جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار
عنوان البرنامج : حوار العمر
التاريخ : 1997-07-15 20:05:03
الاذاعة : قناة الفضائية اللبنانية (LBC (
المحاور/ة : جزيل خوري
ضيوف محاورين : غازي السعدي، ومحمد الشريف

قراءة نص المقابلة

جزيل خوري:  مساء الخير، من سنة ال48 وحتى اليوم كل الاجيال العربية تعيش بظل القضية الفلسطينية التي هي المحور الاساسي لكل سياسات المنطقة. عرفتهم الشعوب العربية كلاجئين في مختلف البلدان العربية كمشاغبين لبعض الانظمة واليوم كمواطنين في شبه دولة تحاول ان تنوجد، فكانوا طورا مشكلة وحينا حل. الى جانب ابو عمار رئيس السلطة الفلسطيبنية والرمز الاكبر للثورة والشعب ظهرت شخصيات فلسطينية ثانية داخل الارض وخارجها، من ابرز الشخصيات النضالية داخل الاراضي المحتلة فيصل الحسيني إبن عبد القادر الحسيني الزعيم والشهيد التاريخي للفلسطينيين والذي بدوره عرف حياة نضالية في السجن وخارجه. لقاءنا معه اليوم بعمان المكان المناسب لمقابلة الشخصيات الاتية من اراضي الحكم الذاتي او من مدن فلسطينية او من القدس، اهلا وسهلا استاذ فيصل. من ضيوفنا للمشاركة في الحوار الليلة الاستاذ غازي السعدي الخبير بالشؤون الفلسطينية الاسرائيلية والاستاذ محمد الشريف الاعلامي الاردني في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون.

 

استاذ فيصل الحسيني انا راح ابدا مع الوالد، قلت في المقدمة ان عبد القادر الحسيني استشهد في القسطل في كتاب الياس صنبر عن فلسطين هجرة ال48، يقول انه وجه والدك رسالة اخيرة الى والدتك يقول فيها الانظمة العربية تركو لنا ثلاثة خيارات الهروب الى العراق، الانتحار، او الاستشهاد هنا في المعركة، كم هي خياراتكم اليوم محدودة؟.

 

فيصل الحسيني: بالفعل في تلك الايام وانا اسمع من والدتي ايضا عندما كان يعود من المعارك وتساله كان اما النصر او سنواجه كارثة سنكون عرضة للاذلال في كل مكان (هذا الشيء الاساسي)،  في رحلة اخرى سالته قال لها الموت الزؤام.

بالفعل كانت الخيارات قليلة لكن ايضا المواجهات متاحة لربما الان خياراتنا اكثر لكن المواجهات ليست نفس المواجهات وليست بنفس الاسلوب. لكن خيارنا الاساسي هو باعتقادي الالتصاق بالارض. البقاء عليها اعادة بناء انفسنا وتشييد بنيتنا التحتية تحت كل الظروف بغض النظر عن هذه الظروف بغض النظر عن الشروط الا ان مهمتنا الاساسية الان هي البناء في الداخل واعادة ربط الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج

 

جزيل خوري:  يعني الاعتماد على انفسكم وعدم الاعتماد على الاصدقاء او الانظمة الثانية.

 

فيصل الحسيني: نحن نعيش في عالم لا يستطيع احد ان يعيش وحده، وبالاولى نحن الفلسطينيين لا نستطيع ان نعيش وحدنا، وبالتالي هذه العلاقات مع الاخوه مع الاصدقاء مع الحلفاء يجب ان تكون قائمة، ولكن هي ليست العامل الاساسي لبقاءنا لمواجهتنا، اي بالعكس لربما يكون بقائنا التصاقنا بالارض عملنا هو العامل الاساسي لكي يكون لنا اصدقاء.

 

جزيل خوري: نرجع كمان والدك هو كمان وجدوه بعد 24 ساعة جثة في احد شوارع القدس، وذهبوا الفلسطينيون لتشييع عبد القادر الحسيني، وسقط القسطل. كيف تلقيت خبر استشهاد والدك، وكم كان عمرك؟

 

فيصل الحسيني: انا كان عمري 8 سنوات، موجود بالقاهرة مع والدتي واشقائي. في صباح ذلك اليوم اتى لي شقيقي الاكبر مني وعرض علي الصحيفة اليومية، وقال لي اقرا الجريدة وقرات العنوان الاساسي، وكان استشهاد عبد القادر الحسيني. سالني وهو اكبر مني بسنتين، قال لي هل فهمت الخبر؟ قلت نعم، قال لي اذا اشرحه لاخوك الاصغر منك. فتوجهت لاخي الاصغر مني وشرحت له الموضوع، هو لم يكن قادر على القراءة مثلي وبالتالي اضطررت ان اشرحها له شفهيا.

المفيد في الموضوع باني استوعبت ان والدي استشهد، شرحت لاخي الاصغر مني هذا الموضوع وكان قبل ذلك قد استشهد لنا قريب، سالني شقيقي الاصغر والدي قتل اثناء الحرب؟ قلت له نعم، قال لي يعني هو بطل، قلت له نعم هو بطل، قال يعني لن نراه بعد ذلك. لاول مرة منذ قرات الخبر في الصحيفة،  استوعبت اني لن ارى والدي مرة اخرى طبعا قلت له نعم لن نراه مرة اخرى، لكن انا استوعبت حقيقة الموت من سؤال اخي قبل ان استوعبه وحدي.

 

جيزيل خوري هل تتذكره؟

 

فيصل الحسيني: اذكره، ولكن ربما اذكره ولكن بشكل صورة ثابته وليست متحركة، مشاهد في لحظات معينه في اوقات لكن لا اكاد اذكر صورة متصلة صورة متحركة انه دخل خرج، صور.

 

جيزيل خوري: كم عشت في ظل عبد القادر الحسيني ؟

 

فيصل الحسيني: لفترة طويلة اكاد لا اخرج منها حتى الان،  في مرحلة معينة، في مرحلة حاولت ان اقاتل لاخرج من تحت الظل، بعد فترة قررت انه لا ضرورة لهذا القتال، استطيع او نستطيع ان نحيا سويا بشكل او باخر. اذكر في سن 18 كنت احيا بهذه الروح ومحاولة ان اخرج من اني ابن عبدالقادر الحسيني. في عام 1958 ذهبت الى العراق وقررت ان اطلق اذكر اسمي واسم عائلتي دون ان اذكر اسم والدي بحثا عن نفسي وعن شخصيتي ، لاني كنت اشعر بان الناس يذيبوني في هذه الشخصية، يمكن بعدها عدة سنوات كنت اخوض هذا النوع من المعارك ثم نضجت بعد ذلك، ولا داعي لخوض مثل هذه المعارك.

 

جيزيل خوري: انت متهم بانك تتعامل برجوازية وراثية؟

 

فيصل الحسيني: البعض يقول انها برجوازية لربما الاصح البعض يقول عنها ارستقراطية، انا لست من عائلة برجوازية لربما اذا قسمنا التقسيم الطبقي.

 

جيزيل خوري: تعرف بعد كل شئ صار صاروا مثل بعضهم؟

 

فيصل الحسيني: لا، اعتقد اني احد الاشخاص تعاملي مع الشارع، مباشرة مع الناس، بشكل مباشر، لربما الناس في الوهلة الاولى يروا في تحركي شكل معين من شخصيتي، لكن انا اعتقد ولم اسمع قبل ذلك اني اتعامل كما ذكرت بشكل برجوازي، بقدر باني اتعامل باخلاق برجوازية بقدر باني اتعامل بشكل تلقائي طبيعي مع الناس، اتصف اكثر باني بسيط، يمكن اوصف اكثر باني طيب والبعض يقول اني طيب اكثر من اللازم احيانا .

 

جيزيل خوري: دخلت وخرجت كثير من مدينتك من القدس، حاربت في مصر في بغداد كم بقيت وقت كنت تحارب وقت لرايت الحروب الداخلية العربية بين القوميين والشيوعيين. كم انت حاولت ان تتراجع عن هدفك، كم كان عندك خيبة؟

فيصل الحسيني: لربما لفترة طويلة كانت قناعاتي اننا نقاتل من اجل فلسطين لكن ضمن تصور معين ان الوحدة هي الطريق الى فلسطين، وبالتالي في مرحلة معينة لم اكن اقاتل كفلسطيني كنت اقاتل كعربي. لربما الصدمة الاولى التي اصبت فيها وبدات افكر فيها كفلسطيني هي على اثر الانفصال ما بين سوريا ومصر. كنت ايامها في دمشق وكان كل امالنا هو العودة الى فلسطين من خلال هذه الوحدة ثم فجاة انهارت الوحدة ووجدت نفسي انا كفلسطيني اخسر شيئا ما، اخسر امل امامي وامل خسرته بالدرجة الاولى ليس فقط كعربي ولكن كفلسطيني ولسبب ليس لفلسطين علاقة به. يومها بدات افكر انه ايضا يجب ان يكون هناك تصور فلسطيني خاص. ايامها كنت انا عضو في حركة القوميين العرب، يمكن داخل حركة القوميين العرب كنت من احد الاشخاص الذين بدؤوا يناضلوا من اجل شئ اسمه اقليم فلسطين، حركة القوميين العرب لم يكن فيها اقليم فلسطين كان فيها اقليم سوريا اقليم لبنان اقليم الاردن اقليم مصر وانا كفلسطيني كنت اتنقل. اي اقليم اذهب اليه اصبح جزء من هذا الاقليم, بعد الانفصال و لعدة سنوات ناضلنا من اجل ان يكون هناك ايضا اقليم فلسطين، وبالتالي لست ادري اذا كان هذا خيرا ام لا ولكن بالفعل بدات اشعر و ابحث عن شخصيتي كفلسطيني وعن دوري الاساسي كفلسطيني جزء من الامة العربية. البعض يقول باننا نقلنا الفلسطيني من عربي الى فلسطيني بدل من ان نسير على الصورة السابقة التي كان يمكن ان تنقل العربي ليصير فلسطيني .

 

جيزيل خوري: متى بدا نضالك  في فلسطين وسلسلة الاعتقالات التي حدثت؟

 

فيصل الحسيني: هذه الفترة التي سبقت الانتفاضة وخلال الانتفاضة اصبحت سلسلة الاعتقالات ما بين اعتقالات ادارية واعتقالات للتحقيق لكن الاعتقال الاول الذي جرى لي في فلسطين كان عام 1967 في شهر 10 عام 1967 حيث اعتقلت وفتش بيتي ووجدوا عندي اسلحة حكمت لمدة سنة خرجت بعد ذلك من السجن وعشت فترة صعبة، الاسرائيليون رفضوا ان يعطوني بطاقة هوية .

 

جيزيل خوري: لانك عام 67 لم تكن موجود في القدس؟

 

فيصل الحسيني: عام 67 وجدت بعد الحرب مباشرة لكن لم اسجل في قوائم الهويات الاولى، سجلت في المرحلة الثانية لكنهم لم يعترفوا في هذه المرحلة واصروا وطالبوني بمغادرة البلاد رفضت ان اغادر البلاد وبقيت اكافح من اجل الحصول على الهوية 7 سنوات. فقط بعد 7 سنوات حصلت على هوية واصبح لي الفرصة للتحرك، وبالتالي بدات بالتحرك كمواطن عادي وليس كمواطن يختبئ كلما شهد سيارة شرطة شئ من هذا القبيل وبدا نشاطي العام يبرز منذ عام 1979 . في عام 1982 فرضت علي الاقامة الجبرية،  لتبدا سلسلة الإعتقالات منذ عام 1987 في شهر نيسان واستمرت هذه السلسلة من الاعتقالات حتى عام 1989، ثم عادت هذه الاعتقالات مرة اخرى في سنة (90 ,91 ) .

جيزيل خوري: كنت تعرف ابو عمار؟ متى عرفته وكيف التقيت به؟

 

فيصل الحسيني: التقيت المرة الاولى مع ابو عمار في عام 1949 في القاهرة. كان من المفروض ان يكون هناك احتفال لتابين الشهداء لتابين عبد القادر الحسيني واعتبر ذاك اليوم هو يوم الشهداء، وطلب مني ان القي قصيدة في ذاك اليوم، كنت ايامها في التاسعة من العمر، واذكر انه اتى الى منزلنا ياسر عرفات وابو اياد اتو سويا وطلبوا مني ان اقرأ هذا الشعر وبالتالي بدات علاقتي مع ياسر عرفات منذ تلك الفترة .

 

غازي السعدي: هل انت نادم لدخولك المعركة الاجتماعية والسياسية ولو عدت تفكر من جديد وعدت اربعين سنة للوراء هل تختار طريقك الذي اخترته ؟

 

فيصل الحسيني: بلا شك اني ساخوض هذه المعركة لربما بخبرتي الحالية بمعلوماتي الحالية لخضتها بشكل مختلف، ولكن كنت ساخوضها. انا استطيع ان اقول اني لست نادما على شىء فعلته ولكني تعلمت كثيرا من اخطائي .

 

جيزيل خوري: مثل ماذا ما هو الشئ الذي لم تكن لتفعله؟

 

فيصل الحسيني: على سبيل المثال عندما بعد الحرب مباشرة انتقلت هنا الى لبنان ودخلت لبنان اعتقد في يوم وقف اطلاق النار وبدأنا في محاولة باستمرار المعركة من داخل لبنان، اقمنا معسكر في كيفون وقمنا بتدريب اعداد كبيرة من الناس. انا الان لو اعود الى تلك الفترة لحرصت ان يكون هذا العمل بشكل مختلف طريقة الدخول طريقة ممارسة العمل في تلك المرحلة التحرك من اين يبدا الى فلسطين لربما، لو عدت الى تلك الفترة لقررت ان ادخل مباشرة الى فلسطين مباشرة الى القدس والا انتظر هذا الشهر او شهر ونصف الى حين دخولي الى فلسطين، وربما لو دخلت بفترة مبكرة لربما تغيرت اشياء محددة هنا وهناك في مسيرتي انا النضالية، لربما اعتمدت في الفترة اكثر على ان يكون العمل منطلقا من الداخل وليس من الخارج.

 

جيزيل خوري:  ان لا تمر طريق فلسطين عبر جونية وبيروت؟

 

فيصل الحسيني: نعم ان تكون في فلسطبن مباشرة، ربما تعلمنا هذا الدرس في النهاية من خلال الاحداث، وبالتالي عندما انطلقت الانتفاضة انا اعتقد ان الانتفاضة كان انطلاقها هو يقول بان علي ان اقاتل الاسرائليين من ارضي، وان تكون معركتي هي تناقضاتي مع الاحتلال ومع تناقضاتي مع الاخرين الداخلية وليس من خلال تناقضاتي مع اسرائيل ومع تناقضاتي الداخلية ومع تناقضات الشعب الذي اعيش بينه. انا لو عدت الى تلك الفترة لحرصت ان يكون التركيز كله من الداخل وليس من الخارج.

 

محمد شاهين: هناك تعقيب على القضية التي طرحها الاستاذ فيصل في بداية حديثه من حيث كونه ابن عبد القادر الحسيني انك حاولت في فترة من فترات حياتك ان تتخلص من هذه التبعية وتحاول ان ترسم شخصية مستقلة لنفسك ولكن لا تحس اليوم ان الناس تعامل فيصل الحسيني على انه ابن الشهيد عبد القادر الحسيني وتنظر اليه من هذه الزاوية ؟

 

فيصل الحسيني: نعم لا شك ان الكثير ينظر الي بهذا الشكل ولم اتخلص من هذا الموضوع، وكما قلت لك في فترة اردت ان اقاتل هذا التأثير، قررت في النهاية انه يبقى عبد القادر الحسيني عملاق ولن اتطاول لمقاتلة هذا العملاق هو موجود وانا موجود وكل ما يأتي من ظله علي هو شيء من الواقع لن اقاتله ولكني ساتصرف وكانه غير موجود ولكن هو موجود.

 

جيزيل خوري: عم بيسموك الشباب ابو عبد عبد يعني ابنك اسمه عبد القادر ستكون المعركة اقوى؟

 

جيزيل خوري: استاذ فيصل طبعا كان في باخر السبعينات جمعية الدراسات العربية يعني كم كانت غطاء  لتحرك سياسي  معين؟

 

فيصل الحسيني: طبعا كانت غطاء لتحرك سياسي معين وهي بدات بعمل سياسي تحت هذا الشعار كان الهدف ان نقوم بعمل من الداخل. هذا العمل يقدم خدمة لما كان نعرفه باسم لجنة التوجيه الوطنين تضم القيادات الفلسطينية وفي مقدمة المواجهة وبالتالي كان هناك  تفكير بان نقوم بترجمة ما ياتي في الصحف العبرية وتجميع ما يكتب في صحف اخرى وان نقدم باستمرار نوع من التصورات لهذه القيادة الفلسطينية بما في ذلك تعريفه بالشخصيات الاسرائلية التي على طريقهم للبروز حتى يساعد ذلك على عملية المواجهة في المستقبل، وضمن اطار انه عمل صحفي اولا بدانا باسم مؤسسة الدراسات العربية ثم حولناها بعد ذلك باسم جمعية الدراسات العربية،  وفي الواقع اننا استطعنا ان نحصل على بعض المواضيع الهامة، لفتت هذه الجمعية او هذه المؤسسة الانظار، وبدات تنمو بشكل متسارع الى ان اصبحت في عام 1982 واحدة من المؤسسات الاولى التي ينظر لها فلسطينيا او اسرائيليا على انها لا تقوم فقط بدور ثقافي او اجتماعي ولكنه بالدرجة الاولى لها دور سياسي.

 

جيزيل خوري: يعني اخذ الاسرائيليون ثلاث سنوات حتى اكتشفوا هذا الدور؟

 

فيصل الحسيني: تقريبا يمكن هو بعد ثلاث سنوات من انشاء الجمعية فرضت علي الاقامة الجبرية ومنعت من مغادرة القدس.

 

جيزيل خوري: كان في شيء اسمه لجان  الشعبية يعني خلايا للانتفاضة؟

 

فيصل الحسيني: كان هناك طبعا ليس خلايا للانتفاضة انما خلايا للعمل الفلسطيني كان في هناك خلايا فتح  خلايا الجبهة الشعبية خلايا الحزب الشيوعي خلايا لعناصر اخرى.احد ميزات جمعية الدراسات العربية انها كانت تضم داخلها عناصر من فتح من الجبهة الشعبية من كل العناصر الفلسطينية في بوتقة واحدة وفي مكان واحد وهذا اعطى لجمعية الدراسات العربية مثل هذه المكانة.

 

جيزيل خوري: اديش ابو جهاد تعامل معكم واديش كان في هندسة مسبقة للانتفاضة يعني الانتفاضة ما خلقت هيك كرد فعل كان  في تخطيط لعدة سنوات وكان ابو جهاد يمكن المهندس الاساسي لها؟.

 

فيصل الحسيني: هو كان لقائي الاول مع الاخ ابو جهاد في دمشق عام 1976  وفي هذا اللقاء تم الاتفاق على ضرورة عمل شيء وحاولت فعدت الى الداخل وبدأت في مهمتي لعمل شيء قابلته بعد ذلك في عام 1977 ولم اكن بعد قد بلورت العمل بشكل سليم واذكر يومها سالته هل انت على عجل لاتي لك بعمل مستعجل ولكن مؤقت ام تعطيني وقت اطول لاتي لك بعمل طويل الامد, قال: لا، انا اريد شيء طويل الامد، على مهلك لا اريد ضجيج ولا اريد شيء ولكن اريد عمل حقيقي وبالفعل عام 1979 بدات جمعية الدراسات العربية بالعمل واستمرت هذه العلاقة مع ابو جهاد حتى عام 1982 حتى فرضت علي الاقامة الاجبرية بعد ذلك اصبحت العلاقات بيني وبين ابو جهاد من خلال مراسلات ومن خلال اشخاص ورسل منهم اجانب. على فكرة في عام 1985 اتتنا الرسالة الاولى من الاخ ابو جهاد بطرح موضوع خاص يريد ان يكون هناك تشكيلا يعمل بوسائل مختلفة عن العمل حتى الان، وما سمي تلك الفترة النضال السلبي او اللاعنف واذكر اننا جلسنا لنبحث هذا الموضوع لدينا في الداخل وكان احد الاشخاص معي على سبيل المثال الدكتور سري نسيبة، وبدانا نفكر كيف نستطيع ان نسوق هذا الفكر، كان لدينا قناعة انه في النهاية اسرائيل تمتلك قوة عسكرية اكبر، نحن موجودون في منطقة هم يمتلكون العدد الاكبر ونحن الاقل، ما هي افضل الوسائل لاشغالهم وفرض المعركة  وصورة المعركة كما نريدها نحن، وليس كما يريدوها هم ومن هنا انتقل الموضوع من النضال السلبي الى اللاعنف، ولكن ضمن الاجواء الموجودة حتى كلمة لا عنف لم تكن مقبولة في وسط الشعب الفلسطيني، واصدرنا بيان وكان اول بيان تحت عنوان اللاعنف الهجومي وكان الهدف منه وهو ما كان بالفعل الاتفاق عليه مع ابو جهاد هو ان يكون هناك نوع من التحرك على الارض يستفز الاحتلال ليقوم بردود فعل ولكن ردود فعل محدودة نحكمها نحن بالوسائل التي نستخدمها، وبالتالي بدانا هذه العملية والتي اقول باننا حرصنا على ان نستخدم وسائل بدائية في التعامل مع الجيش الاسرائيلي لنجبره ان يتعامل معنا بنفس هذه الوسائل. لم يكن لدينا تصور انه هكذا ستكون الانتفاضة ولكن فوجئنا وربما المفاجىء بالنسبة لي كان حتى قبل الانتفاضة بعد ما قمنا بهذه التشكيلات شكلنا بعض اللجان ومنها لجان فلسطينية اسرائيلية مشتركة بعض المنظمات الاسرائلية المعادية للاحتلال المعادية للصهيونية بعض افرادها عملوا معنا.

جزيل خوري:  تؤمن بهيك تيارات؟

 

فيصل الحسيني: انا اعتقد بانه لا يوجد هناك شعب سيء وشعب جيد الانسان هو الانسان، وبالتالي في كل مكان يمكن ان تجدي السيء والجيد يمكن ان تجدي الضعيف والقوي . بالتالي في  معركة كمعركة فلسطين وانا اعتقد ان معركة فلسطين ليست فقط معركة فلسطينية او نضال فلسطيني ليس فقط نضال عربي ولكنها هي ايضا نضال دولي عالمي، لهذه القضية صبغة عالمية يمكن ان يجند فيها ليس فقط فلسطينيين ولكن ايضا من جنسيات اخرى ليس مسلمين ومسيحيين فقط ممكن من ديانات اخرى بوذيين او يهود .

 

جزيل خوري: ليش شو بيهتموا؟

 

فيصل الحسيني: انا اعتقد بان طبيعة ما جرى بهذا العصر شيء ما حصل على مدى التاريخ لم يحدث او على الاقل التاريخ الحديث لم يحدث ان يقتلع شعب كامل من ارضه ليحل محله شعب اخر، هذه قضية ممكن ان تهز مشاعر اي انسان على موضوع انساني شامل. المشاركين في هذه العملية هم من مختلف انحاء العالم وربما وجود اليهود في مختلف انحاء العالم ترك نوع من المسؤولية لدى كل دولة خرج منها قوة صهيونية اتجهت الى فلسطين لدى كل جالية يهودية في العالم اصبح لديها هذه المسؤولية، وبالتالي كأفراد منهم من رأى في هذه المسؤولية شيء ايجابي ومنهم من رأى فيها شيئا سلبيا بعد ذلك. الخروج الفلسطيني ووجود الفلسطيني في كل مكان على هذه البسيطة ينقلوا هذه الصورة الى العالم. كل هذه الاشياء اعطت للقضية الفلسطينية في تصوري صبغة عالمية واذا نظرنا الى موقع فلسطين ان كان في التاريخ او موقعها الجغرافي ايضا اعطاها مثل هذه الصبغة. وبالتالي لا استغرب ان يكون هناك يهود وحتى اسرائيليين يتبنوا فكرا فلسطينيا او يتبنوا الموقف الفلسطيني بشكل كامل وعملوا معنا، كثير منهم وليس كعملاء ولكن كاناس مناضلين مؤمنين بان الفلسطيني على حق .

 

جزيل خوري: في تجربة  ارمنية ولكنها عملت بشكل عالمي واختفى الوطن الارمني بشكل كامل ما هيك؟

يمكن انه نحن لدينا امتداد اوسع من البلاد الارمنية. الارمن لم يكن لهم خلفية، لم يكن لهم امتداد استراتيجي. نحن كفلسطينيين كان لنا هذا الامتداد الاستراتيجي العربي. من ناحية ثانية لربما العدو الطرف الاخر اليهود، واليهود ووجودهم في العالم ليس  كالوجود الفلسطيني وبالتالي انا اكتسبت ايضا اهمية بسبب اهمية الذي يقاتلني .

 

غازي السعدي : استاذ ابو العبد كما ذكرت انت اعتقلت في اسرائيل عدة مرات. التقيت في داخل السجن الاسرائيلي مع الحاخام العنصري مائير كهانا هل هذا صحيح؟

 

فيصل الحسيني: لا لم التق والله

 

غازي السعدي: مائير كهانا هو من اشد المتطرفين الاسرائليين وهو قتل بالولايات المتحدة، وعمل من اجل تهجير الفلسطينيين من الاراضي الفلسطينية، وكتب كتاب اسمه شوكة في عيونكم ويقصد بالشوكة ليس في عيون العرب، بل ان العرب في اسرائيل وفي الاراضي الفلسطينية هم شوكة في عيون اسرائيل يجب التخلص منها.

 

محمد شاهين: استاذ فيصل كنت حابب اسال عن نقطة متعلقة بالانتفاضة والقدس احنا نعرف ان القدس لها خصوصية هل الخصوصية بتنطبق ايضا على الانتفاضة داخل المدينة هل هي نفس التجربة التي كانت داخل الضفة الغربية وقطاع غزة ام لها شيء خاص فيها؟.

 

فيصل الحسيني: هو لها طبيعة خاصة والى حد ما تختلف عن الضفة الغربية. التواجد الثقيل للقوات الاسرائيلية كانت أمن ام شرطة او حتى المتعصبين هي اكثر في القدس من مناطق اخرى. رغبت اسرائيل ان تجعل القدس خارجة عن نطاق الانتفاضة خارجة عن السياق الفلسطيني باعتبارها جزء من العاصمة الاسرائلية التي ايضا اضافت على القدس  واجبات جديدة واساليب مواجهة مختلفة  عما كانت في مناطق اخرى. على فكرة القدس تاخرت في دخول الانتفاضة ولكن منذ اللحظة التي دخلت فيها الانتفاضة فرضت شكل جديد في المواجهة بدا بقضية الاضراب التجاري في القدس لاثبات من هو سيد الموقف في الشارع المقدسي هل هي اسرائيل ام الفلسطينيين هل هي القيادة الفلسطينية الموحدة ام الحكومة  الاسرائيلية، وبدات  نوع من المباراة والصراع الغريب في مفهومه. في تلك الفترة كان يكفي ان نقرر متى نفتح ومتى نغلق وخضنا معركة مع الاسرائيليين. فقط نحن نريد ان نغلق صباحا ونفتح بعد الظهر اسرائيل ارادت ان تكسر هذا القرار الفلسطيني وان نفتح صباحا يعني عكس ما اردنا وفي النهاية انتصرت الارادة الفلسطينية واستطعنا ان نجر الاسرائيليين لان يقاتلونا في الموقع الذي نريد ولفترة طويلة نجحت الانتفاضة بالفعل لاننا اتبعنا هذا الاسلوب الذي نجح في القدس في ان نجر الاسرائليين لان يصطدموا معنا في الساعة التي نريد والساحة التي نريد. تعلم الاسرائيليون من هذا الدرس وخاضوا معنا معركة بعد ذلك عدة معارك. في الواقع هم فرضوا علينا بعد ذلك بعض المعارك التي لم يكن علينا ان ننجر اليها وهذه اضعفت من قدراتنا على الارض، ولكن بقي لدينا الاسلوب الاخر. اننا نحن الذين كنا احيانا نجرهم الى المعركة والى الساحة التي نريد.

 

جزيل خوري: انا بدي ارجع اسال سؤال من وحي اذا فينا نقوال سؤال استاذ غازي، في السجن الاسرائيلي هل التقيت بزعماء اسرائيليين؟

 

فيصل الحسيني: في الفترة الثانية ليس في عام 1967 في عام 1967 كان مع محقيين كان مع بعض الساسة القدامى اتوا كمحامين قابلوني مثل شاموئيل تامير التقيت معهم في السجن لكن لغرض انه قادم يبحث امكانية ان يتولى الدفاع عن قضيتي. في عام 87 وضمن هذه الاعتقالات تم اللقاء مع سياسيين اسرائيليين منهم اعضاء كنيست، واحد الشخصيات التي اتت الى السجن وقابلتها هناك كان شاموئيل جورن وهو كان المنسق العام للقوات الاسرائيلية بالضفة والقطاع، وبالتالي كان يعتبر المسؤول الرئيسي عن ادارة المناطق الفلسطينية في تلك المرحلة وربما كان هذا هو اكثر اللقاءات التي خرج عنها ردود افعال في الاوساط الاسرائيلية والفلسطينية والعربية ايضا.

جزيل خوري: هل تحس انه عندهم طلب محدد كانوا بيلتقوا فيك منشان اي سبب معين؟.

 

فيصل الحسيني: واضح جدا هم كانوا يريدوا ان يفصلوا بين الخارج والداخل وكان اصرارهم علينا ان نعمل فقط من خلال الداخل وان نترك جانبا القيادة الفلسطينية في الخارج، وكان موقفنا عكس ذلك نحن هنا جزء من الشعب الفلسطيني وبالتالي عليكم ان تتعاملوا معنا كجزء من الشعب الفلسطيني وليس على ان الشعب الفلسطيني هو فقط المقيمين في داخل الاراضي المحتلة. وكان هو العنصر الاساس في النقاش مع شموئيل غورن.

 

قال لي انتم الذين قمتم الانتفاضة، انتم الذين القيتم الحجارة انتم الذين فرضتم اسلوب معين على الجيش الاسرائيلي، فلماذ لا تفاوضوا عن الفلسطينيين عن انفسكم لماذا تريدوا المنظمة لماذا تريدوا ياسر عرفات؟ فقلت له انا شعوري بانني انا لم اقاتل فقط في القدس، انا اشعر باني قاتلت في الجنوب اللبناني اني قاتلت في بيروت قاتلت في عمان حملت السلاح في كل هذه الاماكن، انا اشعر اني كنت في الحصار في بيروت وانا واثق انه ابو عمار يشعر انه القى الحجارة في غزة والحجارة في القدس لاننا شعب واحد، هذا كان النقاش الاساسي وخرجت من هناك وضمن هذا التصور بان اي شيء يتم يجب ان يتم من خلال الجسم الفلسطيني ككل وليس فقط من خلال تقسيم الشعب الفلسطيني الى داخل وخارج.

 

جزيل خوري:  وعلى الصعيد الانساني كيف كان التعامل في السجون الاسرائيلية كيف كانت المعاملة بالاحرى؟.

 

فيصل الحسيني: جزء كبير منها يعتمد على السجين نفسه كيف يستطيع ان يفرض نفسه على الوضع على السجان. اذكر قصة خلال وجودي عام 1967 في السجن الاسرائيلي في الرملة. في تلك السنوات هم حرصوا على ان يضعوني في السجن بشكل انفرادي وبالفعل وضعت لمدة خمسة شهور ونصف ولنقل شهر تحقيق ولكن بعد ذلك اربعة شهور ونصف في سجن انفرادي لا يشاهدني احد، في معظم الوقت لم يكن لدي كتاب اقرأه  او راديو استمع اليه او اي شيء، كان ياتي لي سجان ليصل الي يقدم الطعام او يطلب شيئا معينا دون حتى ان يتحدث الي. كانت فترة عصيبة ما حد بيتكلم معاكي, ما في كتاب تقرائيه ما في اي شيء، انت تعيشي مع نفسك مع ذكرياتك مع المعاناة. ضمن هذه المعاناه اذكر ان هذه الزنانة التي وضعت فيها حتى يصلها اي سجان يجب ان يفتح ثلاثة ابواب حتى يصل الي وبالتالي صعب جدا ان اتصل مع اي انسان. كان هناك سجان اذكر حتى  الان اسمه دايان كان يأتي الي كل يوم،  انا مجرد ان اسمع المفتاح الاول البس هندامي واقف في وسط الغرفة وقفة عسكرية، وعلى وجهي ابتسامة ياتي ينظر الي، ينظر الي لمدة دقائق ثم يتركني ويذهب. في احد الايام اتى الي وقال لي انت اهبل وإلا مجنون؟ قلته ليه؟

قال لي انتم هزمتوا في الحرب، انت فقدت مستقبلك كله هنا في السجن، ستحكم مؤبد ستموت في هذه الزنزانه، فقدت اتصالك مع عائلتك فقدت اتصالك مع الناس تحيا حياة مزرية هنا في داخل السجن. لماذا هذه الابتسامة؟ فقلت له: انت تدخل الي هنا وعلى وجهك تقطيبة يعني مكشر، الشمس التي تاتيني من خلف صفائح الالمنيوم تاتيني ايضا غير باسمة، الحيطان حولي هي عابسة، الطعام الذي تقدموه لي هو عابس، وانا لا استطيع ان اجعلك تبتسم ان اجعل الشمس تبتسم ان اجعل الحيطان تبتسم ولكني استطيع انا ان ابتسم وهذه الابتسامة لن تاخذوها مني. ردة فعله انه مد يده ليصافحني وبدا يخلق علاقة مختلفة اذكر اول شيء عمله ولاول مرة منذ ثلاثة شهور من سجني الانفرادي ياتيني بشفرة جديدة غير مستعملة لاحلق ذقني، وسارت الامور بعد ذلك. نفس الشيء بعد ذلك، في الواقع في عام 1987 كنت حريص على ان افتح حوارات دائما مع السجان او مع السجانين ان كان في السجن او اثناء الانتقال من السجن الى المحكمة ذهابا وايابا واعتقد انه في تلك السنوات بالذات سنوات الانتفاضة كان رغبة ايضا من الاسرائيليين نفسهم ان يتحدثوا مرة اخرى مع هذا الفلسطيني الذي لم يعرفوه كما عرفوه خلال فترة الانتفاضة. كل الصورة عن الفلسطينيين تغيرت خلال فترة الانتفاضة واصبح هناك فضول لدى السجانين لدى السجناء ليعرفوا من هو الفلسطيني. وانا وجدت ان هذه احدى واجباتي حتى وانا في السجن ان اقدم هذه الشخصية الفلسطينية هذا الفكر الفلسطيني  الجديد هذه القناعة الفلسطينية الجديدة ان اقدمها للسجان للسجين لكل من استطيع ان اصل اليه سواء داخل السجن او خارجه.

 

جيزيل خوري: مرة سئل شاعر فلسطيني محمود درويش اذا كان يكره الشعب الاسرائيلي فقال لهم سجاني كان يهوديا، التي علمتني اللغات كانت يهودية وعشيقتي الاولى كانت يهودية وانا اتعامل معهم وكاننا شعبين. ما فينا نكره بعض، هل هذا الشيء صحيح لفيصل الحسيني؟

 

فيصل الحسيني: نعم مع الفوارق، لم تكن عشيقتي يهودية، ولم تكن معلمتي، نعم احدى المعلمات. تعلمت اللغة العبرية في مدرسة او قويت لغتي العبرية في مدرسة بعد ذلك كانت المعلمة يهودية.

 

جيزيل خوري:  وسجانك كان يهوديا؟

نعم سجاني كان يهوديا. انا لم اتعرف على الاسرائيليين، لم اكن اعرفهم قبل عام 1967 وبالتالي كان الاسرائيلي بالنسبة لي هو الجندي، هو المستوطن هو المعتدي. في عام 1967 واول مرة انا بدات اتعامل مع الاسرائيليين، لنقل بشكل فيه نوع من الاختلاف هو انه تجولت في شوارع القدس الغربية، اذكر وخلال تجولي بدات اراهم. رايت منهم القوي والضعيف الصغير والكبير الذكي والغبي بالتعامل معهم يعني في بعض الاحيان شاهدت اطفال ذكرني طفل معين وهو يلعب في الشارع بطفل عرفته قبل ذلك وبالتالي فرض علينا ان نتعامل معهم من هذا الجانب الانساني. اذا بتساليني اني بكرههم، لا. انا قاتلتهم، قاومتهم، لكن في مرحلة معينة ليس انطلاقا من اني اكرهم ولكن انطلاقا من اني احب ارضي احب شعبي وان ادافع عن هذه الارض عن هذا الشعب وليس انطلاقا من كراهية، ووجدت بينهم من استعد ان يكون بجانبي، وجدت بينهم من استعد ان يكون معادي وبشكل لا يمكن ان يناقش. ولكن وجدت ايضا من بامكانه ان يتغير. انا ادينهم وادين مواقفهم لكن ليس من باب الكراهية. لا. انا اراهم كبني بشر عاديين لهم مصالح ومواقف تختلف عن مصالحي ومواقفي. هناك تناقض اساسي بيني وبينهم يدفعني لان اقاتلهم وبراحة ضمير وبدون كراهية. واذا وصلت يوما الى حل ايضا براحة ضمير وبدون شعور اني تخليت عن شيء مهم.

 

غازي: المعركة او الصراع مع اسرائيل هو صراع طويل، بدا بعد حرب ال 67 وانتم واجهتم ليس فقط الاسرائيليين، واجهتم ايضا روابط القرى التي حاولت اسرائيل فرضها عليكم لتكون السلطة الفلسطينية داخل الاراضي المحتلة. وهذه فشلت ايضا عندما جاء البرفيسور ميلسون وطرح فكرة الحكم الذاتي ايضا رفض وفشل وكانت مسلسل من الاتصالات والمفاوضات حتى وصلنا الى اوسلو،  هل تعتقد اننا فوتنا فرص افضل من اوسلو في الماضي وهل تعتقد ان اوسلو وما تبعها من اتفاقيات  سيجري تطبيقها على الارض وليس فقط على الورق ؟

 

فيصل الحسيني: من الصعب جدا ان تحاكم انسان اتخذ قرارا في فترة معينة بعد سنوات من ذلك وضمن معرفة جديدة وضمن معلومات جديدة لا تستطيع ان تحاكمه لنرى عندما رفضنا كامب ديفيد ورفضنا الحكم الذاتي ماذا كان الوضع كنا في تلك الفترة نحن ضمن المعسكر المعادي للولايات المتحدة المعسكر الشرقي. كنا نرى امام اعيننا الحلفاء، حلفاء الغرب يتساقطون في كل مكان من فيتنام مرورا بالعديد من المواقع الى ايران وبالتالي في تلك الفترة كنا نرى الحليف حلفاءنا يتقدموا، كنا نرى تطور في الوضع العربي ان كان اقتصاديا او عسكريا الى الامام، وبالتالي ضمن هذه الصور كلها وجودنا على الارض قوي توقف الهجرة اليهودية الى داخل فلسطيني لسنوات طويلة. كل هذه الاشياء دفعتنا لان نقول لا في تلك الفترة. تغيرت الظروف تغيرت الموازين وكما اقول تغيرت اللعبة. لكل لعبة ان كانت لعبة رياضية او لعبة فكرية او لعبة سياسية قواعدها، لا تستطيع ان تستخدم قواعد لعبة معينة في لعبة اخرى. نتحدث مع بعض الزملاء وقلت لهم جميعا نلعب طاولة الزهر ويمكن وانا جالس على طاولة الزهر يكون نفس اللاعبين نفس الزهر نفس الحجارة نفس المتفرجين ولكن ممكن ان انتقل من لعبة الى لعبة من محبوسة الى عادة ولكل لعبة من هذه اللعب قوانينها وقواعدها اذا حاولت ان امارس قاعدة معينة في لعبة مختلفة ممكن ان اخسر، الهدف واحد، اني اريد ان افوز، ولكن هناك قواعد على ان اتعامل معها كما هي. اعتقد ان التغير الذي جرى في العالم غير قواعد اللعبة السياسية اللعبة الدولية وكان علينا نحن ايضا ان نغير من طريقة ممارستنا لهذه العملية السياسية وبالتالي قبلنا في مرحلة ما رفضناه في السابق ورفضا ما  كنا قد قبلناه في مرحلة اخرى.

 

غازي: هل صحيح ان ما توصلتم اليه وانتم في وواشنطن وانت كنت رئيس الوفد الفلسطيني افضل من اتفاق اوسلو واعتقد انك انت ادليت بمثل هذا التصريح ؟

 

فبصل الحسيني: يقولون كلمة "لو" تفتح عمل الشيطان. كنا نخوض معركة تفاوضية وكنا نهدف الى الوصول الى نقطة معينة. قد ادعي لنفسي اني كنت قادر على الوصول اليها من خلال الوفد المفاوض في وواشنطن، ولكن هذا ادعاء من خلال قناعات معينة وليس بالضرورة اني كنت ساصل في واشنطن الى ما هو افضل من اوسلو ولكن استطيع ان اقول اننا كنا قد وصلنا، تبقى ضمن تعبير لو. ولكن في النهاية حققت اوسلو شيء اساسي مما كنا نناضل من اجله طوال الوقت وهو ان يكون هذا العمل او هذا الاتفاق هو اتفاق ما بين الشعب الفلسطيني او قيادة الشعب الفلسطيني كشعب فلسطيني وليس قيادة جزء من الشعب الفلسطيني كما اراد الاسرائيليون ان يصورونا. كانوا يريدو منا ان نقوم بعملية سياسية تخص فقط سكان كما كانوا يسموننا وهم لا يطلقون علينا مواطني المناطق المحتلة هم يطلقون علينا سكان المناطق المحتلة، وهم يريدون ان يصلوا معنا كسكان وليس كشعب له حقه في تقرير المصير، وكل هذه الاشياء وبالتالي اتت اوسلو لتوجد هذا الاعتراف المبدئي للاسرائيليين، انه هنا يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطيني له قيادة واحدة التي تضم  كل الفلسطينيين في كل مكان وبالتالي هم لا يستنطيعون ان يتهربوا من مسؤوليتهم التاريخية في عملية التشريد التي جرت سنة 1948، هم لا يتعاملوا مع فلسطينيين مقيمين لديهم ولكنهم يتعاملوا مع الشعب الفلسطيني الذي اسهموا هم في طرده من بلاده، وبالتالي هذا الحق التاريخي هو موجود هناك ولا يستطيعوا ان يتهربوا منها، هذه النقطة اتت بها اوسلو. لدينا اشياء اخرى كنا نرى فيها ضعف في اوسلو ولكن في النهاية قلنا ما يلي، انا قلت ما يلي بعد، وسالوني هذا السؤال: ان اوسلو قامت من وراء ظهركم، لم تعرفوا بها؟ فكان تعليقنا وقتها بان بعد فترة طويلة من الحمل اتانا هذا الطفل وهو اوسلو طفل اوسلو اصغر مما كنا نتوقع، اضعف مما كنا نتوقع، مريض وليس جميلا، لكنه ابننا وليس لنا الا ان نهتم به، ان نرعاه، ان ننميه حتى يستطيع ان يقف على قدميه، حتى ولو لم يكن جميلا، حتى ولو لم يكن مكتمل الصحة او مكتمل النمو. علينا ان نقوم بهذه المهمة. وبالتالي كان راينا ان علينا ان نكون بالداخل، وان كان لدينا خطأ نراه في هذه العملية نصلحها من الداخل وليس من خلال الخارج وليس من خلال الهدم ولكن من خلال البناء اكثر من الداخل وبالتالي نحن نخوض معركة الان بهذا الاتجاه.

 

محمد الشريف: الحقيقة حابب اعود الى النقطة التي انتهينا بها ذاكرة للمرحلة التي تلت مدريد مرحلة مدريد وحتى اوسلو، حين ذلك كنت استاذ فيصل عمليا مشرف على فريق المفاوضات الفلسطيني سواء في الثنائية او متعددة الاطراف. قيل عندها هكذا: يقال انكم كنتم تنظيميا اقل من مستوى المشرف فعليا على المفاوضات من خارج الاراضي المحتلة، وقيل ايضا بانه هذا كان السبب المباشر الذي جعل القيادة الفلسطينية تبحث عن مسار سري للمفاوضات من خلال اوسلو هذه قضية. القضية الثانية ان اوسلو وما جرى في اطارها كان عبارة عن صراع خفي بين قيادة الخارج وقيادة الداخل وفي النهاية تغلبت قيادة الخارج التي هي تنظيميا ذات مستوى ارفع واعلى. شو رايك بهذا؟

 

فيصل الحسيني: في الواقع نرجع قليلا . قيل حتى قبل مدريد في مفاوضاتنا مع بيكر كان امامنا احد ثلاثة حلول: ان نذهب ونفاوض كفلسطينيين داخل فقط دون علاقة كفلسطينيين في الخارج، ان نذهب لنتفاوض كوفد عربي مشترك، او ان نذهب لنفاوض كوفد فلسطيني اردني مشترك. اما ان نفاوض كوفد فلسطيني تقوده منظمة التحرير الفلسطينية كان مرفوضا ومشطوبا وبشكل الي

 

جزيل خوري: كان مرفوض ابو عمار؟

 

فيصل الحسيني: مرفوض ابو عمار ومرفوض منظمة التحرير الفلسطينية نحن فرضنا هذا الوجود نعم.

 

جزيل خوري: هذا كان بالثمانينات مش هيك؟

 

فيصل الحسيني: هي بدأت بالثمانينات صح، ولكن بعد حرب الخليج ظهر وضع الشطب، يعني انا اعتقد انه كان قرار ليس بشطب منظمة التحرير الفلسطينية ولكن بشطب الشعب الفلسطيني نهائيا.

وربما كانت مفاجئة اننا تحركنا من الداخل وتحركنا بشكل الذي فرضنا فيه على الامريكيين ان يتفاوضوا معنا وهم يعرفوننا اننا نتحدث باسم منظمة التحرير الفلسطينية ولكن دون ان يقولوا هم ذلك صراحة. اول وجود لبيكر عندنا في المنطقة افهمناه منذ الجلسة الاولى وجهنا له كتابا ووقف الاخ صائب عريقات على ما اذكر في تلك الفترة وقال له (لبيكر) نحن هنا بسبب هذه البرقية وهي قادمة من منظمة التحرير الفلسطينية تطلب منا ان نكون في هذا الوفد. صدم بيكر قال هل تعلموا بذلك انكم اعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية انا تعليماتي اذا كنتم اعضاء انا علي بان انسحب من هذا الاجتماع. اجبته وقتها قلت له هناك قانون في منظمة التحرير الفلسطسينية يقول بان الفلسطيني هو عضو في منظمة التحرير الفلسطينية بحكم الولادة. فقال لا تتحرك، هذا اقبله ولا تقل اي كلمة اكثر من ذلك. هذا كان في  اللقاء الاول. وبالتالي نحن دخلنا مفهومنا للامريكيين بانه منظمة التحرير الفلسطينيةز كان يقول لنا بعض الاحيان قولوا لجماعتكم قولوا ل­­­­ (your boss) بدون ان يذكر من هو. في فترة معينة كانت هناك محاولات استفزازية حتى من الصحافة نفسها. اذكر كنا في اجتماع مع بيكر ونزلنا مع وزير الخارجية وبدأ صحافيون يسألونا ماذا ستفعلوا الان. كانت الاجابة سنذهب ونعطي تقريرا لقيادتنا. قال من هي قيادتكم؟ قلنا له قيادة الشعب الفلسطيني. ومن هي قيادة الشعب الفلسطيني؟ قلت له انت تعمل صحفي؟ قال نعم، قلت له كم سنة انت تعمل صحفي؟ قال 15 سنة، قلت اذا مضى عليك 15 سنة وانت تعمل صحفيا ولا تعرف حتى الان من هي قيادة الشعب الفلسطيني اكيد في عندك شيء خطـأ. وبالتالي كان واضح اني بقول ان منظمة التحرير الفلسطسينية هي القيادة، ولكن دون ان اذكر هذا الامر. فرض علينا في النهاية ان نذهب الى مدريد على اساس اننا وفد فلسطيني اردني مشترك بالاتفاق مع الاردنيين وبموافقة الولايات المتحدة. في النهاية اصبح هناك وفدين: وفد فلسطيني ووفد اردني. انطلاقا من مدريد الشكل الذي تقدم وقدم فيه الوفد الفلسطيني قدم على انه اهم شيء موجود في مدريد، وبالتالي قلنا هذا التعليق: ارادوا ان لا نكون وفدا كاملا في هذا المؤتمر وفي النهاية خرجنا منه ونحن الوفد في هذا المؤتمر. كل هذا ضمن صياغة معينة: نحن فلسطينيين وعلينا ان نكون مرتبطين مع الفلسطينيين سويا كفلسطينيين ان نكون مرتبطين سويا. الهدف الاساسي الذي وضعناه امام اعيننا هو افشال قضية ايجاد قيادة بديلة وان تكون قيادة الداخل مختلفة عن قيادة الخارج. ومن هنا ربطنا انفسنا بالعديد من الروابط وربما البعض اعتقد انها قيود حاولنا من خلالها ان ندفع باتجاه بان الحل هو لدى منظمة التحرير الفلسطينية وليس لدى هذا الوفد الموجود في واشنطن.

جزيل خوري:  لماذا اخرجوكم من اوسلوا ؟

 

محمد : كنتم في البداية واجهة الوفد وفي النهاية نحيتم على جنب

 

فيصل الحسيني: هو في الواقع انه في مرحلة معينة ومن خلال اتصالنا مع الاسرائيليين في الداخل طبعا وفلسطينيا، طلبوا الاسرائيليون ان يتعرفوا على اخرين من منظمة التحرير الفلسطينية تم ذكر من قبلنا اسماء فلسطينية وهم سالوا عن اسماء فلسطينية اخرى واستطيع ان اقول باننا في النهاية رتبنا امكانية اول لقاء جرى مع ابو العلاء وبالتالي.

 

جيزيل خوري: تعرف عن اوسلو مسبقا ؟

 

كنا نعرف أن هناك اتصالا ولكننا لم نكن نعرف ان هذا الاتصال اسمه اوسلو، قناة اوسلو. لم نعرف ان هذا الاتصال استمر. عرفنا ان اتصالا بدا ولكن لم نسمع بعد ذلك شيئا عن هذا الاتصال. موقف منظمة التحرير الفلسطينية في تلك الفترة انه بدأت مفاوضات سرية ويريدون ان يحافظوا على سريتها بقدر الامكان، وانا كنت اعرف اهمية ان يكون هناك اتصالا سريا على اعلى المستويات.لاننا خضنا مفاوضات شبيهة قبل ذلك مع حزب الليكود من خلال شخص اسمه موشيه عميراف ونتيجة خطا بسيط وتسرب انباء عن هذا الوفد او عن هذه الحوارات قبل وقتها ب48 ساعة انهارت كل عملية المفاوضات التي جرت في تلك الايام مع الليكود. ذلك كان في عام 1988 على ما اذكر. وبالتالي انا اعتقد بانه كان يجب ان تكون هذه المفوضات سرية و سرية تعني السرية الكاملة حتى سرية عنا نحن الموجودين في واشنطن . لكن اعتقد ان الخطا الاساسي لم يكن في ان هذه المفاوضات سرية او اننا لم نكن في هذه المفاوضات، لكن الخطا الاساسي انه كان على منظمة التحرير الفلسطينية وقبل ان توقع على اتفاقية اوسلو بالحروف الاولى ان يحضروا هذا الوفد من واشنطن، يضعونه في مكان ما في تونس، معزولين عن اي شيء اخر، ويطلبوا رأينا في هذا الاتفاق، ونحن العالمين ببواطن الامور في الداخل. لربما لو تم تنفيذ هذا الامر لاستطعنا ان نضفي على اوسلو بعض التعديلات التي كان من الممكن ان توفر اشياء كثير نعاني منها الان. وبالتالي من وجهتي انا لا ارى انه كان من الخطا اجراء هذه المفاوضات السرية في اوسلو، ولكن اعتقد انه كان هناك تقصيرا في عدم اطلاعنا على ما جرى وتم الاتفاق عليه قبل التوقيع عليه.

 

جيزيل خوري: يعني ما خاف ابو عمار من نجوميتكم في وقتها ولذلك ؟

 

فيصل الحسيني: كان هناك محاولات من اطراف عديدة  ان تصور الوفد الفلسطيني انه يشكل القيادة البديلة. هناك وجوه جديدة، خطاب فلسطيني جديد، كلها في محاولات لايجاد شق ما بيننا وبين القيادة الفلسطينية في الخارج. نحن عملنا بكل الوسائل حتى لا يحدث مثل هذا الشرخ او هذا الانقسام. لست ادري هل كان نوع من التخوف منا او هو تخوف من ان يعرف هذا الامر وبالتالي يدمر اوسلو بسبب تسرب انباء الى الخارج بسبب خطا يرتكبه اي شخص من الاشخاص. انا اعتقد ان هذا هو الشيء الاساسي وليس  قضية الخوف من قيادة في الداخل من قبل القيادة في الخارج. اعتقد انه قضية المحافظة على السرية. وانا اقول المبالغة في حماية هذه السرية لم تعطينا فرصة ان نعدل في اتفاقية اوسلو.

 

 مداخلة من د. اياد السراج: معكم الدكتور اياد السراج المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق المواطن واحب ان اتوجه للاخ فيصل الحسيني الذي اكن له كل الاحترام والتقدير وباعتباره نقطة مضيئة بتاريخ القدس وفلسطين وباعتباره احد القيادات الهامة في مسار الشعب الفلسطيني احب ان اتوجه اليه ببعض الاسئلة، منها مثلا: ماذا الذي يحصل؟ يعني هل هناك حالة وعي مفاجيء بالنسبة لموضوع القدس؟ الم يكن فيصل الحسيني والقدس معنا طيلة 27 عام من الاحتلال؟ وما هي المشاريع التي تم الاشراف عليها او الانفاق عليها في الفترة الماضية قبل دخول السلطة الوطنية وقبل اتفاقات السلام وقبل ابو غنيم والنفق المظلم.  المشاريع التي قام بها بيت الشرق بقيادة فيصل الحسيني. السؤال الثاني ساطرحه: ما هو موقف فيصل الحسيني من اتفاق اوسلو وغياب القدس عنه ؟

  • اولا اهلا وسهلا اخ اياد والله يعينك على ايضا ما تواجهة وعلى المصاعب التي نواجهها جميعا وعلى الحصار الذي نعيشه جميعا، ليس فقط في القدس ولكن ايضا  في غزة  والضفة الغربية وبعض المدن التي تفرض عليها اسرائيل بالفعل حصارا قاسيا. جواب على السؤال الاول بان كان لدينا نظرية تقول بانه بالامكان ان تعود لنا غزة بالمفاوضات وبدون مفاوضات سينسحب الاسرائيليون من غزة ولربما نتمكن من ان نجبر الاسرائليين على الانسحاب من الضفة الغربية بمفاوضات وبوسائل اخرى بجوار المفاوضات، اما القدس فمواجهتنا مع اسرائيل لن تكون الا من خلال فرض امر واقع فلسطيني على الارض، وهو في الواقع ما قمنا به اساسا بشكل غريزي منذ بداية الاحتلال. ومحاولتنا ان نفرض امرا واقعا في القدس على اثر محاولة اسرائيل ان تفرض امرا واقعا ايضا باعتبار القدس جزء من اسرائيل بداية من الهيئة الاسلامية التي تم انشاءها بدعوة انه هناك فتوى تقول بانه اذا احتلت بلاد المسلمين من غير المسلمين فعلى المسلمين ان يديروا شؤون انفسهم، تشكلت هذه الهيئة الاسلامية التي سيطرت على الاوقاف وعلى المسجد الاقصى والمحاكم الشرعية و المدارس الشرعية، وبالتالي منعنا اسرائيل من ان تسيطر عليها من خلاال وزارة الاديان. وخضنا معركة التعليم عندما ارادت اسرائيل ان تفرض البرامج التعليمية الاسرائيلية علينا لمدة عامين. شكلنا مدارسنا الخاصة بنا، فرضنا فيها النظام التعليمي العربي. بعد سنتين ياست اسرائيل من المعركة وجدت ان كل الطلاب توجهوا الى مدارسنا، فوافقت على ان تتبنى هي في المدارس التي تسيطر عليها برامج التعليم الفلسطينية، وكان هذا جزء من فرض الامر الواقع على الارض. كذلك بالنسبة للصحة، للشؤون الاجتماعية، للشؤون الثقافية، كلها بقيت باليد الفلسطينية. التجار الفلسطينيين لم يلجأوا الى الغرفة التجارية الاسرائيلية وابقوا اتصالهم ضمن الغرفة التجارية الفلسطينية. استمرينا في هذا العمل من خلال فرض الامر الواقع. بيت الشرق اضاف الى هذا كله، انه فرض عنوانا سياسيا فلسطينيا رسميا في داخل القدس. ياتي وزراء الخارجية او رؤساء الوزارات من الخارج ليتعاملوا مع القدس الشرقية بنفس المستوى الذي تعاملوا فيه مع القدس الغربية وبالتالي تكريس القدس الشرقية كعاصمة للشعب الفلسطيني. سياسة الامر الواقع هذه، والتي حققت الكثير في مرحلة معينة وحققته باقل الامكانيات المتوفرة، وخاصة ما بعد الخليج. حرب الخليج مررنا بفترة صعبة جدا. المال غير متوفر محاصرين سياسيا. ومع ذلك حققنا اشياء كثيرة في تلك المرحلة. منذ عام 1993 واسرائيل تخوض حربا شعواء وبشكل قاسي جدا لضرب كل هذه المنجزات التي تمت من محاولة ضرب الوجود الفلسطيني في القدس، من محاولة ضرب المؤسسات الفلسطينية في القدس، من تعليمية او صحية او سواها، من الحرب التي شنوها على بيت الشرق لمنع هذه اللقاءات السياسية في بيت الشرق، الحرب الاقتصادية التي يشنوها على المتاجر وعلى اصحاب الاعمال من اجل اجبارهم على الخروج من القدس، الحرب التي يشنوها على ابناء القدس من اجل اجبارهم على مغادرتها، كل هذه الاشياء بدات منذ عام 1993 واعتقد انه في عام ال93 انتبه الاسرائيليون الى اننا كفلسطينيون نجحنا في القدس بان نشكل لانفسنا وضعا خاصا، وضعا معينا هو اشبه ما يكون بالحكم الذاتي. كان هناك نوع من انواع الحكم الذاتي في داخل القدس. نحن نقرر من هو الطبيب ومن هو ليس طبيبا،  نحن وليس نقابة الاطباء الاسرائيلية. مستشفياتنا تابعة لنا وليست تابعة لوزارة الصحة الاسرائيلية. هذه الاشياء كلها نبهت اسرائيل الى ان القدس ايضا ما زالت تمتلك هذا الوجه العربي الاسلامي المسيحي، ولم يستطيعوا ان يهودوا هذه المدينة. اي انسان ينزل الان الى القدس ويتجول في القدس التي كنا نعرفها عام 1967 سيجد انها ما زالت هذه  هي المدينة العربية الاسلامية المسيحية بكل معنى الكلمة، برغم الحصار حولها من مستوطنات، برغم بعض النقاط الاستيطانية هنا وهناك. ولكن هذه المدينة بقيت عربية. هم يخوضوا منذ ال 93 حربا من اجل تغيير واقع المدينة وبالتالي هم يتبنوا الان وبنجاعة الشعار الذي اطلقناه قبل خمس سنوات وهو انه علينا ان نخوض معركتنا بفرض الامر الواقع وهم يحاولوا الان ان يفرضوا امرا واقعا جديدا.

 

فيصل الحسيني: عم ينجحو لهلأ، يعني المستوطنات، جبل ابو غنيبم؟

 

لا على مستوى بناء المستوطنات موجود لديهم المال، موجود لديهم القوة العسكرية، موجود لديهم الدعم السياسي الخارجي، فيقوموا بتنفيذ هذه الأشياء. لكن عندما يأتي الموضوع للمواجهة مع الانسان، الوضع مختلف. يعني على سبيل المثال: هم حرصوا على ان يجعلو يحافظوا دائما على نسبة الفلسطينيين في القدس حوالي 22% من السكان، من سكان القدس. الآن النسبة تزيد عن 27% من هذه النسبة، مع أنهم أحضروا 150,000 مستوطن جديد الى القدس الشرقية، لكن مع ذلك بقيت نسبتنا أعلى مما كانوا يتصوروا. هم يحاولوا أن يخفضوا هذا العدد. قاموا باجراء معين وهو بداية سحب الهويات من الفلسطينيين الذين يقيمون خارج مدينة القدس حتى يتخلصوا من 70,000 فلسطيني خارج مدينة القدس و بالتالي يبقوا القدس باعداد اقل. ردة الفعل المباشرة  كانت هو ان هؤلاء الفلسطينيين بدأوا يدخلوا الى المدينة. وبالتالي خلال العام الماضي، انا اعتقد انه على الاقل، دخل الى مدينة القدس 25 ألف فلسطيني، وبالتالي تعدادنا في داخل القدس ازداد ولم ينقص. ارادوا ان يفرضوا علينا ضائقة سكانية نتيجة هذا الاجراء ودخول 25,000 فلسطيني و50,000 اخرين يبحثوا وبلهفة وجنون عن مكان يسكنوه في داخل المدينة، نتج عنه ارتفاع في الاسعار، ارتفاع في اسعار الشقق ان كانت بيعا او تاجيرا. اصبحت عملية البناء عملية مربحة. كثير من الناس من كان يمتلك قطعة ارض او يمتلك امكانية ليبني غرفة او غرفتين او شقتين الخ، بدات الناس تبني وبالتالي ازدادت مساحة البناء في داخل القدس. والان هناك حركة بناء واسعة جدا داخل القدس. اولمرت قبل عدة سنوات كان يقول بانه هناك مشكلة انه يوجد 300-400 بيت مبنيين بدون ترخيص، الان هو يتحدث عن 3000 بيت مبني بدون ترخيص. في محاولته لفرض الامر الواقع هناك رد فلسطيني اني ومباشر على ذلك يفشل في النهاية الهدف الاساسي.

 

جيزيل خوري: ما بيقدر يكفي على المدى البعيد؟

 

فيصل الحسيني: طبعا المعركة هي اكبر من طاقة الشعب الفلسطيني وحده او طاقة ابناء القدس وحدهم. ولهذا السبب نحن توجهنا اكثر من مرة الى الدول العربية، الى الامة العربية، ليخوضوا معركتهم في القدس بشكل افضل مما يخوضوه، وانا اتحدث ليس فقط عن الدعم المادي، ولكني اتحدث ايضا عن الدعم السياسي، والدعم المعنوي. ان تكون القدس بالفعل هي على قمة الاولويات السياسية العربية، وليست قضية موسمية تثار كلما كان هناك مشكلة كابو غنيم او هدم بيوت او شيء من هذا القبيل .

 

جيزيل خوري: سال كمان عن غياب القدس من اتفاق اوسلو، هالشي كمان يعني ما زعجك؟

 

فيصل الحسيني: موضوع القدس، المشكلة في القدس بدات قبل ذلك. عندما اصرت اسرائيل على ان تكون العاصمة، ثم بعد ذلك عندما اصرت الا يكون احد من ابناء القدس ان يجلس على طاولة المفاوضات، قبلوا على مضض وبشكل غير رسمي ان اكون انا رئيس الفريق الفلسطيني ولكن ليس رئيس الوفد الفلسطيني لانه لا يريدوا ان يكون على طاولة المفاوضات فلسطينيا. كما تذكروا عندما ذهبنا الى موسكو في الاجتماع الاول لمؤتمر المتعدد ذهبنا في وفد فيه مقدسيين وانا راست هذا الوفد، وفيه فلسطينيين من الخارج، وكان ان رفض هذا الوفد وتمت المفاوضات بدون وجود الوفد الفلسطيني، ولكن بعد ذلك عدنا وتواجدنا في المتعدد. اذا موضوع القدس هو مثار قبل قضية اوسلو. في اوسلو اعتبرت قضية القدس وقضايا اللاجئين والحدود و المياه والمستوطنات من قضايا المرحلة النهائية. انا اقول ان كثيرا من الفلسطينيين عارضوا اوسلو، ولكن ليس بشراسة. الان القدس موجودة في المرحلة النهائية، وهناك كثيرين من الفلسطينيين ايدوا اوسلو ولكن ليس باندفاع، لان القدس ليست في المرحلة الاولى ولكن في المرحلة النهائية. اذا انا لا اقول ان القدس كانت غائبة عن اوسلو، هي بشكل او باخر كانت موجودة هناك لانها واحدة من قضايا المرحلة النهائية، وما تحاوله اسرائيل الان هو ان تفرض معركة القدس الان كما نشاهد، وبالتالي لم تغب في الواقع القدس عن القضية ولكن ربما كان هناك اجتهاد، هل تكون اخر القضايا ام تكون اول القضايا؟ هل من الافضل ان افاوض على القدس من تونس ام ان افاوض على القدس من رام الله وبيت لحم وابو ديس والعيزرية على بعد امتار من القدس؟ هناك اجتهاد مختلف. البعض يقول لا، كان علينا ان نصبر اكثر ونفرض القدس كقضية تفاوض حتى لو فاوضت عليها من تونس، والاخرين يقولون من الافضل ان نخوض معركة القدس ونحن في رام الله

 

جيزيل خوري:  انت شو رايك ؟

 

فيصل الحسيني: انا في اعتقادي في النهاية، الاداء هو الاهم، سواء فاوضت من تونس او فاوضت من رام الله. الاداء وقدرتي على التعامل مع قواعد اللعبة التي فرضت هو الاهم من كل ذلك.

 

غازي: القدس، في مشكلة، هي الان صحيح القدس هي عاصمة فلسطين كشعار، ونامل ان هذا الشعار يتحقق، ولكن الزحف الاستيطاني ليس في القدس وحدها، ليس في ابو غنيم، في كل اجزاء الضفة الغربية، حتى في قطاع غزة. والتصورات الاسرائيلية التي بدأوا يعلنونها بانهم سوف يمنحون الفلسطينيين فقط 40% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة كان الوضع بهذا الشكل. اذا في عندنا فشل ذريع، ليس من خلال الاتفاق، ولكن من خلال تنفيذ وتطبيق الاتفاق، الذي كان من المفروض الانسحاب من جميع الضفة الغربية وقطاع غزة باستثناء المستوطنات. بقاء المستوطنات الى المرحلة النهائية، القدس، الحدود واللاجئين ولكن يبدو ان اللعبة الاسرائيلية في ظل الحكومة الليكودية اختلفت. اذا ما هي الطرق والوسائل التي ستتخذونها للحيلولة دون تطبيق المخططات الاسرائيلية المتسارعة؟

 

فيصل الحسيني: دعني اقول ان التغير الاساسي الذي حصل، بين مفاوضات كان يسودها قوة المنطق الى مفاوضات الان يسودها منطق القوة. هذا هو التغيير الاساسي، وهذا هو الذي احدث كل الارباك لديهم. نتنياهو أتى بشكل جديد متبني نظرية "منطق القوة" وليس "قوة المنطق" وبالتالي هو قالها صراحة، لدينا موقف سنستمر في الاستيطان، سنستمر في التغيير في القدس وهذا ما نقدمه للفلسطينيين، وعلى الفلسطينيين ان يبتلعوا ما نقدمه لهم. هذا هو الموقف.

 

جيزيل خوري:  وقد خرج الطرف الاميريكي؟

 

فيصل الحسيني: والطرف الامريكي وقف جانبا، يتركنا في هذه المواجهة الجديدة، رغم ان ذلك كله خارج عن قواعد اللعبة التي فرض قواعدها الامريكيون في فترة من الفترات. ماذا يمكن ان يحدث مرة اخرى. المبادرة ليست تماما بيدنا نحن ولكنها ضمن "منطق القوة" عماله بكون الامر بيد الاسرائيليين. انا أتحدث مع الاسرائيليين ومع الاوروبيين والامريكيين يوافقوني على كل "قوة المنطق" التي احدثهم بها، ولكن في النهاية يقولون لي مش قادر اعملك شيء. انا غير قادر على مساعدتك. الامر متفجر. انا لا اعتقد ان المفاوضات وهذه الاتصالات ستاتي بالضرورة باي نتيجة. ما سيحدث اذا ما استمرت هذه الحكومة الاسرائيلية بسياستها انه سيكون هناك تفجرا على الارض. هي شيء طبيعي من يفرض على شخص اخر ان يبتلع شيء لا يريده.

 

جيزيل خوري: انتفاضة جديدة يعني؟

 

فيصل الحسيني: شكل من الاشكال ردة الفعل الشعبية العارمة. قد تكون على نمط الانتفاضة السابقة، قد تكون بوسائل اخرى ليست بالضرورة ان يقودها القادة الحاليون. ممكن ان يقودها قيادات جديدة تبرز من تحت الارض، بفكر جديد، بعقلية جديدة، بشكل جديد، لكن هذا الامر مقبل لا محاله اذا استمرت اسرائيل في سياستها الحالية. هناك محاولات لانقاذ الوضع. للعودة للمحافظة على توازن معين يهيء لعودة او للمحافظة على توازن معين يهيء للعودة في المستقبل الى طرح المنطق الاخر، وهو "قوة المنطق" وليس "منطق القوة" لكن لا اعتقد ان نتنياهو سيعطي مثل هذه الفرصة. والفرصة الوحيدة التي يمكن ان يحققها في الشارع هو تفجير شعبي فلسطيني. انا اعتقد انه قادم لا محالة .

 

جيزيل خوري: ممكن حكومة جديدة في اسرائيل؟

 

فيصل الحسيني: حسب القانون الاسرائيلي من الصعب اسقاط الحكومة او رئيس الوزراء. ورئيس الوزراء الحالي هو رئيس يحكم بشكل فردي، يعني هناك ثورة عليه من وزراؤه انفسهم وهو يمر من مشكلة وزارية الى مشكلة وزارية اخرى لانه يحاول ان يفرض رأيه دون استشاره مع باقي الوزراء. والوزراء ليس لديهم مستشارون خارجيون عن مجلس الوزراء، وبالتالي انا لا اعتقد بان الجو مهيء لتغيير الحكومة في داخل اسرائيل. لكن ربما في انتخابات قادمة لا تنجح هذه الحكومة وتاتي حكومة سواها. لكن انا لا ارى امكانية التغيير في القريب. بالنسبة لهذه الحكومة لا مسلكا ولا تغييرا فعليا .

 

جيزيل خوري: عن القدس بدي اقلك انه انت مسؤول عن ملف القدس في سلطة الحكم الذاتي بس ما بتشارك في اجتماعات السلطة الوطنية؟

 

فيصل الحسيني: انا مسؤول عن ملف القدس من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وليس السلطة الفلسطينية، احضر الاجتماعات المشتركة احيانا بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تحت اسم القيادة الفلسطينية، وبالتالي انا امثل منظمة التحرير الفلسطينية وليس السلطة .

 

جيزيل خوري: شو الفرق اليوم؟

 

فيصل الحسيني: الفارق على الاقل، اذا اخذنا ناحية اتفاقية اوسلو، فالسلطة الفلسطينية بموجب الاتفاقية لا تستطيع ان تنشط في المناطق الا في داخل مناطق السلطة الفلسطينية، في حين ان منظمة التحرير الفلسطينية من حقها ان تنشط في مناطق اخرى .

 

استاذ محمد شريف: استاذ فيصل يعني تابع لموضوع ملف القدس، هناك من يقول ان الرئيس عرفات لا يريدك ان تحضر اجتماعات وهو يعارض شخصيا حضورك اجتماعات السلطة الفلسطينية مجلس وزراء السلطة الفلسطينية؟

 

فيصل الحسيني: لربما في بعض الاحيان لا يوجد توافق كامل في الاراء اتجاه قضايا معينه.

 

استاذ محمد شريف : هل في خلاف بينك وبين الرئيس عرفات؟

 

فيصل الحسيني: قد يحصل كما يحدث في اي مكان وقد يكون هناك خلاف في وجهات النظر، لكن لم يصل الامر انه يوجد كلمة خلاف نقطة اول السطر. يوجد خلافات في وجهات النظر ولكن توجد ايضا حلول مشتركة لكثير من الاشياء.

 

جيزيل خوري: في عدة اوساط حكيت عن خلافة لابو عمار، طبعا حكي عن ابو العلاء يمكن فترة انحكى عنك اديش هالشي صحيح؟ كم ترى ان الشعب الفلسطيني يرى فيك وريث؟

 

فيصل الحسيني: هناك الموجود في ذهن الشعب الفلسطيني، في تفكيره، لكن اعتقد ان البحث والحديث عن وريث لابو عمار سابق لاوانه، ولربما ليس صحيا في هذه المرحلة، خاصة وان لدينا ضمن قانوننا حل لمشكلة غياب الرئيس: اذا تغيب الرئيس لاي سبب، المرض او الوفاة، فهناك رئيس المجلس التشريعي ولمدة 60 يوم يحكم ثم هنالك الانتخابات. انا اعتقد بان قضية البحث من هو الوريث المقصود فيها اثارة مشاكل داخلية وشكوك ما بين القيادات الفلسطينية اكثر من اي شيء اخر. ولهذا السبب انا دائما في احاديثي احاول ان اقفز عن هذا الموضوع والا يكون هو موضوع البحث، بقدر ما يكون موضوع البحث ما هي المؤسسة الني نريد وكيف تستطيع المؤسسة نفسها ان تفرز قيادة جديدة والابتعاد عن قضية تحويل الامور الى قضايا شخصية .

 

جيزيل خوري: في مطرح انت قلت انه في حديث من سنة تقريبا ان ياسر عرفات هو مشكلتنا ولكنه هو الحل في الوقت الراهن؟

 

فيصل الحسيني: نعم هو المشكلة وهو الحل.

 

جيزيل خوري: وين هو مشكلة ووين هو حل ؟

 

فيصل الحسيني: المشكلة ان تركيبة الاخ ابو عمار هي تركيبة ثورية ضمن ظروف معينة دفعته لاتخاذ القرارات احيانا مباشرة وبدون اللجوء الى الاخرين فيه هذه صفة من الفردية، لكن بنفس الوقت فيه الصفة الاخرى انه لا يتخذ قرارا مباشرا ينتظر يستمع الى كثير من الاراء وبالتالي ممكن ان يكون ما ياتي به هو نتيجة تجمع هذه الاراء. ولكن ايضا يمكن ان يؤدي ذلك الى التاخر في اتخاذ بعض القرارات. اذا شخصية ابو عمار بشكلها كما هي، هي شخصية استطاعت ان تحقق انجازات معينه لكنها في نفس الوقت هي خلقت تناقضات في داخل هذا الوضع الفلسطيني. انا ادعي بانه لو كانت شخصية ابو عمار مختلفة لربما في مراحل معينة كنا اكثر ضياعا. تحديدا انا اعتقد ان ابو عمار بهذه الشخصية وفي اكثر من مفصل تاريخي نجح في ان يجمع حوله الشعب الفلسطيني ما بين مؤيد ومعارض وتحديدا بعد طرابلس، ولو تصرف بشكل مختلف لربما ادار الشعب الفلسطيني ظهره لهذه القيادة ودخلنا في ضياع جديد، كذاك الذي دخلناه بعد نقل الحكومة الفلسطينية من غزة الى القاهرة. فبالتالي انا ارى ان القادر ضمن التشكيلة الفلسطينية، المعادلة الفلسطينية الحالية، المعرفة الدولية، العلاقات الدولية، على ان يقود هذه المرحلة هو ابو عمار، ولكن نفس هذه الشخصية ونفس هذا الاسلوب هي تسبب في بعض الاحيان تناقضات هنا وهناك تنتج عنه ولا يستطيع ان يحلها احد سواه. فنعم هو المشكلة وهو الحل.

 

جيزيل خوري: يعني كم يشبه نفسه ابو عمار، من وقت ما عرفته، كم يشبه نفسه؟ هل فيه مفصل معين تغير يقال انه بعد حادثة الطائرة هو شخص ثاني؟ كم هذا صحيح؟

 

فيصل الحسيني: لا، انا لم الاحظ، انا شخصيا علاقتي به ايام ما كان عمري 9 سنوات، عاصرته سنتين ثلاثة في تلك الفترة، وتعرفت عليه بعد ذلك وبشكل عابر في اوائل الستينات، ثم بشكل اكثر بعد ال 67. لاعرفه بشكل كثير بعد ال 89 . حقيقة يعني المعرفة الاكثر اتت بعد عام  1989 . ابو عمار، انا لا ارى ان هناك تغير كبير في شخصيته، هناك ضغوط  عليه لم تكن موجودة في السابق. هناك معاناة اكثر لم تكن موجودة في السابق. هناك تغير في الاجواء المحيطة به منها ما ادى الى تطور ايجابي في علاقاته ومنها ما يؤدي الى تطور سلبي، وانطلاقا من الاجواء المحيطة بنا اكثر من اي شيء اخر. لكن لا اعتقد ان هذه الشخصية قد تغيرت تغير كبير في هذه الفترة لكن الظروف حولها هي التي تغيرت.

 

جيزيل خوري: الظروف والسلطة الموجودة اليوم وطبعا الناس  مش مبسوطة. في ظروف صعبة كم خففت من رمزيته للفلسطينيين؟

 

فيصل الحسيني: ابو عمار يمتلك نوع من الكاريزما التي يمتلكها ايضا زعماء اخرين، لكن بالنسبه له هذه الكاريزما التي يمكن ان تصل الامور بالناس الى ان يقفوا موقف معادي موقف منتقد ولكن في لحظة معينة وفي موقف معين يستطيع ان يجمع هذه القوى مرة اخرى وان يخوض معركة بهذا الشكل، لربما هذه احدى الاشياء التي يمكن ان  نقول عنها هو حلل لانه في النهاية يمكنه ان يعيد تجميع الناس حوله. قلائل من الزعماء الذين يمتلكوا مثل هذه القدرة. انا اعيش هناك ونعاني و عندي معاناة كبيرة في القدس، في السلطة، في طريقة عمل السلطة، في التعيينات، في قرارات تتخذ. اذهب الى مجلس الوزراء احيانا وانا احمل معي ملفات وانا على استعداد ان اخوض معركة من اجل هذه الملفات. في بعض الاحيان اجلس هناك، تبدا المشاكل تاتي، تبدا هذه المشاكل تظهر امامي، وتبدا المشاكل التي انا قادم بها تتضاءل شيئا فشيئا الى ان اخرج من الاجتماع دون ان اثير المشاكل التي انا قادم فيها. اذا القضية ليست ابو عمار، ليس انسانا كاملا، ولكننا لا نستطيع ان نضع على كتفه كل المشاكل. نعم هناك اشياء ندعي انه كان من الافضل ان يفعل كذا وليس كذا ولكن في النهاية مشاكلنا ليست بسبب شخص معين ولكن مشاكلنا اتية من تشكيل كامل.

 

جيزيل خوري: ما بعرف هالدولة ما خيبتك على الصعيد الانساني، هناك مساجين تموت في السجون الفلسطينية، هالتجربة الفلسطينية التي قاست بكل بلدان كانوا لاجئين وتعذبوا هل ممكن ان يكونوا في سجونهم هم الاسوا يمكن اوقات من الاسرائيليين ليموتوا في سجونهم ومنع بعض الكتب وبعض المفكرين وسجنهم؟

فيصل الحسيني: انا اعتقد باننا نحن نمر في تجربة صعبة جدا. انا شبهت الفترة، قلت انها الساعة المنسية لدى المراة التي تلد، المراة التي تلد في لحظة معينة اثناء المخاض تشكو، تصرخ، تقرر، انها لن تلد بعد ذلك. ولكن عندما ترى وليدها يتغير هذا الموقف. نحن نمر في هذه المرحلة، محاولة بناء دولة من لا شيء، محاولة تجميع فلسطينيين بخبرات مختلفة، بتجارب مختلفة ليأتوا، ليبنوا نظاما جديدا لم يكن قائما قبل ذلك. البعض يحاول ان ينقل صورة معينة من منطقة اخرى لا تتناسب اطلاقا مع ما هو موجود لدينا. ولكن انا اعتقد انها مرحلة جبرية سنمر بها  برغم كل شيء . التحقيق في السجون على سبيل المثال، لم يكن لنا جهاز كافي لان يحكم شعب كامل، وفي كل دولة يوجد محققين، ولكن ايضا هناك قواعد كيف تحقق،  والى اي مدى تستخدم وسائل معينة والى اي مدى لا تستخدمها. لدينا لا يوجد هذا الشيء. ما كان موجود وبالتالي دخلت ناس على الشرطة ليست لديهم الخبرة الكافية، ليست لديهم المواصفات المطلوبة. يمكن البعض دخل وهو ما لديه تجربة تحقيقية غير انه هو كان خاضعا للتحقيق، وانا اعتقد ان ـأسوأ شيء يمكن ان يعمل هو ان اكلف انسانا خضع للتحقيق  او خضع للتعذيب ان يقوم هو بالتحقيق، لانه احد اثنين: اما انه اعترف تحت الضغط، وهنا سيحاول ان يثبت ان ما من احد يستطيع ان يتحمل الضغط وبالتالي سيزيد الضغط الى ان يعترف الشخص الذي امامه وممكن ان يزيد من هذا الامر مما يهدد حياة الشخص الذي يحقق معه، او انه لم يعترف او لم يستطع المحقق ان ياخذ منه اعترافا وبالتالي هو يعتقد انه خدع المحقق ويخاف ان من يحقق معه ان يخدعه مثلما هو خدع المحقق، وبالتالي سيستخدم اساليب اكثر حدة مما استخدم معه للحصول على شيئ. اعتقد ان احد مشاكلنا الاساسية انه اتيح لبعض الاشخاص ممن تعرضوا لهذه التجربة ان يقوموا هم بممارستها دون وجود الجهاز الكافي والتجربة الكافية والقوانين الكافية. مع كل مرة توجد قوانين جديدة توجد قواعد جديدة، نامل في  لحظة معينة ان نخرج من هذه الدوامة وان يكون لدينا الجهاز القضائي والقانوني المتكامل. حتى الان لا يوجد مثل هذا الجهاز.

 

غازي : اولا في اسرائيل هناك وحدة وطنية حول موضوع مدينة القدس. الليكود والعمل على حد سواء. اذا حتى لو عاد حزب العمل الى الحكم فموقفه سيبقى مثل موقف الليكود حاليا بالنسبة لمدينة القدس. اذا ما العمل؟

 

ثانيا: سمعنا عدة مرات ان دولة الامارات العربية المتحدة تبرعت باقامة حي في مدينة القدس ودول عربية اخرى ومساعدات الى القدس، هل تحقق شيء من هذه الامور؟

ثالثا: في معاهدة السلام الاسرائيلية الاردنية هناك دور للاردن في الاماكن المقدسة في القدس هل تمارس الاردن هذا الدور؟ هل هناك تعاون لاستغلال هذا البند في معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية لمصلحة المحافظة على الاماكن المقدسة من قبلكم؟

 

واخيرا: هناك منذ ان اتى رابين الى الحكم قال باننا لا نعارض في اقامة دولة فلسطينية مستقلة في قطاع غزة مع عضوية في الامم المتحدة، ولكن الضفة الغربية يجب ان تدار من قبل ثلاثة اطراف الاردن واسرائيل والفلسطينيين. وفي الايام الاخيرة نسمع من وسائل الاعلام الاسرائيلية تكرار لمثل هذا القول ما رأيكم بهذه الامور؟

 

السؤال الاول: اود ان اقول ان هناك تطور في الموقف الاسلرائيلي. القدس كانت تعتبر بالنسبة لهم محرمات "تابو" . كنت اتحدث مع اليمين، مع اليسار، مع اي طرف، يمكن ان يناقشني في موضوع الاحتلال، في كل مكان الى ان نصل الى القدس، عندها ممنوع، يغلق الملف مباشرة. اذا كنت في محاضرة اسمع استحسانا لكلامي من البعض، استنكارا لكلامي من البعض الاخر، لكن عندما ادخل لموضوع  القدس، اسمع استنكارا من كل الجمهور الجالس امامي. مؤيديني يقولون زودتها كفاية، القدس لا. ما نلاحظه الان ان هذه المحرمات بالنسبة للقدس بدات تتساقط. هناك استعداد لمناقشة موضوع القدس، هناك اعتراف بان لنا حقوق في القدس، هناك البعض يقول لنجعل الزمن يحل هذه المشكلة، نعم انتم يجب ان يكون لكم عاصمة هنا، ولكن دع هذه العملية تمر بسنوات عديدة. ليكن مناطق لكم فيها حرية كاملة وعاصمة متكاملة ومناطق اخرى تكون شبه حكم ذاتي. اذا هذه المحرمات بدات تتساقط لدى الاسرائيليين، وبمزيد من الصلابة في الموقف الفلسطيني نستطيع ان نزحزحهم ونعيدهم الى

 

غازي: والتشدد الاسرائيلي اكثر من الناحية الثانية،  ابو غنيم وبين الخان الاحمر والقدس مصادرة جميع هذه الاراضي؟

 

فيصل الحسيني: طبعا هو من الطبيعي عندما تبدا تشعر حكومة كحكومة الليكود ان بعض هذه المحرمات بدات تسقط وان موقفهم ممكن ان يضعف في القدس، ردة فعلهم ان يتخذوا مواقف متطرفة ومتشددة اكثر. وبالتالي انا اقول بان الوضع الان هو افضل من السابق، بمعنى ان الاجماع السابق لم يعد بنفس القوة والصلابة الذي كان عليه سابقا.

 

جيزيل خوري: طب شو المحرمات بالنسبة لكم للقدس؟ هل القدس بالنسبة الكم تقبلوا ان تكون سيادة دولية؟ تقبلوا ان تكون سيادة مشتركة بينكم وبين الاسرائيليين؟ او بينكم وبين الاردنيون والاسرائيليون؟

 

فيصل الحسيني: دعيني اقول ما يلي: هذه العملية كلها وعملية السلام قائمة على قرار242 ليس لانه الحلم الاسرائيلي وليس لانه الحلم الفلسطيني، ولكن لان خط معين تم اختياره لا من الفلسطينيين ولا من الاسرائيليين حدد اين نحن واين هم. وبالتالي الخط الاحمر لدي هو خطوط عام 1967 . اي تغير فيها، معنى ذلك انني سابدا اطالب بفلسطين من النهر الى البحر او هو سيبدا يطالب باسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.

 

فيصل الحسيني: هذا يعني تقسيم القدس ؟

 

جيزيل خوري: هنا جانب يقول هذا الشيء، الجانب الاخر، ان احدا منا لا يريد ان يرى كما يقولون جدار برلين يقسم المدينة في جزئين. لهذا السبب نقول ان الحل الامثل هو عاصمتين في مدينة مفتوحة، مدينة توجد فيها حرية حركة، لكن فيها سيادتين. توجد خطوط وهمية تحدد اين هذه السيادة واين تلك السيادة لكن التحرك هو تحرك حر.

 

غازي: في مدينة الخليل وافقتم على سور برلين؟

 

فيصل الحسيني: في الخليل هو محاولة فرض النموذج الاسرائيلي. الحل هو محاولة فرض النموذج الاسرائيلي في كل مكان، نحن نرفض هذا النموذج، ولن ينجح هذا النموذج. وما يجري الان في الخليل هو دليل على انه مثل هذا النموذج لا  يمكن أن يؤدي الى حل . 

 

جزيل خوري: السؤال الثاني عن الانفاق العربي يعني مساعدات دولة الإمارات وانشاء حي في القدس؟

 

فيصل الحسيني: هو نعم كان وعد من دولة الامارات انشاء حي في القدس يصل الى 15000 وحدة سكنية. المشكلة ان اسرائيل لا تعطينا امكانية الحصول على تراخيص لبناء حي كامل، والمنطقة التي نريدها هي في داخل القدس، وهي مازالت تحت السيطرة الاسرائيلية. لكننا الان نحن بامكاننا ان نحصل على تراخيص فردية ليس مدينة. ولكن في مجموع القدس يمكن ان نبني 15000 وحدة سكنية، ونحن وكما فعلنا مع بنك التنمية الاسلامي ومع العربية السعودية بان غيروا موقفهم من انهم من الضروري ان يساندوا مشاريع اسكانية ضخمة الى مساعدة مشاريع فردية، نامل ان نخرج بموقف مماثل من قبل دولة الامارات.

 

غازي: في تحرك بهذا الاتجاه؟

 

فيصل الحسيني: هناك تحرك بهذا الاتجاه، لكن لم يصل الامر الى التنفيذ. حتى مع بنك التنمية الاسلامي في السعودية، ارسلت السعودية 30 مليون دولار لمدة سنتين ونصف، ونحن نناقش هذا الموضوع بانكم تريدونا ان نبني مجمعات سكنية، واسرائيل لا تسمح لنا بمجمعات سكنية. وبالتالي لا تتحرك النقود من البنك. قبل حوالي شهر تم التوقيع مع بنك التنمية الاسلامي على دعم بناء فردي بحدود 19 مليون دولار كدفعة اولى ونامل بان الامور ستتحسن .

 

جزيل خوري: السؤال الثالث عن الاماكن المقدسة؟

 

فيصل الحسيني: هو في الواقع ليست المعاهدة الاردنية الاسرائيلية، هو بعد عام 1967 ونتيجة موضوع الهيئة الاسلامية وافقت اسرائيل على القبول في (Status quo)   في القدس، امر قائم في القدس، هو انه ما كان عليه الامر في عام 1967 يستمر كما هو. وبالتالي الاوقاف الاردنية استمرت هي المسيطرة على الاوقاف الاسلامية بداية في كل الضفة الغربية ثم بعد فك الارتباط ووصول السلطة الفلسطينية اصبحت كل المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية تدار من قبل السلطة الفلسطينية. المناطق التي مازالت تحت السيطرة الاسرائيلية يبقى الوضع على ما كان قائما. وبالتالي الاردن ما زالت هي المشرفة على الاوقاف الاسلامية في مدينة القدس. لكن عمليا على الارض هي لا تستطيع الا ان تكون جزء من الشعب الفلسطيني ولا يوجد هناك تناقض اساسي ما بين فلسطين والاردن. لربما تنشا في بعض الاحيان بعض الخلافات حول صلاحيات هنا او هناك ولكن هناك ادارة في النهاية فلسطينية لها مظلة اردنية  ولكن الامر كله يقع في فلسطين.

 

جزيل خوري: بالنسبة لاقتراح نتنياهو قطاع غزة ان يكون دولة معترف فيها بالامم المتحدة؟

 

فيصل الحسيني: في الواقع اعتقد ان هذا المخطط الاسرائيلي دائما كان قائما وما زال. حتى الان اسرائيل مباشرة وقبل الوصول الى اتفاقية اوسلو بدات تفرض قيودا على الاتصال ما بين الضفة الغربية وغزة. لم يحدث طوال فترة الاحتلال حتى في اكثر ايام  التوتر، خلال الانتفاضة، ان كان محرما على الفلسطينيين في الضفة الغربية ان يصلوا غزة. كان بالامكان ان يصلوا. الان يوجد هذا المنع. الفلسطيني من غزة غير قادر على الوصول الى الضفة الغربية الا بتصريح، وهذا التصريح نادر جدا، والعكس صحيح. الان اذا كان الفلسطيني يريد ان يصل الى الضفة الغربية يخرج الى القاهرة ثم بالطائرة الى عمان ثم من عمان يحاول ان يدخل الجسر. انتبه الاسرائيليون الى هذا الامر فاصبح الان كل من يخرج بهذه الوسيلة ينتظروه على الجسر بمجرد وصوله يضعوه في باص مغلق ويرسل مباشرة الى غزة. اذا هناك توجه اسرائيلي الى خلق وضع غير مطبع ما بين غزة والضفة. تحدثنا عن التطبيع ان لا تطبيع بين غزة والضفة الغربية، ولا اعتقد ان الهدف امني. الهدف هو هدف سياسي. هم لا يريدون غزة ولم تكن غزة في يوم من الايام حتى ضمن مقدساتهم او مطالبهم، وغزة دائما في تاريخهم لها ذكريات سيئة. اريحا على فكرة ايضا، هم لا يحبوها من ناحية دينية ايضا. وبالتالي اول منطقتين اعطونا اياها في الحكم الذاتي هي المناطق التي لا يريدونها. واضح انهم يريدوا ان يفصلوا ويحققوا شرخا في داخل هذا الكيان الفلسطيني، هم دائما كانوا ضد شيء اسمه وحدة الشعب الفلسطيني .

 

غازي: وايضا داخل الضفة الغربية هم يريدون ان يضعوا حدودا ما بين شمالها وجنوبها؟

 

  • نعم.

 

محمد شريف: السؤال الاخير حول الخلافات المالية بينك وبين الرئيس ياسر عرفات. يقال بان هناك خلافات مالية هي التي تعيق من تنفيذ كثير من مشاريع القدس، هذا جانب. الجانب الثاني بانه هناك اتهامات لك من كثير من مسؤولين فلسطينيين خاصة في القدس بانك مقصر في تنفيذ هذه المشاريع ولذلك يقال بان البعض يطالب بسحب ملف القدس منك ؟

 

جزيل خوري:  يحاول يستفزك من اول الحلقة مش عم تزبط؟

 

فيصل الحسيني: فيما يتعلق بمدينة القدس، هذه المدينة اذا اردنا بالفعل ان ننقذها، ان نسير في عملية المحافظة عليها، هذه المدينة لا تكفيها ميزانيات مئات الالاف او بضعة ملايين. هذه المدينة تحتاج عشرات الملايين، مئات الملايين، حتى نستطيع ان ننقذها، ان ندافع عنها، حتى نستطيع ان نبنيها وهذا الامر غير متوفر. في بعض الاحيان هناك خلافات حول الاولويات، اين يمكن ان  يصرف هذا المال؟ ما هو الكم الذي يجب ان  يصرف في القدس؟ واذا اردنا ان نصرف في القدس ايهما اهم مؤسسات القدس وابقاءها؟ حماية الارض، حماية الانسان؟ اين تصرف هذه الاموال؟ نعم هناك اجتهادات وهناك في بعض الاحيان خلافات هنا وهناك. كيف يجب ان تصرف هذه الاموال؟ من هو الذي يقرر كل هذه الاشياء؟ فيما يتعلق بمواقف اني مقصر تجاه مدينة القدس، ببساطة: اذا لم يتواجد المال الكافي فلا يوجد الا الجهد الانساني، ولا اعتقد ان هناك احد يتحدث عن تقصير في الجهد الانساني. لكن هناك عدم قدرة على تلبية المطالب الانية واليومية خاصة من الناحية المادية فقط. اذا اردنا ان نتحدث بشكل تفصيلي وان نقول ما هو المال الذي يصب حتى الان في مدينة القدس مقارنة بما يصبه الاسرائيليون في هذه المدينة، استطيع ان اقول ما صب من مال عن طريق احدى المؤسسات بيت الشرق خلينا نقول.

 

جيزيل خوري: الذي يمكن ان يصبح بايادي الاسرائيليين ؟

 

فيصل الحسيني: لا ما بقدروش ياخذوه، صعب انهم ياخذوه. انا استطيع ان اقول انه من سنة ال 92 حتى هذه اللحظة ما صب عربيا من خلال بيت الشرق، كبيت شرق، يعادل ما تصبه اسرائيل في يومين اثنين فقط. طبعا صبت اموال اخرى بطرق اخرى. ولكن كمركز قيادي هذا هو الوضع. ولكن اذا تحدثنا عنه بشكل اكبر فلسطينيا وعربيا مجتمين لربما ما تصبه اسرائيل في اقل من اسبوع.

 

جيزيل خوري: يعني كل الانظمة مقصرة مش بس فيصل الحسيني، جربت تستفزه بس ما مشي الحال؟.

 

انا راح انهي الحلقة بشيء من بيروت. طبعا مريت في بيروت مثل كل الفلسطينيين او معظم الفلسطينيين. شو في بذاكرتك من هذه المدينة وهل اغرتك بالبقاء مدة اطول مثل الفلسطينيين الاخرين؟

 

فيصل الحسيني: نعم انا عشت في القاهرة، عشت في بغداد، عشت في دمشق، وفي القدس. برغم ان تجربتي في القاهرة طويلة، في بغداد خلال فترة الصراع، وبالتالي في هناك علاقة عاطفية شديدة. ولكن المدينة التي احسست فيها بنوع من الراحة النفسية وكاني موجود في القدس، كاني يعني، هي بيروت .

 

جيزيل خوري: ماذا تتذكر من هذه المرحلة بالجامعة العربية او في مخيم كيفون؟

 

فيصل الحسيني: لربما اكثر التجارب حية في ذهني هي فترة كيفون. امضينا شهر في كيفون، وفي هذا الشهر حاولنا ان نبدا عملية نضال ومقاومة على الحدود الشمالية لفلسطين اي من خلال الجنوب اللبناني. لمدة شهر دربنا العناصر الفلسطينية هناك وكانت تجربة فريدة من نوعها يمكن هو المعسكر الاول.

 

جيزيل خوري: يعني كانت الحق عليك قصة الجنوب؟

 

فيصل الحسيني: والله يمكن احيانا ضميري بانبني.

 

جيزيل خوري:  احيانا؟

 

فيصل الحسيني: اه والله مش ليل نهار.

 

في هذا المعسكر نحن دربنا 12000 شاب وفتاة فلسطينيين ولبنانيين ولربما كان هو المعسكر الأول ولربما الاخير في المشرق الذي ضم فتيات وشباب، وحتى في درس الرياضة الصباحية كانوا يقفون حسب الطول وليس مقسمين الى ذكور واناث. لمدة شهر كان في  حياة بشكل مختلف عما تعودناه في كل مكان، وخضنا تجربة خلال شهر، انا رايت فيها كل او جزء كبير مما حدث بعد ذلك . كيف بدا هذا المعسكر؟ تصرف الناس حولنا، ضمن هذا المعسكر، تبنيهم لهذا المعسكر، تاثيراتنا على كيفون، وقد دخل موسم الصيف وموسم الناس ياتو من الخارج وابتعاد الناس عن كيفون لانه موجود في كيفون، مثل هذا المعسكر، التاثير السلبي الذي اصبح هناك، امتلاكنا للقوة وعلاقتنا مع اهل البلد ومع المختار.

 

جيزيل خوري: كنتم السلطة نوعا ما؟

 

فيصل الحسيني: نعم كنا السلطة بكل الاخطاء التي يمكن ان ترتكبها سلطة. لم تكن سلطة قبل ذلك. شاهدت في تلك الفترة لمدة شهر بدايات لكثير من المشاكل التي حصلت بعد ذلك في لبنان على وضع اوسع. من هنا كلنا فلسطينيين، كلنا لبنانيين، ولكن في النهاية نحن كمعسكر اصبحنا نشكل شيء مختلف، حتى في مصالحنا اليومية عن ابناء القرية الذين لم يختلفوا معنا اطلاقا ولم نختلف معهم اطلاقا في تطلعاتنا الاوسع من ذلك. لكن بعد شهر كان في هناك كثير من امكانيات الصدام ليس لانه في بيننا خلاف اساسي ورئيسي ولكن لانه الحياة اليومية فرضت على كلانا ان يكون له مصالح مختلفة. هذه اذكرها تماما وكلما اسمع عن شيء يحدث في لبنان اعود لذاكرتي الى هذا الشهر والمشاكل الصغيرة هنا وهناك والتي في النهاية اصبحت شيء كبير جدا.

 

جيزيل خوري: يعني انت تذكرت هذا الشيء من بيروت انا راح اتذكر هذه المقابلة الشيقة في عمان، بقدر اقول لك اننا في بيروت نتذكر الفلسطينيين دائما، ايجابا ام سلبا، الحقيقة شكرا استاذ فيصل الحسيني لوجودك معنا، شكرا استاذ غازي السعدي شكرا استاذ محمد شريف.