جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار
رثاء 12 ديسمبر 2016

كلمة الرئيس ياسر عرفات

كرس نفسه لأجل القدس فكرسته أميراً لها

"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".

"صدق الله العظيم"

 رحل إلى جوار ربه فجر اليوم مناضل بارز وقائد فذ عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مدير ملف القدس، المحافظ على عروبتها، المقاتل في مدى السنوات من أجل أن تنجو وتظل فلسطينية في مواجهة أثقل هجمة عرفها تاريخ القدس من أجل تهويدها.

تحمل ما لا يتحمل البشر، خضع للمداهمة مئات المرات في "بيت الشرق" وإلى التوقيف والمساءلة الاسرائيلية الغاشمة مرات أخرى، وتلقى التهديدات وتعرض لمحاولات القتل، وظل صامدا بصمود جبال القدس التي تواجه الاحتلال والقضم وتشويه المعالم، وكلما تعرضت الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية للانتهاك هب فيصل لنجدتها.

كان يعلم أن معه قوة الحق، ولأنه كان مقداما غير هياب ولا وجل، فانه كان يتصدى بصدره الذي أنهكه الربو وبقلبه المنتصر على ضعفه بقوة الارادة وصلابة الشكيمة، للعنف الاسرائيلي اليومي، فيقض مضاجع أولئك الذين اعتقدوا بأن الالة العسكرية والاحتلال قادر على النيل من هوية القدس الفلسطينية الناهضة عبر التاريخ بشموخ وثبات.

القدس مدينته وبيته وأسرته وروحه، تكرس من أجلها وكرسته أميرا لها فغدت همه اليومي الذي انقطع له وانشغل به، فكان حتى آخر لحظاته يقاتل قتال الأبطال في سبيل فلسطينيتها وعروبتها. وكان يهجر موقع القيادة كلما أحدق الخطر، ويمضي إلى صفوف المدافعين بصدورهم في مواجهة الاستيطان والاستيلاء على الأرض، معتصما تارة ومتظاهرا تارة ورافعا قبضته وصوته تارة ثالثة، فيكون فعله كاسحا يتردد في العالم من أقصاه إلى أقصاه.

ولقد شكل فيصل بانتمائه الفلسطيني العالي وصموده الصلب ووعيه العميق القادر على التعامل مع الواقع العاصف من حوله، شخصية دولة فذة، تحظى باحترام ثمين في الأوساط العربية والعالمية، فأصبح محورا للقدس يضرب عميقا في الضمير الانساني.

خسرناه وفقدناه وفجعنا رحيله، اذ هو نمط من الرجال والقادة العظماء الذين يصعب تعويضهم بخاصة في هذه المرحلة التي يتعرض فيها شعبنا للارهاب الاسرائيلي الرسمي الشامل والمنظم.

هنيئاً أيها الحبيب "أبو العبد" فأنت مع الشهداء الأبطال والصديقين في عليين، ونعاهدك بالاستمرار حتى يغرب هذا الاحتلال العنصري الأسود عن أرضنا الطاهرة، أرض فلسطين والفلسطينيين. 

المصدر: كتاب أمير القدس بتـاريــخ: 1/6/2001