ولا يوجد نظام معين. حتى نمط الحياة لم يكن واضحا عندما دخلنا الى فلسطين. امضينا فترة، يعني اللي بتجربته اللبنانية يريد ان يطبق ما رآه في لبنان، والاتي بتجربته المصرية يريد ان يطبق من مصر، والآتي من تجربته الاوروبية او من روسيا، من الغرب او من الشرق، وبالتالي امضينا فترة كان فيها نوع من الخلل. تفتيش وبحث. وهذه اخذت منا مدة. وطبعا من كان ينقل، كان ينقل كما قلت، الحسنات والسيئات. وفي النهاية نحن جزء من العالم الثالث. الان الوضع، اعتقد انه واضح جدا. اين هو المسير واين نسير. هناك تبرعات تصل. موقف السلطة الفلسطينية لا تشترط ان هذه التبرعات تاتي للسلطة الفلسطينية. ولكن من يقدم تبرعات يجب ان يعلم السلطة الفلسطينية، بان هذه التبرعات نريد ان تذهب الى هذه الجهة، من اجل واحد، إثنين، ثلاثة. وبالتالي تجتمع كل الجهات العاملة في النطاق التعليمي، ومع السلطة الفلسطينية، ومعهم خارطة التعليم، ونقول اين هو النقص. اين يجب ان نصرف هذه الأموال. وبالتالي هذه الأموال كلها تخدم الهدف الاساسي بشكل منظم. وما للتعليم، نفس الشيء للشؤون الاجتماعية. اما ان يترك الامر، ان ياتي شخص ويقول: انا اريد ان اصرف هذه الأموال كما اريد، وبالتالي يدخل ويبدا يبحث هو اين يريد ان يصرف هذه الأموال، قد ينتج عن ذلك انه يصرف امواله باتجاه معين صرف عليه، وان يترك اتجاه اخر لم يصرف عليه احد، او ان جهة معينة يصرف عليها اكثر من طرف، وجهة اخرى لا احد يصلها، او قد يقع ضحية لمن يريد. تحت شعار الشفافية وتحت شعار حماية المال من فساد السلطة، ان يكون هو هذا المتظلم. لهذا السبب نحن اتصلنا مع العديد، وهذا ما فعلناه مع الاخوة في الامارات. المراكز التي افتتحت، افتتحت باشراف السلطة وبدعم السلطة، ولكن ضمن معرفة السلطة اين تذهب هذه الأموال، ومعرفة هؤلاء ما هو راي السلطة، اين يجب ان  تذهب. وبالتالي بدات هذه الأموال تخدم بالفعل هدفها الصحيح دون ان يكون هناك أي نوع من الازدواجية.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني، طبعا سمعت عن نية الحكومة الإسرائيلية اقامة مستوطنة جديدة في القدس وبناء وحدات، 3000 وحدة سكنية في جبل ابو غنيم، يعني هل هي مزيد من المحاولات لتهويد المدينة؟ هل هو افصاح مباشر من شارون عن، افصاح نوايا اتجاه القدس؟ كيف ترى هذا الموضوع؟

 

فيصل الحسيني: هو في الواقع، خلال هذا الصراع على القدس فشلت إسرائيل في ان تدمغ القدس بالطابع اليهودي، وحتى فشلت في ان تنفذ مشروعها بضرب حزام استيطاني حول القدس، وبقيت ثغرات: ثغرة في منطقة جبل ابو غنيم، ثغرة في المنطقة الشرقية، ثغرة في المنطقة الشمالية. وهي تحاول ان تعبئ هذه الثغرات  دائما باستيطان. لاحظت ان الزيادة السكانية لم يتمكنوا من تخفيضها. كانوا يريدون الزيادة السكانية الفلسطينية في القدس، او النسبة السكانية الفلسطينية في القدس شرقا وغربا، لا تتجاوز 20%. عندما دخلوا واحتلوا القدس عام 1967 كانت هذه النسبة 55% وكانت تشكل 55الف فلسطيني - عفوا هي 55الف من اصل 100 الف فلسطيني كانوا موجودين في القدس. للاسف الحرب حصلت في فترة العمل ولم تحدث في فترة الاجازات. وبالتالي ابناءنا كانوا موجودين في الخارج، و لم يتواجد في تلك اللحظة، لحظة الحرب في القدس إلا 55% من أبناء القدس وهم 55 ألف.

زاهي وهبي: وبالتالي الذين كانوا موجودين بالخارج لم يعتبروا مواطنين ولم يتمكنوا من العودة؟

لم يتمكنوا من العودة واعتبرتهم إسرائيل غير موجودين ولا يحق لهم العودة، وأموالهم تصبح تحت سيطرة القائم على أملاك الغائبين أي تحت سيطرة إسرائيل، ولكن نسبتنا بالنسبة للقدس شرقا وغربا كانت 25% خلال هذه الفترة صادرت إسرائيل أراضي وبنت مستوطنات وأدخلت 170 ألف مستوطن في عام 1993 أصبحنا نشكل 180 ألف في القدس الشرقية ونشكل 27% من مجموع القدس شرقاً وغرباً، جنت جنونهم حاولوا أن يقلصوا هذا العدد لانهم وجدوا أن زيادتهم تبقى دون الزيادة السكانية الطبيعية لدينا فقاموا بتطبيق بعض القوانين التي تفترض في الفلسطيني الذي يضطر لأن يبني خارج مدينة القدس يؤدي ذلك إلى فقدانه حقه في هويته وحقه في العودة ويصبح غائبا أو ذلك الذي يعمل خارج البلاد معظم أيام السنة يعتبروه أنه لم يعد من حقه أن يعود إلى المدينة، النية أن يخفضوا النسبة من 27% إلى 20% أو دون ذلك، ما حصل هو العكس، اندفع الفلسطينيون بالعودة إلى هذه المدينة، ارتفع نسبتنا إلى 33% وارتفعت أعدادنا إلى 233 ألف وطبعا بأن العددد هائل والبناء غير متوفر والرخص غير متوفرة الناس بدأت بترميم البلدة القديمة وبترميم المغر والكهوف وبدأوا البناء بدون ترخيص مما أدى إلى أننا احتللنا نتيجة لذلك منذ عام 1993 حتى هذا اليوم رقعة جديدة  من الأرض كانت إسرائيل تعدها للاستيطان، هذا الأمر جعل من الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية خطرا على ما أسموه العاصمة الموحدة لإسرائيل. وهذا دفع باراك ومع الانتفاضة وثورتها إلى أن يبدأ يفكر بأن يتخلص من القدس الشرقية ولكن أراد أن يتخلص من القدس الشرقية كبشر ومناطق تجمع يخرجها خارج حساب العاصمة الإسرائيلية ولكن يريد أن يستولي على أراضي جديدة حول القدس، وبالتالي بدأوا يتحدثوا عن تجمع وتعريض الحزام الاستيطاني في المنطقة الشرقية وهذا الأمر كان منطقه ضعيفا لأنه لا يوجد استيطان هناك أو الاستيطان لم يتمكن من اغلاق هذا الثغرات.

زاهي وهبي: هل هناك خطة لقطع إمكانية التواصل بين القدس وبين بيت لحم حالياً؟

 

فيصل الحسيني: نعم، هناك محاولة من خلال المستوطنة الجديدة ومن خلال توسيع جبل أبو غنيم، أما المستوطنة الجديدة فهي في المنطقة الشرقية ما يسموها بالبوابة الشرقية التي يحاولون أن يفصلوا فيها القدس عن الشرق أي عن أريحا وعن المناطق الأخرى.

زاهي وهبي: فصل بيت لحم من خلال 3000 وحدة سكنية في جبل أبو غنيم؟

نعم، في جبل أبو غنيم.

الآن في المفاوضات كان موقفهم ضعيفاً جداً لأن هذه الأرض غير مبني فيها، عندما سقط

باراك وأتى شارون. بدا شارون انه اولا يريد ان يعيد بناء المحرم الذي حطمه باراك بعرض القدس للعودة للفلسطينيين، وهذا من خلال بناء مستوطنات جديدة في هذا المكان حتى يستطيع في المستقبل ان ياتي ليقول لنا هناك امر واقع لا يمكن ان تعود القدس لكم

 

زاهي وهبي: قبل الحديث عن شارون ونظرته الى هذه المسالة، أستاذ فيصل الحسيني، الى اين وصلت المفاوضات حول القدس؟ الى اي مدى وصلت؟ اين كانت تكمن نقطة الخلاف مع باراك ؟

 

فيصل الحسيني: المفاوضات، فيما يتعلق ليس فقط بالنسبة للقدس، لكل الضفة الغربية والقطاع، في هذه المفاوضات، تم تحطيم عدد من المحرمات. كانت إسرائيل، القدس لا مجال، هي "العاصمة الموحدة والابدية" لإسرائيل، ولا حديث عنها. هم تحدثوا عنها، واضطروا ان يتحدثوا عنها، وسلموا بان الاحياء العربية يجب ان تصبح جزءا من العاصمة الفلسطينية، وهم قفزوا بذلك عن عرض بيلين الذي كان يتحدث عن عاصمة فلسطينية في ابو ديس. لا، العاصمة الفلسطينية في هذه المدينة.

كسر المحرم الثاني في موضوع المستوطنات. عندما تقدم باراك بمشروع او باقتراح بان تفكك كافة المستوطنات في الضفة الغربية باستثناء ثلاثة كتل، وان ينسحبوا من 95% من الارض الفلسطينية. طبعا ال5% المتبقية، هذا شيء خطير جدا. لانه اذا قلنا ان مجموع المستوطنات، المناطق المبنية من المستوطنات في انحاء الضفة الغربية، هي واحد وثمانية بالعشرة من مجموع مساحتها. هو يريد ان يخلي الضفة والاغوار، وبالتالي سيتبقى معه واحد واثنين بالعشرة من هذه المستوطنات. اذا طالب ب5% زيادة معنى ذلك انه سيزيد حجم هذه المستوطنات، او الكتل الاستيطانية، من واحد واثنين بالعشرة الى 5%، او ثلاثة وثمانية بالعشرة زيادة. ثلاثة اضعاف ما هو موجود حاليا. هذه ستكون كارثة، خاصة في القدس، لان معنى ذلك ان هذه المستوطنات ستغلق وستحيط بالقدس. طبعا في داخل القدس اخترعوا شيء اسمه "الحوض المقدس" حتى يقسموا القدس من داخلها الى قسمين. ولكن المحرم سقط.

المحرم الاخر الذي سقط، هو عندما كانت تقول إسرائيل ان الحدود الامنية لإسرائيل هي نهر الاردن، بمعنى انهم كانوا يتحدثون عن دولة فلسطينية ولكن حدودها محكومة من داخل إسرائيل هذا سقط ايضا. الان كما قلت لك بالنسبة للقدس قرروا ان ينسحبوا من هذه المناطق ولكن ان يبقوا انفسهم محيطين بنا، اي يجعلوا من القدس وكانها برلين الغربية

 

زاهي وهبي: هناك مقولة وراي عند كثيرين من المتابعين للموضوع، تقول ان اقصى ما يمكن لإسرائيل ان تتنازل فيه بموضوع القدس وان تقدمه هو ما قدم في كامب ديفيد، ماقدمه باراك في كامب ديفيد. ماريك؟ وانه لو قبل الفلسطينيون بما قدمه باراك، لكان الموضوع اليوم مختلف؟

 

فيصل الحسيني: غير صحيح، لان المعنى لعاصمة فلسطينية، تكون موجودة ضمن هذا المحيط الإسرائيلي، بحيث اننا في بعض المناطق لكي لنصل الى العاصمة الفلسطينية يجب ان نمر من شريط هو الاسفلت فقط المحاط من الجانبين بمواقع إسرائيلية. وبالتالي عنق زجاجة لا يتجاوز ال60متر هو عرض الشارع. من يقبل ان تكون عاصمته بهذا الشكل؟ ومن يقبل بان يسمح لإسرائيل بان تبني في فترة السلام اربعة اضعاف ما بنته حول القدس في فترة الحرب؟ ومن يقول ان دولة تنسب وتريد ان تعطي دولة بجانبها حقوقا ان عليها ان تقوم بهذا الامر، لا. نحن قلنا للإسرائيلين اي اتفاقية يجب ان تكون مرتبطة اساسا بالشرعية الدولية، وحدود الرابع من حزيران هي الحدود ما بيننا وبينكم. سألوا لماذا حدود الرابع من حزيران. قلنا لهم ان هذه الحدود لم تكن في يوم من الايام الحلم الفلسطيني، وهي قطعا ليست الحلم الإسرائيلي. اذا اعطيت لي فرصة لاحرك هذه الحدود، فساحركها غربا، وان حركتها غربا، من يستطيع ان يقول لي ان ما وراء هذه الحدود ليس فلسطينيا؟ من يستطيع ان يقول ان القدس الغربية باحيائها: القطمون، لفتة، عين كارم، شعفاط، البقعة الفوقة، والبقعة التحته، من يستطيع ان يقول لك ان هذه ليست فلسطينية. واذا حركناها الى هناك من يستطيع ان يقول لي ان اللد والرملة ليست فلسطينية؟ وان يافا ليست فلسطينية؟ اذا انا ترك لي ان احرك الحدود ساحركها حتى البحر. واذا تركنا الامر للإسرائيليين ان يحركوا الحدود، سيقولوا لنا: الضفة الغربية هذه يهودا والسامرة، وفيها تاريخنا، وبالتالي سيصلوا ربما الى وراء النهر، لربما يصلوا الى إسرائيل الكبرى، الى إسرائيل ما بين النيل والفرات. لهذا السبب، قلنا لهم: دعونا نتبنى هذه الحدود التي لم نضعهـا، لا نحن ولا أنتـم، الظروف وضعتها، وجميع العالـم يعترف بهـذه الحدود.

 

زاهي وهبي: ما كان ردهم

 

فيصل الحسيني: قالوا: لا، لدينا مصالح. قلنا: عظيم جدا. قل بان هذه هي الحدود، ثم بعد ذلك نجلس ونبحث ما هي المشاكل التي يمكن ان تنجم عن مثل هذه الحدود. على سبيل المثال: هم يقولون ان لهم مناطق يريدوا ضمها اليهم، لانهم يريدوا خطا مستقيما يصل القدس بتل ابيب. ارد عليهم: وانا اريد خطا مستقيما يصل القدس ببيت لحم. اذا نعدل حدود هناك ونعدل حدود هنا بحيث ان نحصل كلانا على هذا الموضوع. هم يريدون اتصالا ببعض المستوطنات او ابقاء بعض المستوطنات في الضفة الغربية. عظيم جدا. انا ايضا لي قرى، ولي اماكن في القدس الغربية، هي ايضا ممتلكاتي، وغير مبني فيها، والإسرائيليون يخططوا لان يبنوا فيها احياء في المستقبل. تريد ان تحتفظ بحي يهودي في القدس الشرقية، دعني أبني مقابله حيا عربيا في القدس الغربية. بهذا الشكل يمكن ان نصل الى حل يؤدي الى قدس مفتوحة، ولكن فيها عاصمتين: عاصمة فلسطينية في الشرقية، وعاصمة إسرائيلية في الغربية. هذا الامر كان يحتاج الى مزيد من الضغط، الى مزيد من افهام الطرف الإسرائيلي ماذا يعني ذلك. واعتقد ان طرحا بهذا الشكل، كان قد بدا ياخذ خطوات الى الامام واعترف الإسرائيليون، باخر لحظة، انه نعم، الحدود بيننا وبينكم هي الرابع من حزيران، ولكن نريد تبادلا في الااضي. ولكن يريدوا ان ياخذوا منا 5-6-7% ويعطونا بدلا منها 3%. ان يأخذو في القدس، وان يعطونا في النقب.

 

زاهي وهبي: وهنا تعثرت الأمور.  لهذا السبب؟ بالنسبة لشارون هناك امر يقول، ان شارون يمكن ان يتنازل في اي مكان ما عدا القدس، لانه يطرح شعار انها العاصمة الابدية الموحدة. وبناء عليه انتخب وقدم للإسرائيليين وعود في هذا المجال، وبالتالي، الامر، موضوع القدس هو الآن أصعب وهو أكثر تعقيدا.

 

فيصل الحسيني: أكثر شخص يعرف بان القدس مسها، لانه هو الذي فجر شرارة الانتفاضة بدخوله الى المسجد الاقصى. وبالتالي هو يريد ان يخوض معنا معركة دموية. هو يريد الان ان يبني مجددا في القدس، ان يغير الجغرافيا والديمغرافية في القدس، ليثبت وجهة نظره، بانه لا يستطيع ان يتنازل عن القدس. هذا الامر لن يناله. وشارون تقدم بشعارا امنيا وراءه مشروعا سياسيا، من ضمنه الا تصبح القدس الشرقية. لن نسمح له بان ينجح امنيا

 

 

 

زاهي وهبي: كيف لا نسمح له؟ لو سمحت أستاذ فيصل

 

فيصل الحسيني: لا نسمح له بان ينجح امنيا، لان هذه الانتفاضة قامت من اجل الاستقلال وستستمر. سنستمر في قتالنا، لكن نامل من الدول العربية في مؤتمر القمة، الجالسين في مؤتمر القمة، ان كنا نحن سنقاتل من اجل افشاله امنيا، عليهم هم ان يقاتلوا معنا من اجل افشاله سياسيا.

 

زاهي وهبي: ما رايك بالمقولة الدائمة التي تتكرر مع كل حكومة إسرائيلية جديدة، انه لنعطي مهلة، لنعطي وقت لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لنرى، نختبر نواياه. دائما يطرح هذا الشعار ؟

 

فيصل الحسيني: دائما كان يطرح هذا الشعار. لانه كل رئيس جديد كان ياتي، يقول انا ساعطي اكثر مما كان قبلي. الا شارون الاتي بشكل صريح. يقول انا ساعطي اقل مما اعطى من هو قبلي. على اي اسس نعطي فرصة؟ هذا جنون. عبثية.

 

زاهي وهبي: اذا لا مجال عن وقف الانتفاضة او ما يطرحة الإسرائيليون حاليا؟

 

اطلاقا. اطلاقا. لا مجال لوقف الانتفاضة. لان هذه الانتفاضة ليست انتفضة احتجاجية. هي تحرك من اجل الاستقلال

 

زاهي وهبي: ما هو الافق امام هذه الانتفاضة؟ يعني ما هو افق الانتفاضة، اذا كانت الانتفاضة الاولى ادت الى اوسلو، الانتفاضة الحالية إلى أين؟

 

فيصل الحسيني: اولا: الانتفاضة الحالية ادت الى تحطيم محرمات إسرائيلية. التي ذكرت. ولكن مع استمرارها نريد تاكيد تحطيم هذه المحرمات. ثم ان نغير التفكير الإسرائيلي، انه ما من حل الا بوجود دولتين مستقلتين: دولة فلسطينية بجانبها دولة إسرائيلية. وان يكون الفصل واضح وشامل بين الاثنين. قد نفكر، بان القدس بحد ذاتها، قد يكون فيها هذه الحدود المفتوحة ما بين القسمين. الإسرائيلين الان يتحدثون عن هذا الامر، ولكن يريدون ان تكون القدس مفتوحة لهم، ولكن القدس الغربية. القدس الشرقية مفتوحة لهم والقدس الغربية مغلقة علينا. نحن نقول: لا، اذا كانت القدس مفتوحة، فهي مفتوة بالاتجاهين

 

زاهي وهبي: رائج هذه الايام استعمال مصطلح "اعمال العنف" في الحقيقة عن الانتفاضة وعن وقف اعمال العنف، لسوء الحظ انه حتى الاعلام العربي، بعض الاعلام العربي، يستخدم هذا التعبير. ما هو ردك على هذا المصطلح؟ مصطلح اعمال العنف. الانتفاضة الاولى دخلت في الإعلام حتى أصبحت كلمة الانتفاضة مصطلح يستخدم حتى في الإنجليزية.

 

فيصل الحسيني: هذا صحيح. اولا، الجرار- البلدوزر_ الذي يهدم بيتا، هذا عنف. الذي يحرث ارضا او يقطلع شارعا هو عنف. مصادرة الاراضي، مصادرة هوية الانسان الذي يعيش في القدس واجباره على ان يخرج خارج المدينة وان يفقد ممتلكاته، هذا عنف. ناهيك عن المدفعية وكل ما يستخدمونه. وبالتالي ان يعادلوا ما بين العنف الإسرائيلي والعنف الفلسطيني امر غير معقول. ولكن الاعلام الإسرائيلي والاعلام الغربي نجح في التركيز على بعض القضايا. انت تذكر في الانتفاضة الاولى، كان لنا وضع اتاح لنا بان ننهك ونرهق الجيش الإسرائيلي من خلال سياسة معينة، ومن خلال منهجية معينة. هذه المنهجية كانت تهدف، ونجحت في ذلك، استخدام الحجر، والا نخرج عن مستوى الحجر في تلك الفترة. نجحنا في ان نحيد في معركتنا، بيننا وبين الإسرائيليين، القنبلة النووية، الطائرة الفانتوم، الطائرة الهليكوبتر، المدفعية، الدبابات، المدافع الثقيلة، الخفيفة، المتوسطة، الرشاشات كلها، واجبرناهم ان يتعاملوا معنا بالبندقية طلقة طلقة، واحيانا طلقات مطاطية، وبقنبلة الغاز، وفي بعض الاحيان بالحجارة. عد الى صور الانتفاضة، ستجد الجنود الاسرائييون ينحنون على الارض، يحملوا حجارة ويقذفوها علينا. هذا الامر ادى الى اننا اجبرنا الإسرائيليين على ان يستخدموا اكبر عدد من الجنود بادنى مستوى من السلاح والتكنولوجيا. وبالتالي حولنا اكثر جيش متطور تكنولوجيا في المنطقة الى جيش بدائي. هذا ادى في النهاية الى ان الإسرائيليون قرروا ان ينسحبوا من هذه المدن التي تحولهم الى هذا الشيء. وهذا كان الانجاز، جزء منه حقق من خلال أوسلو. انا لا اقول انها هي. اوسلو في ايجابياتها هي تحقيق لنتائج الانتفاضة وفي سلبياتها هي نتائج حرب الخليج

 

زاهي وهبي: يعني ترمـي عـن كتـف أو عـن كاهل السلطة الفلسطينية أو المفاوض الفلسطيني أي سلبيات؟

 

فيصل الحسيني: انا اقول بهذا الموضوع: انه كان هناك اجتهادات. انا شخصيا، لما كنا في واشنطن، كان اجتهادنا اننا لا يمكن ان نصل اتفاق مع الإسرائيليين الا بوقف الاستيطان والا بموافقتهم على خطوط الرابع من حزيران. وكان هناك اجتهاد اخر في اوسلو يقول: دعونا ندخل، ولنحاول ان نتحرك هناك، والقدس نؤجلها، لاننا سنستطيع عندها ان نتفاوض على القدس من رام الله بدلا من ان نتفاوض على القدس من تونس. اجتهادين. الذي طبق هو الاجتهاد الاخر. اذكر في تلك الفترة، انا توجهت الى تونس، استدعيت هناك، وعرض علي الاتفاق، اتفاق اوسلو. نظرت الى هذا الاتفاق وسالتهم: هل هذا اتفاق نهائي؟ قالوا: نعم، نهائي. وقع، وقع. لا يمكن تغيره، لا يمكن تغيره .

 

زاهي وهبي: شو كنت بتحب تغير؟ قبل ما تكفيلي أستاذ فيصل، يعني لو كان ممكن تغيره، شو كنت بتغير باتفاق اوسلو؟

 

لو كنا قادرين في تلك الفترة، وكلمة "لو" تفتح عمل الشيطان كما يقولون. كنا سنصر على الا تقسم فلسطين الى منطقة أ وب وج. منطقة محتلة إسرائيلية ومنطقة تسلم للفلسطينيين. اما ان نترك بينهما مناطق هي ليست،

زاهي وهبي: رمادية؟

 

فيصل الحسيني: رمادية. هذا كان الخطا. كنا سنحرص منذ البداية ان يكون هناك تواصل ما بين المدن الفلسطينية. لم يتم ذلك. هكذا وصلوا، هكذا موازين القوى في تلك الفترة. لهذا السبب انا عندما اطلعت على هذا الموضوع, قررت العودة الى فلسطين مباشرة، وبدات جولة في القرى والمدن الفلسطينية، وقلت ثلاثة اشياء في هذه الجولات: الاولى قلت فيها: "بعد فترة طويلة من الحمل، رزقنا بطفل، اصغر مما كنا نتوقع، اقل جمالا مما كنا نتوقع، اضعف مما كنا نتوقع، لكنه ابننا، علينا ان نرعاه حتى يصبح قادرا على الوقوف على قدميه، ونطور ونقاتل من اجله." الناحية الثانية، قلت، وهذا الكلام كان موجه الى اخوتنا في الخارج: "نحن هم بداية هذا القرن". نحن الفلسطينيون هم الصهيونيين بداية هذا القرن، الذين أتوا الى بلادنا تحت مختلف انواع الاعلام، تحت مختلف انواع جوازات السفر، تحملوا الكثير من اجل ان يزرعوا نفسهم في الارض، علينا ان نعود لنزرع انفسنا بالارض، بغض النظر عن طريقة الدخول. انا لا اخجل ان احصل على اذن الدخول من اي جهة بما فيها السفارة الإسرائيلية ما دام ذلك سيهيء لي العودة الى فلسطين."

اما الموضوع الثالث، وهنا الاهم، قلت: "انه عندما فشلت الجيوش اليونانية في اقتحام طروادة ودخلت الامراض والخلافات في صفوفها، بدات تنسحب جيشا وراء الاخر، حتى لم يبق امام اسوار طروادة الا جيش الملك ميناس، صاحب القضية. وحتى هذا الجيش دخلته الخلافات وفشل في اقتحام الاسوار، الى ان صحى الطرواديون ذات يوم، وصعدوا على الاسوار فلم يجدوا امامهم من اثار الجيوش اليونانية، الا ذلك الحصان الخشبي الذي يمثل شعار اليونان. اعتقدوا ان الجيوش هزمت، وان الجيش اليوناني هزم، واحتفلوا بذلك بادخال الحصان الى الاسوار، ولم ينتبهوا الى ان الجيش اليوناني في بطن الحصان. لو لم تقتنع في تلك الفترة، وبعد حرب الخليج،

 

زاهي وهبي: من هو الحصان؟

 

فيصل الحسيني: انا قادم الى ذلك ، لو لم تقتنع إسرائيل والولايات المتحدة انه لم يتبقى من الحركة الوطنية الفلسطينية والحركة القومية العربية الا ذلك الحصان الخشبي، المسمى منظمة التحرير الفلسطينية، لما ادخلوه الى الاسوار. وحيث اننا نريد ان نبني، لان هذه بلدنا، لا نهدم كما فعل الطرواديون،  قلت لهم:

"اقول لكم، أن ادخلوا بطن الحصان

لا تسالوا نوع الخشب

لا تسالوا ان ناله العطب

ادخلوا بطن الحصان

ولنجعل من دخول الحصان بداية العمل

 لا تجعلوا منه نهاية الامل.

ودخل الكثيرون بطن الحصان بعد ذلك.

 

انا اطلقت نداء اخر بعد ثلاثة سنوات. قلت: قبل ثلاثة سنوات دخلنا بطن الحصان. وأصبح الحصان داخل الاسوار، الان اقول لكم:

انزلوا من بطن الحصان... انزلوا من بطن الحصان. نحن لم ندخل لنبقى في بطن الحصان، ولكن دخلنا بالحصان كوسيلة، وهذه الانتفاضة هي النزول من بطن الحصان.

 

زاهي وهبي: الى اي حد ترى امكانية للتفاوض مع شارون؟ يعني تاريخه لا يحتاج الى الكثير للتدليل عن طبيعته وطبيعة سياساته. هو القائل بان العربي الجيد او العربي الطيب هو العربي الميت، وان حدود إسرائيل حيث تقف الدبابة. هل ترى افق لاي عملية تفاوض مع شارون؟

 

فيصل الحسيني: انا لا انظر فقط لشارون بتاريخه. انظر لشارون بمشروعه السياسي. بهذا المشروع السياسي القادم به شارون، ومع تاريخه، لا يمكن التفاوض معه. والاهم من تاريخه، هو مشروعه. اذا اتاني شارون، وغير هذه القناعات، واتاني بتصور جديد، على الاقل اذا وافق على ان يقول انا مستعد لان ابدا معكم من حيث انتهيتم مع باراك، لانه يعرف، نحن رفضنا هذا القادم به باراك، لانه لا يكفي، مش لانه مرفوض كل شيء قيل فيه، ولكن لانه لا يكفي، لانه اقل مما يتناسب او يصل الى الشرعية الدولية. بهذه الحالة يمكن ان نفاوضه. هذه الحالة الوحيدة التي يمكن لنا نجلس فيها على طاولة المفاوضات مع هذه الحكومة ان يبدؤا معنا من حيث انتهوا في السابق. عدا عن ذلك، هذه الحكومة لا يمكن لها بان تنجح سياسيا او امنيا

 

زاهي وهبي: بعض المتفائلين في النظر الى الأمور  يقولون انه احيانا جنرالات الحرب اقدر على صنع السلام؟ هل ينطبق على شارون؟ واحيانا الواحد يسال السؤال وهو غير مقتنع  بحذافيره. هـل ينطبق على شارون ما كان ينطبق على رابين او على باراك او سواهما  مـن الجنرالات؟

 

فيصل الحسيني: نحن لا نتحدث هنا عن الغيب. مما نراه، لا. ولكن، بماذا يمكن ان ياتي؟ هناك يبقى هذا الاحتمال الضئيل. ولكننا لا نراهن على هذا الاحتمال، ولا نسمح لانفسنا ان نقول دعونا نجرب. لا، هو اذا تغير لن تغيره الا التجربة. لن يتغير وحده، تغيره التجربة، تغيره المقاومة، يغيره الصمود. هذا ما يمكن ان يغيره. اما ان يتغير هو بنسفه، بان يصبح ذو فكر مختلف او بان يغيره اسقاط هذه الحكومة لتأتي حكومة اخرى،

 

زاهي وهبي: كم تتوقع ان يكون عمر حكومة شارون؟ طويلا ام قصيرا؟ كان هناك تكهنات كثيرة بان هذه الحكومة لن تعمر طويلا؟

 

فيصل الحسيني: هي بين ثلاثة الى ستة اشهر، ان كان العمل الفلسطيني والعربي بالمستوى المطلوب، وسنة في اقصى تقدير.

 

زاهي وهبي: أستاذ، كنت عم بتقولي، قبل الاستراحة، انه استطاع الحجر الفلسطيني في فترة من الفترات ان يعطل التكنولوجيا الإسرائيلية في الانتفاضة الاولى. في الانتفاضة الثانية اختلف الامر ودخل السلاح الفلسطيني الى المواجهة؟

 

الحقيقة هنا كان الظرف مختلفا. في الانتفاضة الاولى، كنا ننزل الى الشارع، نجد جيش الاحتلال امامنا، نشتبك معه. نشتبك معه في شارعنا، على ابواب بيوتنا، في داخل بيوتنا، ونحن ذاهبون الى مدارسنا، عائدون من مدارسنا اشتباك. هناك في هذه الانتفاضة، الإسرائيليين انسحبوا من مدننا، وبالتالي حتى اشتبك مع الإسرائيليين، كان علي ان اخرج من المدينة الى الخارج، حتى اصادمهم الى الحواجز، الى المتاريس، متاريس القوات الاسرلئيلي. وبالتالي هم استخدموا معنا نوع من العنف دفع البعض لان يبدا مبكرا باستخدام السلاح الناري. وبالتالي اطلاق النار، اعطى الفرصة للإسرائيليين لان يستخدموه. اطلقت انا رصاص المسدس رد هو برشاش. استخدمت انا رشاش رد علي بالدبابة وبالمدفع والخ. وكلفنا خسائر. نحن وصلنا الى نتيجة بان هذه كلها وسائل قتالية، وسائل الضرب. ولكن نقول: محظور اطلاق الرصاص حيثما توجد الجماهير. لتخرج الجماهير وتواجه ولا اطلق الرصاص من بين البيوت حتى اعرضها لقصف المدفعية من المستوطنات. لكن على هذه البندقية ان تتواجد في مكان اخر: كمائن على الطرق، في مواجهة اشياء من هذا النوع، مهاجمة المواقع العسكرية بدون الجماهير. اما اذا الجماهير خارجة لتتظاهر، والمواجهة تجرد الإسرائيلي من بندقيته، ولن تجردها الا اذا انت لم ترفق بدقيتك. اما في مناطق اخرى، اذا هاجمت هذا الحاجز، اذا اردت ان اواجهه لاهاجمه بعملية عسكرية. اذا اتت الجماهير، اذا عملية عسكرية ممنوع ان الجماهير يخرجوا بمظاهرة، وإذا كـان هناك مظاهـرة ممنوع أن يكـون في عمل عسكري.

 

زاهي وهبي: يعني الفصل بين الكفاح المسلح العسكري وبين الكفاح الشعبي، بالحجر وبالهتاف وبالتظاهر. هناك دعوات، أستاذ فيصل الحسيني، تقول بتعميم او نقل التجربة اللبنانية في الجنوب اللبناني، تجربة المقاومة وانتصارها ودحر الاحتلال من الجنوب الى فلسطين. برايك الى اي حد الظروف ممكنه لمثل هذا الامر؟

 

فيصل الحسيني: في هناك خصوصيات. يعني موجود، فرضا في لبنان، وراء الجنوب كانت الحكومة اللبنانية والتواصل اللبناني السوري

زاهي وهبي: العمق الجغرافي والسياسي موجود؟

 

فيصل الحسيني موجود. هذا غير متاح لنا. مدننا محاصرة. البعد الجغرافي، بهذا المعنى غير فاعل. ورائي الاردن، معاهدة سياسية، مصر بمعاهدة سياسية، المسافة ما بين الحدود المصرية والمدن الفلسطينية هي صحراء شاسعة. هناك ظروف معينة. ولكن المبدأ هو المهم. مبدا ان علي ان اقاتل الإسرائيليين بكافة الوسائل المتاحة ضمن نظرية بسيطة: ان الحرب هي الجانب العنيف من السياسة، وان اي عملية عسكرية يقاس نجاحها او فشلها بمدى تحقيقها هدفها السياسي. اذا علي ان استخدم كافة الوسائل. استخدمت المظاهرة اذا كانت هي نستخدم سلاح المقاطعة، نستخدم ايضا الرد على الإسرائيليين بنفس سلاحهم اذا هم اجبرونا على ذلك. ولكن استخدمه فقط طالما إني أرى انه يحقق هدفه السياسي

 

زاهي وهبي: كم ساهم الانتصار اللبناني على إسرائيل، يمكن، في شحن هذه الانتفاضة وفي ازدياد الأمل الفلسطيني بالتحرر والتحرير؟

 

فيصل الحسيني: لا شك انه اثر كثيرا واعطى معنويات للانسان الفلسطيني بانه نعم استطيع ان اكرر واستطيع ان انهض مرة اخرى واستطيع ان اواجه. هذا الامر، حقيقة دعم وجذر اكثر، الراي الفلسطيني من البدايات، الذي قال ان سنة 1967 كانت هي نهاية القدرة الإسرائيلية على الاحتلال. اذكر انه في عام 1967 عندما احتلت إسرائيل سيناء تركت موقعا معينا اسمه راس العش في شمال قناة السويس لم تحتله. بعد عدة اسابيع قررت ان تحتل راس العش وتقدمت القوات الإسرائيلية لتحتله وقرر المصريون انه لن يستسلموا وفشل الهجوم الإسرائيلي وبقي راس العش نقطة انطلاق مصرية حتى حرب عام 1973. معركة الكرامة كانت هي النموذج الثاني في عام 1968. بعد اقل من سنة من الحرب كانت معركة الكرامة التي اثبتت هناك ايضا بان الجيش الإسرائيلي لا يستطيع ان يتمدد. سوريا اثبتت ذلك في عام 1973 عندما صدت القوات الإسرائيلية ودحرتها الى الخلف وابعدتها عن دمشق بعد ان كانت قد تقدمت في حرب 73. الاسماعيلية كانت نموذج اخر، مرة اخرى في مصر. في لبنان، إسرائيل احتلت بيروت ثم اضطرت ان تترك بيروت مهرولة. ثم مرة اخرى تركت الجنوب وهي تجر اذيال الهزيمة، ومرة ثالثة كانت في انسحابهم من الشريط الحدودي. هذه النماذج، اذا اضفنا اليها صورة الانتفاضة الاولى التي اثبتت اننا نحن كشعب حتى بوسائلنا البدائية نستطيع ان نثبت لهذا الكيان بانه لا يستطيع، وبان طاقاته على القمع وقدراته على الاحتلال انتهت، كلها تجمعت لترى هذه الانتفاضة الجديدة.

 

زاهي وهبي: احد زملائي الصحفيين، ومن احد كبار الصحافيين اللبنانيين، عندما عرف اني راح تتسنى لي فرصة اللقاء بحضرتك، أستاذ فيصل الحسيني، تمنى مني على حضرتك ان ترسم لنا خريطة للقدس الشرقية والقدس الغربية. كثير من المشاهدين، من القراء، نسمع عن القدس وعن الاحياء، لو تعطيني فكرة، تفسر لي ما هي، بماذا نحن نطالب كعرب وكفلسطينيين الان؟ ما هي القدس بالنسبة لنا؟ جغرافيا نسمع عن البلدية، عن القدس ضمن الاسوار، عن القدس الكبرى، واحيانا لا نفهم كثيرا. على ماذا تدل بالجغرافيا؟ يا ليت كان عندي خارطة حتى تشرحلي على الخريطة؟

 

فيصل الحسيني: هو الحاصل هكذا: ان القدس تقع في وسط فلسطين، وتقع حاليا. بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، كانت القدس هي المنطقة التي تشكل عملية الربط ما بين شمال فلسطين وجنوب فلسطين. ما وراء ذلك هي مناطق جبلية وصحراوية من الصعب التنقل بواسطتها. وبالتالي اصبحت القدس هي الممر الوحيد الذي يصل شمال الضفة الغربية بجنوبها. عندما اتت إسرائيل وبنت هذه المستوطنات حول القدس كرست هذا الوضع، وجعلت من القدس الشرقية الممر الذي يقوم بهذا العمل. لا، المستوكنات الإسرائيلية اغلقت حتى الممرات الاخرى. من هنا نقول ان اي محاولة للاستيلاء على القدس، اولا تؤدي الى فصل جنوبي الضفة الغربية عن شمالها. هذا الاول. والثاني ان القدس، كقدس كاملة، عندما استولت إسرائيل على الجزء الاكثر تطورا من هذه المدينة، استولت على مدينة ضمتها واعتبرتها عاصمة لها، 70% من ممتلكاتها فلسطينية. ولكن الجزء الذي بقى معنا هو جزء يضم المسجد الاقصى وكنيسة القيامة والبلدة القديمة، وهي ماوى افئدة الناس في العالم كله. النظرة اليها دائما، المجيء اليها، التعامل معها. وبالتالي نستطيع ان نقول ان القدس لنا كفلسطينيين- لم يعط لنا سبحانه وتعالى بترولا ولا اي نوع من المناجم والمعادن، ذهب وسواه، اعطانا القدس، منجم الذهب وهي بئر البترول الفلسطيني. ومن هنا محاولة سلبنا هذه المدينة. لا يبقي لفلسطين قيمة اذا كانت القدس غير موجودة. لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الدينية ولا من الناحية الاجتماعية، القدس دائما هي العاصمة الروحية والعاصمة السياسية والعاصمة الاجتماعية والعاصمة الاقتصادية والعاصمة التاريخية والعاصمة التجارية، لانها هي ملتقى الطرق. لهذا السبب نحن نقول دائما ان محاولة استيلاء إسرائيل على القدس الشرقية او ان يخرجوها من النطاق الفلسطيني هو أمر قاتل لمسببات او لمبررات وجود دولة فلسطينية

 

زاهي وهبي: نسمع احيانا مصطلح "ميتربوليتن جيروزاليم" شو المقصود بهذا المصطلح؟ وماذا تهدف إسرائيل من وراؤه؟

 

في الواقع عندما قام البريطانيون برسم خارطة للقدس وارادو ان يضعوا حلا، ارادو ان يكون هناك دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، ثم رسموا القدس كمنطقة مستقلة: "كوربس سباراتوم". هذا امتد ليشمل اوسع من بلدية القدس. في بعض الاحيان، في امتداده الاخر، هو يشمل اوسع من محافظة القدس. وبالتالي في مرحلة معينة اراد الاسرائيليون ان ياخذوا هذه الخارطة، ان يوسعوها، ويجعلوها تنفذ من قبلهم، وبالتالي ان يملؤوها مستعمرات، وان يحصرونا في الوسط. وهذا ما لم يتمكنوا من تحقيقه خلال ال33 سنة الماضية.

 

زاهي وهبي: هل ترى، أستاذ فيصل الحسيني، اختلافا في الموقف الاميريكي من موضوع القدس، خصوصا بعـد تصريحات وزير الخارجية بـأنها "عاصمة" لإسرائيـل، هـل يختلـف موقف الإدارتين؟

 

لا. هو ما اخافه، هو حتى الان على الورق ورسميا لم يغيروا موقفهم. لكن بهذه التسريبات وكانهم يهيئون الاجواء لتغيير هذا الموقف. ومن هنا المفروض ان يكون هناك توجها مباشر والزام الولايات المتحدة ان تعيد وتكرر ما هو موقفها الرسمي، وان نجعل هذا الموقف مرسخا في اذهان الاوروبيين والامريكيين والعرب. انا لست مع هؤلاء الذين يولولون في كل مرة، بقدر ما انا لا اولول، ولكني احتج واطلب من الولايات المتحدة ان تعدل موقفها. موقف الولايات المتحدة معلن رسميا بانهم موافقين على نقل السفارة الامريكية الى القدس بعد ان تتم العملية السياسية. هناك اتفاقا فلسطينيا، ما لا نريد قوله انه مفروض ان يقولوا نحن سنفتح سفارتين. سفارة في القدس الشرقية وسفارة في القدس الغربية. طبعا هذا القرار لم يتخذ من قبلهم. وبالتالي هم يقولون موقفنا لم يتغير، والقرار بنقل السفارة موجود، ولكن ذلك يعتمد على نتائج المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

 

زاهي وهبي: ما هو تفسيرك بالحفاوة الأمريكية لاستقبال شارون؟

 

لا اريد ان اتحدث عن شارون بالذات، ولكن نحن تعلمنا من مواقف الولايات المتحدة الامريكية، بانها تاخذ الاعلان السياسي الإسرائيلي وتتبنتاه كاملا اكثر من إسرائيل نفسها. وهذا الامر المؤسف هو الذي افشل الكثير من الخطوات السياسية. هو الذي افشل الكثير من المشاريع الامريكية. هم يبدؤوا من الموقف الإسرائيلي ويحاولوا ان يعكسوا صورته علينا. فيما يتعلق بموضوع شارون، يبدو ان هناك قوى اخرى بجانب شارون، يعني شمعون بيرس يحاول ان يسوق حكومة شارون امام الولايات المتحدة. لم يزعجني كثيرا، او لم افاجىء بالموقف الاميريكي، ولكني سافاجىء وساكون منزعجا، انا واي فلسطيني اخر، ان كان شيئا من ذلك امتد الى اي دولة عربية

 

زاهي وهبي: قرار سحب السي اي ايه يعني المخابرات المركزية الامريكية من عملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما هو تفسيرك له؟ لخلفياته؟ وهـل هو مؤشر ايجابي ام مؤشر سلبي برأيك؟

لا. هي الولايات المتحدة تريد ان تتركنا نحن والإسرائيليين نصطدم.

زاهي وهبي: وجها لوجه؟

...وجها لوجه، حتى بدون ذلك الشاهد، حتى الشاهد الميال لإسرائيل لا يريدون أن يكون موجودا. يبدو الان من وجهة نظري، انا افسر ذلك بانه لمصلحة إسرائيل. نعم إسرائيل تريد ان تخوض معنا معركة مفتوحة. لا تريد ان يكون هناك حتى شاهدا صديقا لها موجود. لانه بقاء الوجود الاميريكي في هذه اللجنة يشكل عقبة امام إسرائيل لتنفيذ كثير من خطواتها. لانه كنا ناتي ونقول للمندوب الاميريكي: هذه هي الساحة انظر هذا هو ما حصل، شغلة واضحة.

 

زاهي وهبي: بدهم  يغمضوا عيونهم عن ما يجري لتبني وجهة النظر الإسرائيلية بالمطلق؟

 

لتبني وجة النظر الاميريكية او اعطاء فرصة. هنا تاتي اعطاء فرصة لشارون لينفذ ما يريد ويجرب قدراته. هو يقول لهم: اسمعوا اتركوني انا والفلسطينيين، يعني ما تتمكم تراقبوني. اتركوني  انا بتصرف معهم. انا اعرفهم انا سانجز القضية معهم. يبدو بقولوا له: جرب.

 

زاهي وهبي: هل تتوقع مزيد من العنف الإسرائيلي في التعامل؟

 

قطعا. لانه يريد ان يبدا، وسيبدا في القدس. ولا نستطيع في القدس الا نرد. في القدس سنواجهه بكل ما لدينا.

 

زاهي وهبي: كيف تستعد السلطة الفلسطينية؟ كيف تستعد لمثل هذا الاحتمال؟

 

دعني اقول ماذا فعلنا في السابق. لانني لا اريد ان اقول. في السابق قاتلناه، واجهنا. كانت هذه الشرارة من القدس، واندفعت في كل مكان. اذأ يريد ان يفعل ذلك، ستكون شرارة مجددة في القدس وقد تكون بأدوات وأساليب مختلفة هذه المرة.

 

زاهي وهبي: حضرتك عم بتطلب من العرب عدم الجلوس مع الإسرائيليين وعدم اعطاء مهلة للإسرائيليين، وفي نفس الوقت حضرتكم كفلسطينيين وكسياسيين وكمفاوضين تجلسوا مع الإسرائيليين. قد يقول قائل لماذا تحرمون على سواكم ما لا تحرمون على أنفسكم؟

 

نحن في حالة اشتباك مع الإسرائيليين، فرض علينا نوع من الاشتباك، نوع من الارتباط. نحن في احشائهم وهم في احشاءنا كما يقولون. ونحن نحاول ان نفك هذا الارتباط. وبالتالي نحن نجلس معهم لنفك هذا الارتباط. لا يستطيع احد ان يستخدم هذا الامر كمظلة ليجلس مع الإسرائيليين، ليشكل ارتباطا معهم. هناك حركة ديناميكية مختلفة تماما ما بين جلوسنا مع الإسرائيليين لفك الارتباط وجلوس الدول العربية مع الإسرائيليين سيؤدي لمزيد من الارتباط

 

زاهي وهبي: اين اصبح ملف حق العودة؟ الملف الذي لا يخص الفلسطينيين وحدهم، انما يخص الكثير من البلدان العربية التي يتواجد فيها الفلسطينيين؟

 

صحيح، هذا حقيقي. اذا قلنا ان محرمات سقطت، كالقدس والحدود والامن والمستوطنات، من قبل الإسرائيليين، فهذا المحرم الإسرائيلي اهتز. لا استطيع ان اقول انه سقط، لكنه اهتز خلال هذه الفترة. نحن نلاحظ انه ما يوجد لدى الإسرائيليين بالنسبة لحق العودة للاجئين الفلسطينيين ليس خوفا، لكنه فزع. هم فزعين، يقولون اذا 4 مليون فلسطيني لهم حق العودة، وعادوا الى قراهم ومدنهم، او آثار قراهم ومدنهم، لن يكون هناك إسرائيل. الفزع يجعلهم غير قادرين على ان يستمعوا الينا او ان يناقشوا موقفنا. ما اقوله: نحن نحاول ان نخفض درجة الفزع هذه الى خوف او مخاوف، وعندها نعالج الامر. نحن نقول للإسرائيليين لو اتيت الان ل4 مليون فلسطيني وقلت لهم ان إسرائيل وافقت على ارجاع 3.5 مليون و 500 الف ممنوعين من العودة، طيب ال 500 الف هدول، بعد 10 –20 سنة، سيصبحوا مشكلة كبيرة. لهذا السبب نحن نريد ان يكون هذا الامر نتيجة الخيار الفلسطيني. واذا وضعت امام الفلسطينيين الخيارات المختلفة، ليس بالضرورة ان تتحقق هذه المخاوف او هذا الرعب الإسرائيلي، لان كثيرين يرغبون للعودة للدولة الفلسطينية، لبناءها. ليس بالضرورة ان يختار... يمكن البعض يرغب في ان يعود الى قريته أو الى مدينته، لكن اخر لا يرغب ان يعود هناك ليصبح مواطنا إسرائيليا. لربما يفضل ان يبقى مواطنا فلسطينيا وان يخدم الدولة الفلسطينية. هناك فلسطينيين ككل ابناء العالم، يريد ان يحصل على حقه في ان يكون له جواز سفر، وفي ان يكون له مكان، وفي ان ينطلق في اي مكان في العالم. انا واثق عندها، عندما يكون هذا الامر هو خيار الفلسطيني، وليس مفروضا بهذا الشكل على الاخرين ان كانوا عربا او سواهم، بهذه الحالة لن يكون حتى وجوده للعمل او وجوده للتجارة، لن يشكل هذا الخطر في اذهان البعض

 

زاهي وهبي: يمكن بالنسبة للبنان، الموضوع يعني مهم اكثر من بقية البلدان العربية بسبب ظروف البلد وتركيبته؟

 

يعني في تركيبة في لبنان، الله يعين لبنان عليها. ما بدنا فوق هذه التركيبة ان نكون نشكل عبئا

 

زاهي وهبي: هل تشعر ان هناك اي مخاطر حقيقية للبنان من جهة التوطين؟ توطين الفلسطينيين؟

 

لا. يعني، هناك مرة اخرى، وكانه في لبنان اصبح لديهم فزع من هذا التوطين، وبالتالي يفسر كل شيء بأنه توطين، توطين. توطين، لا. الموضوع ليس بهذا الشكل لأنه..

 

زاهي وهبي: هل طرح هذا الامر في المفاوضات؟

 

في المفاوضات طرح بانه الاولولية لدينا في عودة اللاجئين الفلسطينيين هي في لبنان. لان في لبنان، اذا تمكنا من ان نعطي للفلسطينيين في لبنان الحق في العودة لفلسطين، عندها هذه الساحة ستاخذ...، يعني سنسحب هذا الفتيل كما نقول، وفي نفس الوقت، باقي المناطق ليست بهذه الحدة. وضع اللاجئين هناك، بمعنى الحدة الانية. لهذا السبب. وافهمنا ذلك للامريكيين وللإسرائيليين، وهم تحدثوا عن هذا الامر في النهاية، بان الاولوية للاجئين في لبنان. لأنه اذا اردنا ان يكون هناك استقرارا حقيقيا يجيب ان يعود الفلسطينيين الى اراضيهم والى دولتهم وعندها سيصبح الوجود الفلسطيني طبيعته مختلفة، شكله مختلف، استقبال الناس له ...

 

زاهي وهبي: لانه يحمل جواز سفر وطنه ودولته، وبالتالي؟

 

اذا كان له عيش، والدولة التي هو فيها تحتاج له، سيعيش. مش محتاج له، او لا يجد ولا يجد غضاضة في ان يسافر او يرحل، والدولة لن تجد غضاضة في ان تقبله او تقوله، يعني عندك عمل، عندك شغل. كدولة طبيعية ليست بوضعها الحالي. نحن نشعر بهذا الامر بشكل كبير جدا، ولكن في نفس الوقت نقول لا داعي لهذا الفزع، وبالتالي تفسر الأمور  على غير ما هي. الذي يمنع التوطين للفلسطينيين في اي مكان، ان كان لبنان او سواه، هي الارادة الفلسطينية، وليس... نحن ارادتنا ضد التوطين.

 

زاهي وهبي: نعرف، أستاذ فيصل الحسيني، انه في فترة من الفترات، السلطة الفلسطينية تخلت عن حق العودة، وانه أثنـاء اتفاق كامب ديفيد تم التخلي عن.... تمت مقايضة هذا الموضوع بأمور أخرى؟

 

لا. بالعكس. انا استطيع ان اقول ان الموضوعين الاساسيين الذين تحطمت عليهم المفاوضات كانت موضوع القدس وموضوع اللاجئين.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني، هل تشعر بالاسى لانك لست وزيرا لشؤون القدس في السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة الدقيقة، بدلا منك، هناك الوزير زياد أبو زياد؟

 

انا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ونحن نعتير ان السلطة الفلسطينية واحدة من اذرع منظمة التحرير الفلسطينية. الأساس هي منظمة التحرير الفلسطينية. ثانيا أنا مسؤوليتي ملف القدس، وبالتالي في المنطقة الخاضعة للسلطة الإسرائيلية الآن. أما باقي المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية فهي أصبحت من شؤون.

 

زاهي وهبي: السلطة الفلسطينية؟

... السلطة الفلسطينية.  ولهذا السبب يوجد وزير لشؤون القدس، وهذا طبعا يؤدي في بعض الأحيان إلى نوع من التداخل في العملين وكون ان هناك تنسيقا وهناك

 

زاهي وهبي: ما هو مدى جدية الملف الذي تحمله حضرتك، أستاذ فيصل؟

 

انا اعتقد ان هذا الملف هام جدا. لانه عندما تقول القدس، ان تقول البلدة القديمة، انت تقول هذه العاصمة الفلسطينية كما هي معروفة لنا جميعا. هذا الملف الذي ليس له فقط مهمة المواجهة، ولكن مهمة اجتماعية، يعني مهمتي انا في هذا الامر هي مهمة سياسية اجتماعية بنيوية تنظيمية دولية ومحلية.

 

زاهي وهبي: ما طبيعة علاقتك مع السادة زياد ابو زياد، ابو العلاء، محافظ مدينة القدس المعين من قبل السلطة الفلسطينية؟

 

هناك علاقة تنسيق واضحة، ونحاول ان نطور هذه العلاقة التنسيقية. المشكلة ان كل بنيتنا هي بنية جديدة، ولهذا السبب يحدث نوع من التداخل. المحافظ له مهمات. الوزارات لها مهمات. ثم ملف القدس،  بطبيعته له مهمات. شؤون القدس، لانه يجب ان نعطي للقدس اهمية اكبر ايضا له مهمات. في مرحلة معينة كان نوع من التعثر في طبيعة ايجاد كيفية هذه العلاقة، وكيف نسد هذه الثغرات، وكيف نمنع نوع من الازدواجية. الان الأمور  أفضل، لان هناك نوع من... ما بين المحافظة، ووزارة شؤون القدس، وملف القدس اي بيت الشرق. وهناك اتفاق في ان المرجعية في كل هذه الاشياء هي لملف القدس.

زاهي وهبي: اللي حامله؟

نعم، اللي انا حامله هو المرجعية.

زاهي وهبي: يعني صاحب القرار في موضوع القدس؟

نعم

زاهي وهبي: يؤخد رايك بعين الاعتبار؟

نعم طبعا.

 

زاهي وهبي: ما هي طبيعة العلاقة مع الرئيس ياسر عرفات؟ خصوصا وانه نعرف انها مرت في مراحل مد وجزر علاقتك بالرئيس عرفات؟ وما هي صحة ما يقال عن سعي الرئيس عرفات الى تحجيم دور فيصل الحسيني؟

 

لا. يعني في مرحلة...نحن نعمل سويا، انا اعرفه منذ ان كنت في الثامنة من عمري. تاريخ طويل. وخلال هذه الفترة اخترت طريق وهو اختار طريق اخر. ليس في كل الفترة كنا نسير في الخط. في مرحلة معينة كان هناك تلاحم كامل، ولكن هناك اجتهادات. قد نختلف احيانا في اجتهاد هنا او هناك، ولكن في اتفاق اساسي. اني اعرف ان هذه هي المرجعية.  مرجعيتنا هي منظمة التحرير، ورئيس منظمة التحرير هو ياسر عرفات، وان لا خلاف في ان هذه هي المرجعية. انا مسؤول عن ملف القدس. يمكن في مرحلة معينة يكون راي هنا وراي هناك خلاف هنا خلاف هناك. ولكن طالما انا في هذه المهمة، فانا مرجعية في هذا الموضوع. العلاقات مع الاخ الرئيس ياسر عرفات علاقات جيدة وكلما نصبح في موضوع مواجهة اكثر كلما تزداد.

 

زاهي وهبي: قديه بتحط لها علامة لهذه العلاقات؟ لو قلنا من 10، قديه بتحط لها لو قلنا علامة على 10 علاقتك بالرئيس عرفات؟ قديه بتحط لها؟

 

الايام هاي، الان، 10على 10.

 

زاهي وهبي: ان شاء الله دائما بظل، لانه يقال احيانا ان الرئيس عرفات مش بالضرورة، وجهة نظري الشخصية، لا يستسيغ كثيرا الشخصيات التي لديها صفات زعامة او قيادة. حضرتك سليل بيت عريق، ولك عندك كل مواصفات القائد الفلسطيني، وان الرئيس عرفات لا يحب وجود هذا...؟

 

انا اعتقد ان الرئيس عرفات يرى الصور اوضح مما يراها الناس الاخرين. موضوع المواصفات المطلوبة الان، هي المواصفات التي يمتلكها ياسر عرفات أكثر من أي واحد اخر. هذا التاريخ الطويل، هذه المعرفة بالرؤساء الاخرين. اليوم ياسر عرفات احد القادة القلائل او النادرين في العالم الذي يتعامل مع دول معينة، يمكن ان يكون في يوم من الايام احد رؤساءها كان ينتظره كمرافق او يفتح له باب السيارة

زاهي وهبي: لهذه الدرجة؟

الى هذه الدرجة، بهذه الفترة الطويلة من تجربته. هو يعيش هذا الامر من عام 1965.

 

زاهي وهبي: يطرح، يشكك احيانا الاعلام الغربي والإسرائيلي بالقدرات القيادية للرئيس عرفات، بسبب الصحة، بسبب ال يعني...؟

 

يعني انا اتساءل، واتحدى اي رئيس دولة اخرى، ان يزور 14 دولة في 17 يوم. اذا كان في لديك رئيس او شخص عادي يستطيع ان يقوم بهذا الدور.

 

زاهي وهبي : يعني هل القدرة على السفر؟

القدرة على السفر والمثابرة والاستمرار، هذا يعني ان صحته جيدة. لن تستطيع ان تقول... كان في فترة من الفترات، كانت هذه الرعشة موجودة، والحمد لله، يعني هي لها اسبابها الخاصة وانتهت. صحة الرئيس جيدة. تركيزه تركيز عالي جدا. تجربته الواسعة كما قلت لك، الناس الذين يتعامل معهم الان، في يوم من الايام هو كان يرى وجلس مع من سبقهم، وفي بعض الرؤساء هو جلس مع 4 او 5 او 6 رؤساء اخرين. هذا الزخم من المعلومات، هذه التجربة الواسعة تعطيه ميزات كثيرة. قد تشكل في بعض الاحيان ايضا سلبيات، ولكن اذا قسنا هذه السلبيات والايجابيات، ياسر عرفات الايجابيات عنده كثير اكثر من السلبيات. واذا قسنا اي شخص اخر موجود الان ما بين ايجابياتها وسلبياتها ياسر عرفات يسبقها بكثير.

 

زاهي وهبي: هل ترى افق ايجابي بين الرئيس عرفات والقيادة السورية الجديدة خصوصا ان الرئيس الدكتور بشار الاسد اعلن اكثر من مرة ان ابواب دمشق مفتوحة لجميع الفلسطينيين وصار كلام مؤخرا عن احتمال زيارة للرئيس عرفات لدمشق؟

 

اعتقد بان الكثير من الضبابية التي كانت موجودة والشكوك التي كانت موجودة، سواء القيادة السورية تجاه القيادة الفلسطينية او القيادة الفلسطينية تجاه القيادة السورية، اعتقد ان ما نعيشه الان بدد كل هذه الاشياء. لا يوجد هناك معنى لمحاولة مثلا احد يتهم الاخر بانه يريد ان يلتف عليه او يريد ان يتنازل عليه. ثبت الان ان القيادة الفلسطينية في هذا الموضوع لا تريد ان تقايض لا حق اللاجئين ولا القدس ولا الحدود ولا اي شيء. وثبت ان القيادة السورية لا تنتظر اللحظة التي يتاح لها ان تقوم هي بعملية سلمية تسبق بها الفلسطينيين وتتخلى عنهم. هذا الامر اصبح واضحا جدا، وبالتالي كما قلت هذه الضبابية التي كانت تكتنف العلاقات ما بين القيادتين، اعتقد انها انتهت.

 

زاهي وهبي: مش قراءة بالغيب، ولكن هل تعتقد ان المرحلة المقبلة من هذه العلاقات ستكون افضل من المرحلة السابقة؟

 

يجب ان تكون افضل، واذا لـم تكن كذلك، يعني ذلك انه يوجد خلل غير مبرر. يوجد خلل غير مبرر.

 

زاهي وهبي: هناك دعوات صريحة صدرت في الصحافة الإسرائيلية، من بعض المحللين الاسرائيليين، ومن بعض القادة العسكريين الإسرائيليين، الى قتل الرئيس ياسر عرفات. يعني ما رايك؟ ما تفسيرك؟ ما تحليلك؟

 

هم يحاولوا ان يصوروا، وكان العقبة في طريق السلام هو ياسر عرفات، وبالتالي ان يهيئوا لان يغيروا، يجيبوا، يبدلوا. لا. انا اعتقد ان ياسر عرفات يمثل الادارة الفلسطينية، هو يمثل الارادة الفلسطينية، هو يمثل الضمير الفلسطيني. فيما يتعلق بهذا الموقف السياسي، كثيرين يختلفوا مع ياسر عرفات، في طريق ادارته الأمور،  فيما يمكن ان يسمى تشكيلته، تركيبته الشخصية. لكن لا احد الان يختلف معه في موضوع موقفه السياسي. في الموقف السياسي هناك اتفاق كامل وشامل

 

زاهي وهبي: هناك دعوات ايضا لاعادة الاحتلال الى الضفة الغربية وقطاع غزة، هل ترى امكانية لمثل هذا الامر؟ هل تستطيع القيادة الإسرائيلية ان تعيد احتلالها للمناطق التي؟

 

هم يستطيعون إعادة احتلال، ولكن لن يتحملوا ان يبقوا هناك. يعني هم يصبحوا في موقف اضعف مما هم عليه الان. هم الان يحاولوا ان يعاقبونا باستقلالنا. يحاصرني، يضربني، وبالتالي تصبح متطلبات الحياة عبئا علي. اذا اراد ان يحتل ستصبح هذه المتطلبات عبئا عليه. ثانيا سيكون هو في وسطي، وبالتالي سيقاتلني في الشارع، وفي البيت، وفي كل مكان. انا لن اضطر لان اخرج لاقاتله، لانه موجود عندي، في الداخل. والفلسطيني الذي تذوق طعم الحرية وتدرب وحمل السلاح لن يلقيه بسهولة اذا دخلت إسرائيل الى مدننا.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني، دائما في المراحل الانتقالية، عند تغيير حكومات وادارات يعني سواء في إسرائيل او في اميريكا، هناك وقت يمر، وقت ضائع، بحجة مهلة، يعني رسم، اعادة النظر في بعض الأمور  الخ. هذا الوقت الذي يمر، برايك هو لمصلحة مين؟ هل إسرائيل تبني مزيد من المستوطنات وتقوم بمزيد من القوات التعسفية، الخ...  لمصلحة من هذا الوقت، مرور الوقت. على من ينعكس سلبا وعلى من ينعكس ايجابا؟

 

قطعا مرور هذا الوقت ينعكس سلبا علينا نحن، لانه يعطي للإسرائيليين امكانية التفرد، امكانية التوسع. ولكن على المدى البعيد، هو يؤذيهم جدا.

زاهي وهبي: كيف؟

اذا استمرت إسرائيل في سياستها هذه، واستمرت في استيطانها، ستأتي فترة لن يكون هناك امكانية للفصل. سيكون التداخل الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة اذا وسعوا المستوطنات في الضفة الغربية، لن يكون هناك امكانية للفصل. وهذا سيؤدي عندهم الى كارثة، بالنسبة لهم، لانه الان الموجود على الارض ما بين النهر والبحر، يوجد الان اكثر من اربعة ملايين فلسطيني، في مواجهة اقل من اربعة ملايين وسبعمئة الف غير فلسطيني - وليس يهودي - لان الكثير من الهجرة الروسية اتت الينا وهي تحمل في داخلها 30% او 33% من غير اليهود. هكذا ايضا الهجرة الاثيوبية. في عام 2010 سنكون 50% مقابل 50%. في عام 2045 نحن سنشكل اغلبية ساحقة لهذا السبب. الإسرائيليون في عام 2025 سيكونوا مضطرين ان يبحثوا عن مانديلا فلسطيني، لانهم سيكونون مثل جنوب افريقيا، ليس امامهم الا ان يخرجوا من هذه "الابرتهايد"، من هذا الشكل العنصري، الى حل اخر. ليس امامهم الا نلسون مانديلا، اي ليس امامهم الا دولة علمانية فلسطينية.

 

زاهي وهبي: هل تعتقد ان المجتمع الإسرائيلي قادر على تقبل فكرة السلام؟ مع التذكير انه انتج من قتل اسحق رابين، البطل القومي بنظر الإسرائيليين. هل قادر هذا المجتمع؟ يعني نشعر احيانا وكان المجتمع الإسرائيلي لا يريد السلام أصلا؟

 

شوف، هو المجتمع الإسرائيلي، تركيبته تركيبة عسكرية، تركيبة اسبارطية. لكن ايضا، في النهاية هم يشعروا بان هذه التركيبة، تركيبتهم الاجتماعية، مقتل رابين، له ابعاد اجتماعية كثيرة. بداوا يشعروا بان لهم هذه القشرة الديمقراطية الرقيقة من الخارج، ولكن في داخلها هم مجتمع عنصري يعني مجتمع شوفيني.

 

زاهي وهبي: نسمع احيانا دعوات الى اشاعة الفوضى في مناطق السلطة الفلسطينية، يعني الى ترك الأمور  تفلت من يد السلطة و انتشار السلاح وعودة يعني شيء شبيه بما كان في لبنان في فترة، بحجة ان هذا يعطي ذريعة اكثر في حرية التحرك واستخدام القوة في التعامل مع الشعب الفلسطيني؟

 

اعتقد لعبة خطيرة جدا يلعبها الإسرائيليون. لانه في النهاية، حتى مثل هذه الفوضى لو عمت هي توجد صيغة معينة، شكل معين، من تصرف الناس، سيؤي في النهاية الى الاضرار بالحكاية. كل هذه الفوضى التي كانت موجودة في لبنان في النهاية انتجت معركة في الجنوب اخرجت إسرائيل من الجنوب. الشعب يتعلم. اما ان يتعلم بثمن عالي او يتعلم بثمن اقل. يمكن هنا في لبنان تعلمنا، الجميع تعلم بثمن عالي، ولكن في النهاية تعلم واخرج الاحتلال. لدينا نفس الشيء. قد نخطىء هنا وهناك. قد يخطىء بعض المسؤلون في هذا المكان او ذلك، ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح.

 

زاهي وهبي: طبعا الحكومة الإسرائيلية سميت حكومة الوحدة الوطنية ولكن هناك من يطلق عليها حكومة التناقض الوطني. إلى أي حد برأيك تحمـل هذه الحكومة بذور انفجارها وتشرذمها من داخلها؟

 

قطعا هي تحمل هذه البذور، لانها تركيبتها، من الناحية الإجتماعية غير منسجمة، من الناحية السياسية، غير منسجمة. حاولت ان تجمع نفسها على انسجام واحد، هو انسجاما امنيا. وهذا دورنا ان نكسره، واذا كسر هذه الحكومة ستتفتت.

 

زاهي وهبي: سيد فيصل الحسيني، معروف عنك انك رجل تعير اهمية كبيرة للمؤسسات وللعمل المؤسساتي، واسهامك في انشاء وحفاظك على المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة، كما اسلفنا. قديش برايك العمل المؤسساتي والمؤسسات ووجود هذه المؤسسات وجود ضروري ووجود ملح في بناء الدولة، وفي وجود العدو؟

 

لا شك ان المؤسسات هي الاساس، وهي الطريق الوحيد من إنتقالنا من كوننا عالم ثالث الى عالم اول. نحن حتى الان، ما زالت مكانة الفرد واهميته عالية جدا. لا يحلها الا المؤسسات. عندما تكون هناك مؤسسات لها شكلها الهرمي، المجتمع سيتبع ذلك. حتى الان هذا الشكل الهرمي غير عميق. تجد في كثير من المحلات، في كثير من المدن، او كثير من الشعوب، قد يجمعوا على شخص معين، ولكن ستكون مشكلته كبيرة ويتبعوه ويؤمنوا به، ولكن ستكون مشكلته الاولى ان عين له نائبا سيغضب الاخرين. ما زال هذا النمط، هذا النهج. اخلاق المؤسسة لم تترسخ لدينا تماما. لهذا السبب يجب ان نرسخها، يجب ان نخدمها، يجب ان نتمسك بها ونعلم ابناءنا ونعلم نساءنا. مشكلة اخرى موجودة لدينا: ما هو دور المرأة؟

 

زاهي وهبي: المرأة الفلسطينية موجودة في الشارع وتكافح وتناضل؟

 

مكافحة ومناضلة ومقاتلة. ولكن كلما ارتفعت، في مستوى التمثيل، يتراجع حضورها. هذا امر اخر علينا ان نعالجه. والا ان هذا هو عيب المراة، اي عيب في المراة هو ناتج من الرجل.

 

زاهي وهبي: لماذا نشعر ان بيت الشرق، الذي تراسه حضرتك، هو من ابرز المؤسسات المستهدفة دائما من قبل الإسرائيليين؟ لماذا هذا الاستهداف لبيت الشرق؟ وما هي الاهمية التي يمثلها بيت الشرق في تاكيد الهوية الفلسطينية للقدس الشريف؟

 

بيت الشرق هو البناية التي ضمت في داخلها في فترة من الفترات جمعية الدراسات العربية، وقامت إسرائيل باغلاقها اكثر من مرة، لانها شكلت نقطة تجمع للمرجعيات الفلسطينية في القدس، في فترة للمرجعيات الفلسطينية في فلسطين قبل دخول السلطة. وبالتالي عندما تحول هذا الامر لتصبح ايضا ليس فقط مقرا لجمعية الدراسات العربية، بيت الشرق ايضا مقرا للوفد المفاوض، اكتسب هذا المكان بعدا رمزيا جديدا مع رفع العلم الفلسطيني عليه، اكتسب بعدا اخر، اصبح عنوانا فلسطينيا ياتي اليه قادة العالم من كل مكان. يجتمعون بالإسرائيليين بالقدس الغربية، يجتمعون مع الفلسطينيين في القدس الشرقية. ولكن كونه ايضا اصبح مرجعية للانسان الفلسطيني حتى الفردي. قبل ان يتوجه الفلسطيني بخلافه مع جاره او مع فلسطيني اخر الى المحاكم الإسرائيلية، توجه اليه اولا، الى بيت الشرق. وفي معظم الاحيان نحن نحل هذه المشكلة. وفي بعض الاحيان لا نتمكن من ارضاء كلا الطرفين، يتسرب بعض الناس ليذهبوا الى المحاكم الإسرائيلية. ولكن عادة تحل المشاكل في بيت الشرق، وبالتالي إسرائيل ترى فيه بديلا للسلطة الإسرائيلية، وليس فقط بديلا للسلطة الإسرائيلية بهذا المعنى ولكن هي بديلا للسلطة الإسرائيلية بمعنى السيادة. ان هذا الوجود الفلسطيني في بيت الشرق يهز السيادة الإسرائيلية. البعض يقول لا. لا، لا يهز السلطة الإسرائيلية. السفارة المستقلة، السفارة المستقبلية لدولة فلسطينية. نحن نقول لا، هنا المقر، هنا سيكون انطلاق السيادة الفلسطينية الى كل القدس.

 

زاهي وهبي: اعلن في بيروت عن تاسيس جمعية لاصدقاء بيت الشرق برئاسة معالي الوزير ميشيل ادة. ما هو الهدف من هذه الجمعية؟ هل بيت الشرق في خطر ويحتاج الى اصدقاء وجمعيات صداقة في الوطن العربي؟

 

يعني اولا، إسرائيل تسعى الى عزل القدس دوليا من خلال منع اي نوع من العلاقات الدولية، منع اي نوع من الزيارات الى بيت الشرق، الى القدس الشرقية. الناحية الثانية اننا نريد ان ندعم المؤسسات المقدسية من خلال ما يقوم به بيت الشرق من دعم هذه المؤسسات ومن تثبيت مبادىء معينه في داخل المدينة. كان من الممكن ان يكون تسميتها "اصدقاء القدس" ولكن يبقى الامر هنا فيه تعميم. اصدقاء بيت الشرق نستطيع ان ننفذ من خلاله المشاريع النابعة من بيت الشرق، ان كان مشاريع للترميم او مشاريع للقضاء او مشاريع لمواجهة مشكلة الاسكان او مشكلة التعليم او سواها. وقد تكون هي ايضا المحرك الاساسي في لبنان لموضوع "اشتري زمنا في القدس" .

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني، يعني حضرتك مناضل مخضرم وعايشت مراحل الصراع العربي الإسرائيلي ومراحل النهوض ومراحل النقوص وكل المراحل، وكنت ذات يوم في صفوف حركة القوميين العرب. اليوم احنا ما حكينا عن السيرة الذاتية، ولكن ان شاء الله بتجمعنا  فرصة  في لقاء اخر. هل ترى ملامح عودة للمشروع القومي او للنهوض القومي او للحس القومي، من خلال ما شهده العالم العربي من مشاعر تضامن مع الانتفاضة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني؟

 

نعم، لا شك، هذا واضح. ترى هذه الرموز القومية تعود مرة اخرى في اكثر من مكان،  ليس بصفتها الحزبية السابقة، ولكن بصفتها تتبنى نفس الخط السابق وهو الخط القومي، الحركة القومية العربية، اليوم، التي تفككت في الستينات، تجد الان كثير من عناصرها السريين يتبوأوا مهمات اساسية في اكثر من دولة عربية. بهذا المفهوم القومي الشامل وليس بالمفهوم الحزبي الضيق.

 

زاهي وهبي: درجت، كما تعلم، شعارات كثيرة في فترات مختلفة منها: "التحرير طريق الوحدة" ومنها "الوحدة طريق التحرير"، والخ... هل لا يزال الحلم بالوحدة العربية او بشكل من اشكال الوحدة العربية، حلم مشروع، له مسوغات وامكانيات ام اصبح ضرب من ضروب الوهم؟

 

انا اعتقد بان هذا الشعارات أثرت فترة المراهقة، مراهقة التوجه القومي العربي. انا اعتقد الان، وضعنا بهذا الشكل، نحن امة اصبحنا امام مفترق طريق. يجب علينا ان نتخذ قرارات مصيرية خطيرة. حتى لا ينشرخ وجدان الامة، كان علينا ان نميز ما بين نوعين من الاستراتيجيات او نوعين من الاهداف. الاهداف الثابتة والاهداف المتغيرة. الاهداف الثابتة، ثابتة، تعتمد على ثوابت. والمتغيرة، متغيرة، لانها تعتمد على متغيرات. اعني بالثابته التي يحكمها الموقع الجغرافي، التي يحكمها التاريخ، تحكمها التقاليد، تحكمها المشاعر. كل هذه الاشياء تقول لنا نحن امة عربية واحدة. ولكن في نفس الوقت، هذه الامة، وهي تقاتل، لها خصوصياتها في كل مكان من وجودها، وبالتالي لها معارك اخرى، وهي معاركها السياسية التي يتحكم فيها النظام الدولي القائم، اوضاعها الاقتصادية-الاجتماعية، اوضاعها التربوية. كل هذه الاشياء. ومن هنا نحن نقول: امة بهذا الوضع، اذا ميزت ما بين الثابت والمتغير، وجعلت الثابت امامها - وعلى فكرة، نادر ما تحقق امة معينة، نوع من التكامل والالتقاء ما بين اهدافها السياسية واهدافها العليا. يعني الامة العربية حققتها مرة في التاريخ. حققتها روما مرة. حققتها اليونان، حققتها الولايات المتحدة.

 

زاهي وهبي: هل كل امة تحقق هذه الامر مرة واحدة وبالتالي نياس؟

لا. هذه هي النقطة. اذا وضعت هذا الحلم امامي، او هذا الهدف امامي، فعلي، إن تقدمت الى الامام، أتقدم وعيني على هذا الهدف، كحلم، كمبدا، مهمته الاساسية ان يحافظ على وحدة هويتي. ان اجبرتني الظروف على التوقف، لاتوقف وعيني على الهدف، وان تراجعت اتراجع وعيني على الهدف. ان تقدمت وضيعت هدفي قد اصل الى صيغة خارجة حتى عن المفهوم الانساني، وان تراجعت وانا ادير ظهري لهذا الهدف، قد اتشتت. لهذا السبب اقول نعم. الحلم بالوحدة العربية هو حلم مشروع، ولكن بنفس الوقت، حتى نحقق احلامنا، كان علينا ان نصحو من النوم اولا، والصحو من النوم اولا. والصحو من النوم  ان ارى اين اقدامي الان  واين حلمي وان ابحث على طرق تحقيقه بناء على الحقيقة وليس بناء على الحلم.

 

زاهي وهبي: نبض الشارع العربي كما هو واضح وكما بات معروفا، أستاذ فيصل الحسيني، متقدم على سياسات الانظمة العربية. الى اي مدى يمكن الرهان على نبض هذا الشارع؟ على وجدان الشارع العربي؟ على الاحساس والمشاعر؟ كفلسطيني وكقائد فلسطيني الى اي مدى تراهن على هذا النبض؟

 

انا اعتقد ان الامل في النهاية لان يتحقق هذا الحلم، وان هو ان يستمر هذا النبض قائما، وهو يعني ان الناس ما زالوا ينظرون الى الهدف ولم يضيعوا بصيرتهم. ومن هنا علينا ان نعضد هذا الامر، ان نشجعه و ان نرحمه احيانا بألا ندخله في التجربة المستحيلة، وانما ندخله في التجربة المعقولة، التي تعطيه الاحساس بانه قادر على تحقيق انتصارات معينه، وليس انه دائما مقموعا، ودائما دعونا نجعل من انصاراتنا الصغيرة، كيف نربط بين هذه الانتصارات الصغيرة وبين الهدف الاكبر، نجعل من هذه الانتصارات شيء مستمر. اما في فترات معينة، إذا انكرنا هذه الانتصارات الصغيرة او ضيعناها، بانها ابتعدت عن الهدف، هنا تكون الكارثة. الوجدان العاطفي يرفض ذلك. ولذلك علينا ان نستمر في هذا الخط.

 

زاهي وهبي: كمقاوم سجنت اكثر من مرة، وضعت في الاقامة الجبرية، تعرضت للمضايقات الإسرائيلية، ما هو شعورك كمناضل مر بكل هذه المراحل حين تجلس وتفاوض الإسرائيلي وجها لوجه وتتحدث معه؟

 

أنا إنسانيا أفصل، برغم كل ما حصل، أنا ما عندي كراهية لليهودي كيهودي. أرى ما هو خطر الصهيونية. أراه، لكن في داخلي لا يوجد مثل هذا الحقد. خليني أقول، لهذا السبب أنا أُحاول باستمرار أن نصل إلى الصيغة التي يمكن أن ينتج عنها نوع من العلاقة المستقبلية التاريخية أفضل، ونثبت أننا، نحن عندما نكون أقوياء، نستطيع أن نخلق مثل هذه العلاقة التاريخية. خلقناها لفترة في الأندلس، في فترة العصر الذهبي. وأقول أننا نستطيع أن نخلقها. الإسرائيليين لم يستطيعوا أن يشكلوا حتى الآن المجتمع المنسجم إلى الدرجة الكبيرة التي فيها مجتمعات أخرى. يعني، إسرائيل وبعد 50 عاما، يخوضوا انتخاباتهم كحزب مغربي وحزب روسي وحزب ..

 

زاهي وهبي: يعني قوميات مجتمعة تحت مظلة؟

 نعم، قوميات مجتمعة تحت مظلة، ولكن لديهم مشكلة تاريخية وعلينا أن نفهم هذه المشكلة التاريخية. عاشوا في الجيتوهات. هم السبب؟ الشعوب التي استضافتهم هي السبب؟ ليس هذا الأمر الصحيح. ولكن علينا أن نقر بان هذه المجموعة لها مواصفات خاصة هي تمثلها، وبالتالي علينا أن نعالجها بالشكل السليم، وان نخلق ذاك المجتمع الذي يستطيع أن يستوعبهم ويستوعب هذه التناقضات المتمثلة فيهم. نعرف أنها لن تنتهي، ولكن يجب أن نبحث عن وسائل تساعدهم على أن يتعايشوا معنا، و تؤدي بالفعل إلى نوع من الاستقرار في المستقبل.

 

زاهي وهبي: هل حدث أن فاوضت احد سجانيك أو أحد المحققين معك؟ هل التقيت بأحد هؤلاء خلال هذه المراحل الطويلة من الاعتقال والمضايقات؟

نعم في المفاوضات الأخيرة، في العام الماضي، كان احد المفاوضين الأساسيين في مواجهتي حول القدس، هو المفاوض الأساسي إسماعيل حسون. هذا هو الشخص الذي اعتقلني وكان يحقق معي عام 1987.

 

زاهي وهبي: في أل 87 كان يحقق معك وفي ال2000 أصبح المفاوض؟

نعــم.

 

زاهي وهبي: هل تشعر بجدية الإسرائيلي في التفاوض؟ في رغبة الوصول إلى اتفاق؟ في رغبة الوصول إلى سلام معك؟

نعـم، أنا اعتقد أن كثير من الإسرائيليين، وإذا أخذتهم كمجموعة، كشعب، نعم. هم يريدون الوصول إلى شيء معين، ولكنهم كأنهم ضيعوا فرصتهم هم لا يعرفوا كيف يصلوا إلى هذا الأمر، خلافاتهم، تصوراتهم، طموحاتهم الشخصية والحزبية في بعض الأحيان، عدم قدرتهم على فهم المكانزيم العربي في التفكير، هذه أيضا مشكلة أخرى، أحياناً عدم فهمنا نحن لبنيتهم في التفكير هي أيضا موجودة وبالتالي أضف إلى كل ذلك أنهم هم أتين ليزرعوا أنفسهم في منطقة هي لم يكونوا موجودين فيها، هم الجسم الغريب الموجود في هذه المنطقة، كل هذه الأشياء تشكل منهم ولديهم مشكلة، يعني أن وجودهم ليس مشكلنا لنا بل مشكلة لهم، وهم ينظرون إليها بخوف، أحد المفاوضين قال لي مرة: أريد أن أقول لك أنك أنت أقوى مني، بالرغم من أنني أمتلك السلاح، ولكن أنت بتركيبة اجتماعية أقوى من تركيبتي الاجتماعية، ولهذا السبب أنا أضطر أن أحيط نفسي ب

سياج وسياج، وسياج لأحمي هذه البنية الضعيفة في حين أنك لست بحاجة لأن تقوم بكل بهذه الأشياء، هذا هو النمط الفكري.

 

زاهي وهبي: ما هو أصعب موقف مررت فيه أثناء المفاوضات أستاذ فيصل الحسيني ما هي أدق مرحلة؟ ما هو أصعب موقف؟ هل تشاجرتم هل وصلت الأمور أحياناً إلى؟

أنا أتحدث هنا عن الفترة التي كنت طرفاً فيها في عملية المفاوضات وهي انتهت تقريبا أستطيع أن أقول أنها انتهت قبل سنة في شهر رمضان والشهر الذي سبقه.

 

زاهي وهبي: لماذا انتهــت؟

في تلك الفترة كان هناك تشكيلين كان لدينا وفدا يفاوض على المرحلة الانتقالية ووفدا الذي أنا فيه يفاوض عن المرحلة النهائية، وفي مرحلة معينة وكانت أمريكا أيضا ضمن هذه الصورة، وفي مرحلة معينة قرر أن يكون هناك دمجا بين الانتقالي والنهائي واختيرت رؤساء الطواقم وأنا لم أكن رئيسا للطاقم الرئيسي كنت رئيساً لطاقم القدس ولكن ليس لطاقم المفاوضات النهائية، وبالتالي خرجت أنا من الصورة.

 

زاهي وهبي: هل يُعقل أن رئيس ملف القدس أو حامل ملف القدس أو مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير لا يشارك في التفاوض حول مصير القدس؟

يعني كنت أنا كنت في لجنة المفاوضات العليا ولكن لست على الطاولة مع الإسرائيليين.

 

زاهي وهبي: لكنك موجود بطريقة أو بأخرى هل هي طريقة مرضية بالنسبة لك، كافية، مقنعة؟ إذا كانت بالنسبة لنا غير مقنعة وليست كافيـة؟

طبيعة الإنسان أن لا شيء يقنعه.

 

زاهي وهبي: طبيعتي أنا غير عن طبيعتك أنت؟ وأنت غير مقتنع؟

كل إنسان عنده قضية ويريد أن يشرف مباشرة على كل شيء فيها، ويريد أن يُمسكها من أطرافها جميعها، ولكن أستطيع أن أقول أنني في هذه المفاوضات، الحمد لله لم يتم الخروج عن الأساسيات وعن ثوابت هذا الموضوع، كان هنا خلاف هنا وهنا هل كان يجب أن نقدم هذا الرأي الآن؟ أو كنا نتركه غداً، هذه الأشياء موجودة لكن الأساسيات لم تُقترح.

 

زاهي وهبي: نعود إلى السؤال الأول عن أصعب موقف وأحرج اللحظات التي مرت عليك في عملية التفاوض مع الإسرائيليين؟

لم أشعر حقيقة أنه كان هناك نوع من الحرج، يمكن لأننا كنا انتهت المفاوضات معهم ونحن ما زلنا في عملية النقاش ولم نصل إلى صيغة نهائية، يمكن لو كنا سنصل إلى صيغة نهائية ونأتي عند لحظة أن أريد أن أتخذ قرارا ويلزمني هذا القرار بأني أتراجع في نقطة معينة، ماذا يكون مقابلها؟ هناك بعض القـرارات الصعبـة التي يجـب أن تتخـذ لـم نصل إلى تلك القرارات.

 

زاهي وهبي: دائما نتكلم عن تنازلات مؤلمة وعلى الجانبين تقديم تنازلات مؤلمة، ألم تصلوا بعد إلى هذه المرحلة إلى مرحلة التنازلات المؤلمة؟

التنازلات المؤلمة حصلت قبل ذلك نحن نقول نحن عندما وافقنا على قرار 242 و338 وقبلنا بأن الحدود بيننا وبين إسرائيل هي حدود حرب حزيران، أي أننا اكتفينا ب 22% من أرضنا، ماذا تريد أن تعمل أكثر من ذلك، لا يوجد قرار مؤلم بهذا المعنى لا أستطيع أن أتخذ أكثر من ذلك، لكن في بعض الأحيان عندما سآتي لأقول الأراضي الفلسطينية الموجودة في القدس، ويقول لي هذه الأرض هي فلسطينية ولكن بُني عليها الكنيست أو الهيكل، وأنا مقابلها أستطيع أن أعطيك مقابلها قطعة أرض، اشتراها أبنائي وهي موجودة في القدس الشرقية، مثل هذا القرار يعني أنا القدس يبقى في داخلي هي أرضي وفلسطين أرض مقدسة لا تُباع ولا تُشترى، ماذا سيكون هنا الموقف، في التبادل، هل التبادل هو التبادل السياسي، إذا أصروا على أن يكون ليس تبادل سياسي ولكن تبادل ملكية إذا انطرح موضوع التعويضات هذه أشياء مؤلمة.

 

زاهي وهبي: هل تفكر في المستقبل، المستقبل البعيد كيف سينظر إليك الجيل المقبل الأجيال اللاحقة كيف سيذكرك التاريخ؟ ماذا سيقال عنك؟ عن دورك؟ عن موقعك، كيف تفكر في هذا الأمر؟ في الصورة التي ستتركها لما بعد؟

ما في إنسان إلا أنه يفكر في ذلك ولكن بنفس الوقت أنا اعتقد أنه في النهائية القائم الذي يتحمل مسؤولية القيادة عليه أن يقول للشعب ما يجب أن يسمعه الشعب وليس فقط ما يحبه الشعب، ما بين يجب ويحب نقطة، لكن صدقني أحيانا هي الفاصل في تاريخ الشعوب.

 

زاهي وهبي: هل تعتقد أنك قمت بهذا الأمـر؟

نعم، أتصور في يوم من الأيام، قلنا أنه يجب أن نجلس ونذهب ونُفاوض بيكر وأن لا نسمح لأنفسنا كفلسطين أن نكون خارج الصورة كان لنا أن نقول للشعب الفلسطيني هذا ما يجب أن نفعله وليس بالضرورة أنه كان ما يُحب أن يفعله وما نُحب أن نفعله، كان يجب أن نفعله.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني هل نحن الآن على عتبة مرحلة جديدة بكل المواصفات وبكل المعايير؟ هل يمكن القول أن أوسلو انتهى أصبح من الماضي بحسناته وسيئاته؟

يعني اوسلو بمعنى كأسلو أوجد شيء على الأرض كان لهذا الشيء مهمات متعددة إحدى المهمات لم تُنجز وهي قضية إنهاء المرحلة الانتقالية وإنجازات المرحلة الانتقالية، هو أنجز جزء منها ولم يستطيع أن ينجز كل المراحل الانتقالية لهذا انتقلنا نحن من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة النهائية، طبعا دائما نطالب إسرائيل بتنفيذ قضايا المرحلة الانتقالية لكن معركتنا الأساسية هي المرحلة النهائية، بهذا الموضوع قد أقول أن أسلو بهذا الشكل أدى مهماته وانتهى بإنجازات بامكان وبإخفاقات بأماكن أخرى ولكن نحن الآن بصورة جديدة.

 

زاهي وهبي: البعض يصف المرحلة التي نحن فيها الآن بأنها الأخطر في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي على الأقل منذ سنة 1973 لليوم، هل تعتقد أنها مرحلة خطرة؟ هل تعتقد أن احتمالات الحرب مثلا: واردة، مرتفعة، ما هو رأيك؟

نعم، هي مرحلة من أخطر المراحل،  لا شك في ذلك، هناك تغير في هذه المنطقة، نحن نشهد، يعني عام 1973 وما سبقه، كنا ما زلنا نعيش ضمن النظام الدولي الثالث عندما كان قائماً في منطقتنا، يعني إحنا شهدنا التغيير الأول بعد الحرب العالمية الأولى، التغير الثاني أتى بعد الحرب العالمية الثانية،  وبالتالي كان هذا هو النظام الثالث الذي نشهده، حتى 1973، ما بعد 73 سقط هذا النظام، ونشهد الآن نظام جديد يضع صورة جديدة وخارطة جديدة ونسيجاً جديداً، وبالتالي هي منطقة خضراء إن لم نتعامل معها سنكون ضحاياها كما كنا ضحايا التغيران السابقان.

 

زاهي وهبي: هل ترى أن هناك إمكانية أو قدرة إسرائيل على حرب جديدة في المنطقة؟

لا، أن تشن حرب جديدة، القدرة على أن تحقق المكاسب السياسية لها،

 

زاهي وهبي: لم أقصد القدرة العسكرية، هل هناك إمكانية سياسية هل هناك إمكانية ما لشن حرب، وضد من؟

لا، لديهم القوة العسكرية أن يشنوا حربا حتى إذا اتخذوا قرارا مجنونا وشنوا حربا لن تستطيع هذه الحرب أن تحقق لهم هذه الحرب أهدافاً سياسية، لهذا السبب لن يستطيعوا أن يشنوا حرباً.

 

زاهي وهبي: في حال فكر شخص مثل شارون لا يتورع عن الأمر، إذا فكر في الأمر، هل يستطيع المجتمـع الإسرائيلي والـقوى الإسرائيلية أن تغطي عمل من هذا النوع كما فعلوا في يوم من الأيام؟

لا، في حرب 82 لم يتمكن من تجميع موقف الشعب الإسرائيلي وراء هذه الحرب.

زاهي وهبي: من يضمن عدم يعني قيامه بمجازفة ما أو بمغامرة أو بجنون في هـذا الإطـار بعمل عسكري؟

مع تركيب حكومته، مع بعض العناصر في داخل حكومته، يمكن أن يقوم بذلك، ولكن المهم إذا قام بذلك هل سيحقق أهدافا سياسية، وهو يستطيع أن يقتحم المدن الفلسطينية، قادر على أن يقتحمها ولكنه هل يستطيع أن يبقى؟ هل يستطيع أن يخرج من ذلك بوضع سياسي أفضل؟ أنا أعتقد بأنه سيتوجه إلى وضع سياسي أسـوأ.

 

زاهي وهبي: لماذا انتخب المجتمع الإسرائيلي شارون؟ لماذا انتخب الإسرائيليون شارون؟ ماذا يريدون منه برأيك؟

هو في الواقع براك عندما انتخب كان يمثل للإسرائيليين أملا جديداً وإمكانية أن يصل ويحقق ما فشل في تحقيقه أو ما عرقل تحقيقه نتنياهو، كانت صورة إسحق رابين الإنسان العسكري صاحب الانتصارات العسكرية الذي أراد أن يحقق أيضا خطوات سلام هي في ذهن الإسرائيليين أتى نتنياهو بعده ليمسح هذه الصور، فشل، اشتاقوا لتلك الصورة، لكي يكون هو الامتداد لرابين،  المشكلة في بارك أنه بدأ معنا من حيث انتهى رابين هو بدأ معنى من حيث بدأ رابين، وبالتالي ضيع فترة معينة في النقلة، وهنا خسر الفلسطينيين، ثم أراد أن يُشكل حكومة إسرائيلية بأغلبية 61 عضو من أساس مئة وعشرة أعضاء وليس من أساس 120 عضو في الكنيست، أي أنه أراد أن يتجاهل العشرة العرب الموجودين لديه، فخسر العرب في الداخل، ثم تجاهل أعضاء الحزب لديه، فخسر حزب العمل، وأدخل شاس فأغضب ميرتس وتحدث عن العلمانية فأغضب شاس، ثم تحدث عن إمكانية الانسحاب من القدس فأغضب المتدينين اليهود وتحدث على إصراره على أن يبقى له شيء في المسجد الأقصى فأغضبنا نحن، ثم توسع في الاستيطان فأغضبنا ثم قرر أن ينسحب ويفكك المستوطنات فأغضب المستوطنين،  هذه كلها أوجدت عداء كثيرين لبراك وهو ارتكب خطأين كبيرين بعد ذلك، الخطأ الأول عندما سمح لشارون بدخول المسجد الأقصى ونتج عنه ما نتج، ثم هدد بأنه لا يوجد له شريك فلسطيني،  كل هذه المعادلات أصبحت بالنسبة للإسرائيليين لماذا يبقى باراك؟

وهو غير قادر حتى على أن يجد شريكا فلسطينيا وفشل في جلب الأمن وفشل في تجميع الإسرائيليين حوله، فلم يكن له إلا أن يسقط، الخيار في أن يكون شارون لأنه أتى النقيض، كان عليهم إما أن يختاروا نتنياهو وهم جربوه أو أن يختاروا شارون بكل مواصفته وهو الشيء الوحيد الذي لم يجربـوه.

 

زاهي وهبي: هل تتخيل إمكانية مصافحة بين شارون وعرفات؟ هل يخطر لك مشهد شبيه بالمشهد الذي رأيناه مع رابين في يوم من الأيام؟

لا أراهن على ذلك، كل شيء ممكن ولكن لا أراهن عليه.

 

زاهي وهبي: هل تتمنى ذلك؟؟

شارون بمواصفاته الحالية؟ لا، شارون انقلاب في داخل تفكيره أن يحصل عليه انقلاب في تفكيره وتغير كما حصل مع رابين، صورة أخــرى.

 

زاهي وهبي: أستاذ فيصل الحسيني يمكن صورة الطفل الشهيد محمد الدّرة في حضن والده حركت العالم بشكل لم يسبق له مثل ودلت على مدى تأثير الصورة والإعلام في الرأي العام ونحن نعيش الآن في عصر الصورة ما تعتقد أن الإعلام الفلسطيني أولا والإعلام العربي ثانياً عم يلعب دوره المطلوب والمفترض منه في هذا الصراع التاريخي مع العدو؟؟؟

هو أحياناً الإعلام يجب أن يخدم الحدث، نحن في العادة الحدث يخدم الإعلام، العكس، لم نصل إلى تلك المرحلة التي أن يأتي فيها الإعلام ليخدم الحدث ويعطي دوره وبالتالي يُعطي ذلك المعنى السياسي الخطاب السياسي والإعلامي الجيد، حتى الآن نحن لم نصل إليه، ويتدبى ذلك في بلد مثل الولايات المتحدة، أذكر في أحد زيارتي للولايات المتحدة سألوني الأجانب الفلسطينيين هناك في المهجر كيف نستطيع أن نخدمكم؟ كيف نستطيع أن نقدم لكم؟ كان جوابي يومها حسنوا لغتكم الإنجليزية، بمعنى أن كفى أن تبقوا في الولايات المتحدة، أن تعيشوا في مجتمعاتكم المغلقة، تذهب الآن للولايات المتحدة لتجد لا أتحدث مناطق عربية أخـرى ولكن عنا كفلسطينيين مثلا أبنـاء رام الله يعيشوا ضمن مجتمع معين يتحدثوا فيه عن رام الله وتنتقل من هناك كل شيء في رام الله بما في ذلك صراعات رام الله وتاريخ رام الله القديم، تشعر بأنك عندما تذهب إلى هناك لا تشعر أنك انتقلت من فلسطين إلى الولايات المتحدة تشعر أنك انتقلت من رام الله إلى رام الله.

 

زاهي وهبي:  على كل حال ينطبق على كل الجاليات العربية هذا الأمر؟

نعم، وبالتالي ينتج عن ذلك أننا نبقى شيء غريب عن المجتمع الأمريكي، نحن علينا أن نفهم هذا المجتمع ومن خلال فهمه، لنستطيع أن نجعله يفهمنا، إن لم نفهم المجتمع الأمريكي من الداخل لن يفهمنا هذا المجتمع، هذا قد يكون صعباً لان اليهود هناك هم أبناء الجيل السابع، نحن أبناء الجيل الأول والثاني والقليل من أبناء الجيل الثالث، ربما اللبنانيين هم أبناء الجيل الثالث أو الرابع، ولكن نحن كفلسطينيين أبناء الجيل الثاني أو الثالث على الأكثر.

 

زاهي وهبي: باعتبار اللبنانيين هاجروا مبكرا إلى الولايات المتحدة؟

نعم، يحاول فقط الجيل الأول أن يوجد نفسه هناك، الجيل الثاني ينشأ وله خلفيته ويرى فيها رام الله ويرى واقعه فيها نيويورك، فيريد أن يكون جزءا من هذا الواقع، يبدأ أحياناً بأن ينكر أصوله، الجيل الثالث هو الجيل الذي يكون قد ثبت نفسه أمريكياً ويريد أن يتميز عن الأمريكيين الآخرين يبحث عن جذوره، الجيل الرابع هو الجيل الذي يستطيع فعلا أن يقدم لك الخدمات بدون شك،  هل يمكن أن نسارع هذا الأمر؟ أن نجعل من الجيل الأول والثاني قادر على أن يقدم لنا جزء مما كان يجب أن يقدمه الجيل الرابع هذه المعركة الحقيقية هناك ويجب ألا ننتظر طويلا يجب أن نحرك مجتمعنا هناك ليستطيع أن يفهم المجتمع الأمريكي يعني لن يفهمنا العالم إطلاقا إذا أنا في مواقفي السياسية في الولايات المتحدة كنا نختلف فيما بيننا إن كنت في الجبهة الشعبية أو الديمقراطية أنا أعتقد أنه سيفهمنا أكثر إن كان هذا التنافس نشأ في داخل الحزب الجمهوري أو الديمقراطي أكثر مما نشأ في داخل أحزابنا نحن، عندها سأتعامل مع الأمريكيين وأمثل ضغطاً في داخل هذه الأحزاب لصالح قضيتي بدلا من أن أكون أعمل دائما على الهامش.

 

زاهي وهبي: على سيرة الفصائل والجبهات أستاذ فيصل هل تشعر فعلا بخطر يعني الفوضى في مناطق السلطة الفلسطينية بسبب الظهور المسلح والفصائل المسلحة؟

لا، نحن تلقينا درسا وتجربة واسعة في الانتفاضات الأولى ونرى منذ الآن المواطن أو الثغرات التي يمكن أن يرتكب فيها نفس الخطأ ونعالجها.

 

زاهي وهبي: هل السلطة الفلسطينية تمسك بالشارع الفلسطيني؟

ضمن الظروف التي نعيشها، وضمن الجزر التي نتواجد فيها أعتقد أن المهمة هي مهمة برغم صعوبتها إلا أننا أنجزنا فيها الشيء الكثير.

 

زاهي وهبي:  العودة إلى السياق الذي كُنا فيه في ظل العولمة هل تشعر بالخطر أكثر أم بالأمان أكثر؟ هل تشعر أن انفتاح هذا الكوكب على بعضه يعني جعل الفلسطيني ليس لوحده في الميدان لم يعد يجري ما يجري خلف الكواليس، ووراء الستار؟ هل تشعر أن خصوصيتك كفلسطيني ممكن تكون مهددة في هذا الانفتاح الكبير؟

لا، الانفتاح على الجميع وليس على وضع آخر، هنا هل أستطيع أنا أن أتفاهم مع هذا الانفتاح هل أستطيع أن أجد مصالحة ما بين خصوصيتي وبين هذا الانفتاح؟ أنا اعتقد صراحة بأن هذا القرن لن يحتمل ولا يحتمل دول صغيرة، أعني دول صغيرة مثل المملكة المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، السويد، هولندي هذه الدول الصغيرة اضطرت إلى أن تشكل تكتلا أوروبيا لتواجه التكتلات الأكبر منها: الولايات المتحدة، جنوب شرق آسيا، فما بالنا نحن، علينا نحن أيضا هنا أن نحاول أن نتكتل كشعوب ودول في هذه المنطقة لمواجهة تحديات.

 

زاهي وهبي: قد يقول قائل لك أستاذ فيصل الحسيني لماذا انفردتم على التوقيع على الاتفاقات في هذه الحالة إذا كنتم تدعون إلى التكتل؟

لما كنا في مفاوضاتنا في واشنطن، وجه إلينا سؤالا: أنتم كفلسطينيون تفاوضون على مرحلة انتقالية تليها مرحلة نهائية قد تستغرق خمس سنوات والدول العربية الأخرى، لبنان، سوريا  والأردن يفاوضون على المرحلة النهائيةٍ هل أنتم كفلسطينيون تقولون لنا بأننا إذا تمكنا أن نحصل من إسرائيل على الانسحاب من أراضينا ألا نوقع صلحا حتى ننتظركم إلى أن تنتهوا من مفاوضاتكم الانتقالية ثم النهائية. كان الجواب الذي أعطيناه في ذلك اليوم، نحن ما نطلبه هو أنه في المرحلة النهائية نصل إلى مأساوية قد يكون ظرفك يلزمك بخطوة معينة وأنا ظرفي يلزمني بخطوة معينة، ولكن نريد أن نقول بأننا نحن وأنتم كدول عربية تتدخلون في هذه الصياغة نحن كمن يقف في بركة سباحة، منا من يقف ٍفي الدرجات السفلى ومنا من يقف في الدرجات الأعلى، والماء بدأ يملأ هذه البركة، وأنا أقدر نفسي أنني أقف في الدرجات السفلى عندما بدأ الماء يصل إلى أنفي كان الماء يصل إلى ركب أو صدور البعض منكم،  فان تحركت أنا بضعة خطوات حتى أجعل الماء يصل الماء إلى رقبتي لا تتحركوا نفس الخطوات لأنكم ستخرجون من البركة.

 

زاهي وهبي:  أستاذ فيصل الحسيني وأنت تحدثني الليلة أشعر بنبرة حزن في صوتك، هل هذه النبرة وهل هذا الحزن هو الحزن الفلسطيني المألوف حزن المنافي والتشرد والوطن الذي طال البحث عنه؟ أم هو حزن شخصي؟

لا، يمكن هو الحزن على أنه لو فهمنا بعض أكثر، لو صبرنا على بعض أكثر، لتعودنا أكثر في مرحلة معينة، ولم يفهم أحدنا الآخر بشكل كان يجب أن نفهم فيه، لهذا السبب ضيعنا مرحلة معينة، ولكن نحن في مرحلة جديدة لا يوجد ما يجعلنا نختلف.

 

زاهي وهبي:  ما هو المطلوب عربياً؟ ماذا يطلب الفلسطيني اليوم من العرب؟

نطلب ثلاثة أشياء: دعما سياسيا دعما معنويا ثم الثالث الدعم المادي. الدعم السياسي نراه من خلال أن كل دولة من الدول وليس فقط مجتمعة ولكن أيضا منفردة أن تجعل قضية كقضية القدس كقضية فلسطين على جدول أعمالها في أي اجتماع يعني عندما يجتمع وزير خارجية مع وزير خارجية أجنبي ستتغير الصورة تماما إن أصر على أنه في جدول الأعمال البند رقم واحد لنقول القدس ويناقشوا معهم موقفهم بموضوع القدس، وووو ثم تأتي البنود الأخرى بعد ذلك، هكذا تفعل إسرائيل في محادثاتها مع الدول الأخرى، تبدأ بالقضايا القضايا المهمة وبالتالي وبناء على ذلك علينا أن نطور علاقاتنا مع هذه الدول سياسياً واقتصاديا أيضا بمدى التزام هذه الدول بهذه المواقف سلبا أو إيجابا، مثال صغير: فرنسا تقف موقفا أكثر تأييدا لنا كحقوق الولايات المتحدة تقف موقفا أكثر تأييداًُ لإسرائيل، والدول العربية تريد أن تشتري الطائرات، لا أريد أن أقول عسكرية بل مدنية ولديها عرض أمريكي وعرض فرنسي، يجب ألا يكون منطقي التجاري فقط البحث، ولكن صفقة مع فرنسا أقل ربحاً سأربح من هذا الأمر مستقبلا في مستقبلي ومن مستقبل أمتي ٍأكثر مما يمكن أن تربحني الصفقة مع أمريكا لأن فرنسا تقف معي إذا اتبعنا ذلك ستتغير الأمور وإذا لم نتبع ذلك ستسأل الولايات المتحدة نفسها أنا لا أؤيدهم مع ذلك يشترون مني، لماذا أغير سياستي؟ وتُسائل فرنسا نفسها: أنا أدعمهم ومع ذلك لا يشترون مني لماذا استمر في سياستي؟ هذا البند الأول الذي أتحدث عنه من الموقف السياسي، فهم موقفنا نحن هو دعم هذا الموقف، الجاليات اليهودية في العالم كان لها موقف تجاه إسرائيل في فترة معينة، شعارها كان "إسرائيل دائماً على حق" نُريد هذا الموقف لنا بأن الفلسطينيين دائماً على حق في هذه المواجهة مع إسرائيل نحنُ دائما على حق، ادعموا موقفنا انصحونا نعم، ولكن ادعموا هذا الموقف، ادعمونا بشكل نستطيع أن نخوض فيه معركتنا ولكن ليس بالشكل أحيانا لا أتحدث أنا عن الاستقلال عن القرار الفلسطيني في المفهوم الذي فهمه البعض ولكن بالمفهوم الجندي الذي ذهب ليقاتل عندما يطلب الدعم يأتيه هذا الدعم باعتبار أنه هو الذي يقول: أين أُريد هذا الدعم وكيف يكون هذا الدعم؟ اقصفوا هذا الموقع أو ذاك، ألا تقرر أنت من جهتك، هذا ما قصدته من الفكرة.

الموضوع الثاني هو الدعم المعنوي: هذه معركة طويلة ومعركة طويلة بمعنى أنه قد نصل إلى اتفاقات جزئية لكن الاتفاقات النهائية والحلم أمامي ما زال بعيداً، علينا أن نجعل أمتنا العربية الفرد العربي الطفل العربي هو جزء من هذه المعركة، ويفهم ومتفهم لها وبهذا الشيء أستطيع أن أحركه وقتما أريد ولا أن تكون حركته كما هي الآن هي طفرات ما بين الفترة والفترة، وهذه الطفرة أحيانا تسلك الطريق الصحيح وأحياناً يكون مردودها سلبياً حتى على الدولة التي حدثت فيها هذه الطفرة الجماهيرية. من هنا هذا الدعم المعنوي والتعبئة المعنوية هي أمر هام جـداً.

الموضوع الأخير هو الدعم المادي: اكتفي بأن أقول أنه ذات يوم وقفت أمام مؤتمر لوزارء الخارجية العرب وتحدثت عن القدس واحتياجاتها ووعدتهم يومها وقلت إن دعمتمونا أم لم تدعمونا نعدكم صمودا قتالا نضالا لكن لا نعدكم نصراً، أما إن دعمتمونا فربما نعدكم نصراً.

 

زاهي وهبي: اعتقد أن هذه الجملة هي خير مسك ختام لحوارنا الليلة، أستاذ فيصل الحسيني أنا أشكرك كثيراً على الوقت الذي أعطيتنا إياه وأعطيته للمشاهدين وأتمنى أن كل أحلامك وهي أحلام وطنية وقومية كبرى أن تتحقق وأن يحمل المستقبل المزيد من التحرر والازدهار والرخاء للشعب الفلسطيني.

 

أهلاً وسهلاً بــك.