جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار
رثاء 09 سبتمبر 2019

 الأرشمندريت الدكتور عطا الله حنـا

هذا الشعب العظيم الذي أنجب فيصل، قادر على

إنجاب فياصل من الأبطال، والمدافعين عن القدس

"لن تستطيع الكلمات أن تعبر عن مزايا فيصل.. ذلك الإنسان، الذي كان إنسانا قبل كل شيء.. وطنيا.. فلسطينيا.. ملتزما بقضايا أرضه وشعبه ووطنه ومقدساته.. فيصل الذي ينحدر من عائلة عريقة في النضال والوطنية، تابع مسيرة الشرف بعد والده.. وجسد من خلال فكره ومواقفه ونضاله وتضحياته صورا مشرقة للصمود والبقاء، والدفاع عن القدس وعروبة القدس، ومقدساتها الثمينـة".

"الأب الدكتور عطا الله حنا كان يتحدث عن المرحوم فيصل الحسيني، وهو يقوم بأداء واجب العزاء في بيت الشرق، كان يتحدث عن فيصل، وهو لا يكاد يصدق أنه رحل إلى الأبد، وترك القدس تنزف وتئن.. والمسيحي فيها مع المسلم، يقفان جنباً إلى جنب، في خندق واحد، دفاعاً عن فلسطينية القدس وعروبتهـا".

رمز الصمود الفلسطيني

يقول الأرشمندريت عطا الله حنا: "كان فيصل – رحمه الله – بالنسبة لنا الأخ والصديق والأب والإنسان.. كان المناضل الصلب، الذي عمل بكل جد وإخلاص حتى اللحظات الأخيرة في حياته، من أجل الدفاع عن قضية الشعب العربي الفلسطيني.. وعن قلب فلسطين النابض.. مدينة القدس.. مدينة السلام.. مدينة الأنبياء.

وعن علاقته بالمرحوم فيصل يقول الأب عطا الله: "منذ أن جئت إلى القدس عام 1990م تربطني بالمرحوم علاقات وطيدة، وهل من إنسان يعيش في القدس ولا يعرف فيصل الحسيني؟ لقد كان رمزا ساطعا من رموز الصمود الفلسطيني في القدس.. وكان بيت الشرق وما زال قلعة شامخة من قلاع هذا الصمود. منذ تعييني مسؤولا للقسم العربي في الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس، وأنا ألتقي مع فيصل بشكل شبه متواصل.. نتحاور معاً.. ونعمل سوياً من أجل المدينة المقدسة، وقضيتها العادلة.

وعن أول لقاء جمعه مع فيصل الحسيني يقول: "قبل أن ألتقيه كنت أشاهده على شاشات التلفاز، وأسمع عنه الكثير.. فقد كان اسمه بارزا جدا كشخصية وطنية مقدسية فلسطينية مرموقة.. التقيته أول مرة بشكل مباشر، حيث توجهت إلى بيت الشرق. لتوجيه دعوة خاصة له، للمشاركة في ندوة حول القدس.. لم يتردد أبداً في الموافقة، وسجل موعد الندوة، وشارك بها, وكانت مشاركته إثراء لتلك الندوة.. قال لي عندما وجهت له الدعوة: إنه لا يتردد مطلقا في تقديم كل ما يستطيع من أجل القدس، أدركت حينها أن هذا الإنسان قد ارتبط روحياً ونفسياً وجسدياً وفكرياً بهذه المدينة العظيمة، التي ارتبطت هي الأخرى به ارتباطاً روحياً خالدا".

ذكراه ستبقى خالدة فينـا

بعد ذلك توطدت العلاقات بيننا، ولم تقتصر لقاءاتنا في القدس، فقد رافقته في السفر إلى أماكن عديدة.. كنت أشعر وأنا معه، أنه يحمل القدس على كتفه، ويصرخ في وجه العالم، هبوا يا عالم، وأنقذوا القدس.

ذهبنا معاً إلى المغرب، وشاركنا في اجتماعات لجنة القدس.. ذهبنا أيضا إلى سوريا والإمارات العربية المتحدة والأردن.. وكانت لي مع أبي العبد صولات وجولات، في مختلف أرجاء المعمـورة.

رحيل فيصل الحسيني كان مفاجئاً. أشعر أنني افتقد إنسانا، ترك فراغا كبيرا.. لكنني على يقين، وأؤمن بشكل مطلق، أن هذا الشعب العظيم الذي أنجب فيصل، قادر على إنجاب فياصل من الأبطال، المدافعين عن القدس وعروبتها.ز والقادرين على مواصلة المسيرة.. مسيرة فيصل، والسير على النهج الذي رسمـه.

فيصل الحسيني – رحمه الله – كان رصيناً في مواقفه، واثقا من كلماته.. كنت استمتع كثيرا بالحديث معه.. ولا أذكر مرة أنه كان هناك ابتعاد عن المضمون أو الهدف، الذي من أجله كنا نتحدث.. لأن القدس كانت دائماً موجودة في قلبه.. لذلك ورغم رحيله، اعتقد أن فيصل الذي ووري الثرى، إلى جوار والده في باحات الأقصى المبارك، سيبقى معنا دائماً مسلمين ومسيحيين.. لأن ذكراه ستبقى خالدة فينا، ولن ننساه أبدا ما حيينــا.

عن مجلة "عبيـر"