جاري تحميل الموقع . يرجى الانتظار

نـدوة عَرْعَرْه

 

التاريخ: 1/3/1990

فيصل الحسييني:

 السلام عليكم

المشكلة القائمة في المنطقة هي نتيجة عدم تحديد كل طرف منا بالنسبة إلى الآخر. في فترة معينة نحن عملنا ومن خلال رغبتنا في الدفاع عن وحدة أراضينا في نيل الاستقلال لشعبنا. رأينا في هؤلاء القادمين من الخارج أنهم مجرد دين أنهم يهود وليس شعب، ولذا ولفترة طويلة رأينا أنهم لا يستحقون حق تقرير المصير. مرت حروب مرت ثورات مر زمان طويل تغيرت الأوضاع أصبحنا نحن كفلسطينيين نُعاني من وضع جديد بدأ عام 1948، لم نعد ذلك الشعب الذي يعيش على أرضه وإنما أصبحنا موزعين على أراضي متعددة في أنحاء العالم العربي، من خلال هذا الوضع الذي أُلنا إليه من خلال أننا أصبحنا مشتتين في مناطق عديدة بلا قيادة موزعين تحت أنظمة مختلفة في هذه المنطقة، مرت علينا أيام سوداء كنا نحاول أولها أن نكافح كشعب فلسطيني واحد. ولكننا لم نستطع أن نحقق ذلك تحت قيادة واحدة، عشنا مفككين ما يقارب العشرين عاما. عندما قامت حرب عام 1967 قامت القوات الإسرائيلية باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان، ضربت وهزت الأنظمة العربية، أضعفت القوات بين الحدود وفجأة في عام 1967 وجدنا نحن أنفسنا كفلسطينيين نعيش ظرفاً جديداً، هذا الظرف منحنا القدرة على إعادة الاتصال بيننا وبين بعض، أذكر تلك الأيام عام 1967 عندما كنت أتحرك من لبنان إلى سوريا إلى الأردن أعبر النهر إلى الضفة الغربية وأقطع تلك المسافة إلى غزة في وضع شبه حر للاتصال بين أبناء الشعب الفلسطيني.

 حققنا انتصارا خلال السنة الأولى بدأنا بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، حققنا إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كقيادة فلسطينية كمنظمة فلسطينية تقود الشعب الفلسطيني وليس كمنظمة عربية تسيطر على أفراد الشعب الفلسطيني في أماكن تواجدهم،  قد يكون خلال السنتين اللتين تبعوا عام 1967- ربما لأن بلادنا ليس فيها جبال عالية، ربما لأننا لا نتملك تلك الغابات والأدغال، ربما لأننا كنا نواجه أقوى وأحدث جيش في الشرق الأوسط، ربما لأن تنظيما كان ضعيفا ربما أن كل هذه الأشياء مجتمعة _  تمكنت قوات الاحتلال من إخراجنا من الضفة الغربية والقطاع إلى أماكن أخرى في سوريا، لبنان والأردن، منذ تلك اللحظة عدنا إلى الوضع الذي نقاتل فيه الاحتلال من أراضي الغير وذلك وضعنا أمام وضع جديد أننا أصبحنا نعاني ليس فقط من تناقضاتنا الداخلية، ولكننا أصبحنا نعاني من تناقضاتنا الداخلية مع تناقضاتنا مع الاحتلال، بالاضافة إلى تناقضتاتنا مع التناقضات الداخلية للشعوب التي كنا نحارب على أرضها. منذ عام 1970 بدأنا سلسلة من المعارك نخوضها على أراضي الغير وأحيانا معارك لم نكن نحلم في يوم من الأيام سنكون طرفا فيها. في تلك الفترة التي وجدنا أنفسنا فيها في الخارج نقود معارك في الأردن، معارك في لبنان، نتورط في الحرب الأهلية اللبنانية، تتغير فيها التحالفات ونضطر نحن أن نغير تحالفاتنا بناء على ذلك، نتيجة للتوازنات العربية العربية، نتجية للتوازنات الدولية، نتيجة للتوازنات الطائفية. ضمن كل هذه الفوضى التي عمت تلك المنطقة كنا نحن كفلسطينيين موجودين في الداخل، هنا، ننظر دائما إلى منظمة التحرير الفلسطينية على أنها الأمل الذي سيأتي يوما وسيحررنا، إلى جيش التحرير الفلسطيني الذي سيأتي يوما وسيعبر الحدود ليحررنا، جزء منا ساهم بشكل كامل في هذا النضال، وجزء كبير منا، الغالبية منا، قررت صورة أخرى أسميناها الصمـود. أن نبقى على هذه الأرض أن نضرب جذورنا بها وأن ننتظر، وربما كان السؤال الذي يدور بيننا في جلساتنا تلك الايام: لماذا لم تقم منظمة التحرير الفلسطينية بهذا الإجراء أو ذاك؟ لماذا وافقوا على هذا القرار ولم يوافقوا على سواه؟ لماذا تحركوا بهذا الاتجاه وليس بذاك؟ كنا في تلك الأيام _نحن هنا_ ننتظر الى ما يجري في الخارج، وفي الخارج غارقين في هذا الصراع، يحاولون أن يبقوا الرأس فوق الماء ونحن ننظر خائفين أن هذا الأمل يمكن أن يضيع.

في الداخل كانت السلطات الإسرائيلية تقوم بعمل آخر، كانت تنظر إلى الداخل وهي تعي تماماً أن هناك قيادة فلسطينية تنمو في الداخل، وأن هناك قيادة فلسطينية موجودة في الخارج، كلما ظهرت قيادة كلما برزت شخصية ممكن أن تشكل نقطة تجمع لقيادة كانت السلطات الإسرائيلية تبعدها إلى الخارج، ظل هذا الوضع بهذا الشكل حتى عام 1982 عندما قامت قوة بيغن شارون بمهاجمة لبنان بهدف تحطيم البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبهدف إبعاد القوات الفلسطينية عن لبنان، وشاهدنا كيف نجحوا في ذلك، شاهدنا نحن الفلسطينيين المقيمين هنا، كيف قام الجيش الإسرائيلي بتحطيم البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان، كيف دفعت القوات الفلسطينية خارج لبنان بعيدا، بعيدا إلى العراق، إلى المغرب، إلى اليمن، إلى السودان، شاهدنا كيف كانت الدول العربية تتجاهل منظمة التحرير الفلسطينية بل وتقاتلها أحيانا،ً شاهدنا كيف بدأت الدول الكبرى تتجاهل حتى قضية الشرق الأوسط باجتماع ريغن – جورباتشوف، لم يلتفتوا إطلاقاً ولم تكن قضية الشرق الأوسط على جدول الأعمال، شاهدنا أيضاً كيف أن الخلافات بدأت تدب في داخل منظمة التحرير الفلسطينية، لكننا في نفس الوقت كنا شاهدون على القتال البطولي للفلسطينيين لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، 88 يوم في بيروت، كنا شاهدون على قدرة المنظمة على إعادة بنيتها التحتية وعودتها للدفاع عن المخيمات الفلسطينية المحفورة هناك، بدأنا نشاهد كيف استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية أن تعيد قلب دورها في المعركة السياسية في الشرق الأوسط على الدول العربية، شاهدنا كيف ان المنظمة أخيرا نجحت في إعادة الوحدة إلى نفسها في المؤتمر الوطني الفلسطيني الثامن عشر في عام1987. كل هذه الأشياء السلبي منها والإيجابي، الجيد والسيء كلها خلقت لدينا نحن الفلسطينيين هنا سؤالا جديدا فكان السؤال في السابق: لماذا لا يفعلون كذا ولا يقومون بكذا؟  فأصبح السؤال لدينا: لماذا لا نقوم نحن بهذا الشيء؟ ولماذا لا نقبل بذاك؟ ولماذا نرفض هذا؟  منذ اللحظة التي بدأ يراود الفلسطينيين مثل هذا السؤال بدأ يتغير شيء في داخل الأراضي المحتلة، كان هذا هو التمهيد اللاشعوري بإطلاق الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987،  لم يحدد أحد موعدا لهذه الانتفاضة، ولكن لأن منظمة التحرير الفلسطينية دائما كانت موجودة هنا، ولأن الجذور الفلسطينية دائما كانت موجودة هنا ومرتبطة بالمنظمة، لهذا السبب تمكنت المنظمة من إدارة وتوجيه الانتفاضة الفلسطينية، عندما قامت الانتفاضة بكل بساطة عادت الأمور إلى طبيعتها عاد الشعب الفلسطيني ليقاتل على أرضه وليس على أرض الغير، ولذا أصبحنا نعاني فقط من تناقضاتنا الداخلية، وتناقضاتنا مع الاحتلال. عندما بدأنا نفعل هذا الشيء بدأنا نعاني فقط من هذه التناقضات التي نحن قادرون على السيطرة عليها. تغير الوضع، فبدأت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تجد أن لديها أرضا صلبة تقف عليها، الانتفاضة بكل بساطة حررت منظمة التحرير الفلسطينية من القيود التي كانت تحكمها قبل عام 1987. ما هي الانتفاضة؟ الانتفاضة ليست عملية عسكرية تسعى إلى تحرير الأرض شبرا بعد شبر، الانتفاضة هي حركة ثورية فكرية تسعى إلى تغيير وتحرير الأفكار تحرير العقول ربما شبراً بعد شبر، بل نستطيع أن نقول أن الانتفاضة ليست عملية عسكرية وإنما هي عملية تسعى إلى تغيير الرأي العام، وتسعى إلى تغييره بأربعة جبهات: الجبهة الفلسطينية، الجبهة الإسرائيلية، الجبهة الدولية والجبهات العربية. في العام الأول بالرغم من كل ما شاهدناه، إلا أن المعركة الحقيقية كانت على جبهة الرأي العام الفلسطيني، كانت المعركة تدور في كل مكان يوجد فيه الفلسطينيين، كانت المعركة تدور في داخل كل فلسطيني منا، كل فرد منا، كانت معركة تدور ما بين العدل المطلق والعدل الممكن، كانت معركة تدور بين الحلم المشروع والواقع، هذه المعركة التي بدأت هنا في داخل الانتفاضة، وامتدت لتصل إلى كل فلسطيني يعيش في أي مكان سواء في الداخل أو في الخارج، هذه المعركة انتصرت فيها الانتفاضة، انتصر فيها الفكر الواقعي انتصر فيها الفكر العملي، وتوج هذا الانتصار بقرارات المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر في الجزائر، عندما اتخذت القيادة الفلسطينية الحرة الآن، تلك القرارات التي كان من الصعب، وأحيانا كان من المستحيل أن تتخذها قبل ذلك، بقبولنا بقرار 181 كمبدأ، بقبولنا ب 242 كتصور للحدود، بقبولنا 338 كمسلك كي نحقق هذه الأشياء، بقبولنا بفكرة الدولة الفلسطينية بجانب دولة إسرائيل وليس بمكانها،  كان هو الانتصار الذي حقق، لكنه لم يكن انتصارا سهلا، لم يكن خالٍ من الألم والمرارة. كنت أيامها في سجن (كفار يونا) أنظر إلى شاشة التلفزيون وأشاهد الاجتماع الذي تم من خلاله الإعلان القرارات الفلسطينية التي كانت تعني فيما تعني ليس فقط إعلان الاستقلال الفلسطيني، ليس فقط إعلان الدولة الفلسطينية، ولكن كان هناك قرار الذي يقول بأنني تنازلت عن أن تكون حيفا، يافا، اللد، الرملة، المثلث أن تكون جزءا من دولتي.

أشياء تعلمناها عشناها كانت عميقة في نفوسنا واتخذنا يومها موقفاً فضلنا فيه المستقبل على الماضي، فضلنا فيه مستقبل أجيالنا القادمة، على التاريخ الحديث الذي عايشناه،  يومها شاهدت كيف وقف أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني يصقفون يبتسمون، ولكن في نفس الوقت كانت الدموع ملئ العيون بعرض الوجوه،  يومها دفعنا الثمن الذي يجب أن ندفعه من أجل السلام، دفعنا الثمن الذي كان علينا أن ندفعه على طاولة المفاوضات، ولكننا ولأننا نعرف أن اللعبة الدولية قد تغيرت ولأننا نعرف أن السلام بين الشعبين هو أهم من كل اللعب السياسية قدمنا يومها ما كان يجب أن نقدمه على طاولة المفاوضات،  عندما وافقنا على دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل ضمن حدود أربعة حزيران عام 1967 بشكل أو بآخر، كان ذلك هو الثمن الغالي الذي قررنا أن ندفعه.

الآن نحن على استعداد بأن نجلس، بأن نتحدث لأننا من جهتنا حددنا تماماً من هو العدو، نحن لا نقول الآن العدو هو الإمبريالية، نحن لا نحدد أو نقول بأن العدو هو الصهيونية،  العدو هي إسرائيل، هم الإسرائيليون، ولكننا أيضا حددنا أي نوع من الأعداء هم، هل هم ذلك العدو الذي يجب أن نتخلص منه؟ أم هل أنه ذلك العدو الذي يجب أن نصل إلى وسيلة لأن نصنع معه سلاما؟  (يوجد توقف في التسجيل).

(المقصود ان على الاسرائيليين ان يروا الصورة ويحددو من نحن) أريد أن أكمل الصورة على الإسرائيليين على أن يُحددوا أنه موجود تحت الاحتلال أو موجود في الخارج، أنا واحد من أصل أربعة أخوة، أنا أعيش هنا والثلاثة في الخارج، أنا لست أدري بأي حق أستطيع أنا أن أقول بأنني فلسطيني أحكم وأقرر بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية وهم ليس لديهم مثل هذا الحق؟

نحن نريد من الإسرائيليين أن يُحددوا إن كنا نحن العدو، وأن يُحددوا إن كان هذا العدو يجب التخلص منه؟ أم يجب عمل السلام معه؟ ثم بعد ذلك عليهم أن يتوجهوا إلينا كشعب، ليس كأقلية، ليس كمشكلة لاجئين وليس كسكان منطقة معينة، يتوجهوا إلينا كشعب يفاوضونا يتحدثوا مع ممثلينا، واليوم الممثل هي منظمة التحرير، يقف على رأسها ياسر عرفات، ولن يُفيد الإسرائيليين إن رأوا فيه رجل سلم أم رجل حرب، إن رأوا فيه إنسان يتعامل مع الواقع أم أنه إرهابي، لن يفيدهم إن أحبوه أم كرهوه، ذلك هو الممثل الذي يجب أن يتفاوضوا معه.

نحن هنا، نعم قمنا بدور، قمنا بالانتفاضة، ربما أغلقنا الشوارع ضربنا الحجارة، أغلقنا المحلات، أضربنا، تظاهرنا، دفعنا ثمناً غالياً، لكن هذا ليس فقط ما صنعناه، أنا لم أقم فقط بإغلاق الشوارع في غزة، والتظاهر بالقدس ووضع الحواجز في نابلس، أنا قاتلت 88 يوما، أنا دافعت عن عائلة كذا، أنا حوصرت في تل الزعتر.

ياسر عرفات والآخرين من القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الخارج، وهنا، نفس الشيء هم وضعوا الحواجز (المقصود بهم الفلسطينيون بالخارج)، هم تظاهروا في القدس، هم ألقوا الحجارة في نابلس، هذا الشعور العميق لدينا بأننا شعب واحد، الشعور العميق هذا هو الذي يدفعنا لأن نقول لكم نحن ننظر إليكم كشعب ليس (غير واصح) وليس كمجموعات بشرية أتت من مناطق مختلفة، نحن نرى فيكم شعـب لـه الحـق فـي تقرير مصيره، نحن نريـد منكـم أن تنظـروا إلينا على نفس هذا المستوى.

إن نظرتم الآن إلى القيادة الفلسطينية الموجودة في الخارج، ومن الممكن أن يكون 60% منها موجود في الداخل، فالظرف التاريخي، الصراع، هو الذي أوجدنا في هذه الظروف، نحن مرة أخرى على استعداد للجلوس للتحدث. وتأكد أنك إذا جلست أمام ياسر عرفات ستسمع منه أشياء تشجعك أكثر على عقد سلام معه، من أن تعقده معي أنا، على الأقل ياسر عرفات عندما سيجلس على طاولة المفاوضات ويفاوض هو يعلم أنه بعد إنهاء المفاوضات، بأي فندق سيكون أو بأي بيت سيكون، أما أنا فإني أتحدث معك الآن على نفس المستوى، وبـنفس الأسلوب، أنت تعـرف هذه الليلة أنـا غير مُتأكد في القدس أني ساكون في بيتي أو في المسكوبية؟

انقطاع التسجيل ومن ثم ورد ما يلي:

ليس على ساحات المقدسي أنه يعتمد على الأسواق الاقتصادية يعتمد أكثر على قدرة أي دولة من الدول على التعامل اقتصادياً مع الأسواق الجديدة في هذه المنطقة، وبالتالي هناك مصلحة عامة ومصلحة مشتركة بين الدولتين الأعظم وهذه المصلحة تعني أنه يجب أن يكون هدوء أكثر تفاهم أكثر، وأجواء مريحة أكثر للتطور الاجتماعي الاقتصادي للسنوات القادمة، من هناك إذا نحن فهمنا هذه اللعبة فهمنا قوانينها الجديدة وأحسنا التعامل بناء على هذه القواعد والقوانين الجديدة أستطيع أن أقول أننا نستطيع أن نوجه أيضا مسلك الدولتين الأعظم بشكل يخدم أهدافنا ويخدم قضيتنا.

السؤال الثاني: الشعب الفلسطيني أقل شيء يريده هو دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية، ولكن الطرف الآخر بأغلبيته بحزبيه الكبيرين: الليكود والمعراخ مجتمعين ومجمعين على أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية. فكيف تصف الأمر بهذا الموضوع؟ حسب رأيك ما دمنا نحن في مسيرة سلمية الآن جالسين ومختلفين على التفاصيل البسيطة، لكن الجوهر عند هؤلاء الحزبين أن لا دولة فلسطينية إطلاقاً حتى لو كان من طرف واحد، يكون الأمر أحسن لكن الطرفين الكبيرين، كيف ممكن ان يتغيرالموقف؟

فيصل الحسيني: دعنا أولا أن نُحدد ماذا نريد نحن وأن نضع تصورنا بالشكل الذي يطرحه حقيقة، التعبير الواجب أن يقال أن ما نريده هو دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل لا أكثر ولا أقل، ومجرد التعبير بأن نقول بأن أقل ما يريده الشعب الفلسطيني هو دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل إذا لديك شيء أكثر من ذلك وهذا ما قد يثير المخاوف لدى الطرف الآخر برغم قوته برغم جبروته، إلا أنه خائف، توجد لديهم مخاوف، أصدقها لا أصدقها هي معقولة غير معقولة ولكن علينا أن نعرف أن هناك مخاوف لدى الطرف الآخر يجب أن نعالجها. نحن نعرف أن الكثير من الإسرائيليين يقولون بأن دولة فلسطينية قد تهدد أمن الدولة الإسرائيلية ولذلك نحن لا نريدها، نحن لا نقبل هذا المنطق. نحن نقبل أن يقولوا إننا نخاف أن تهدد هذه الدولة أمن الدولة الإسرائيلية ونحن من جهتنا نستطيع أن نقول لهم إن كان لديكم مخاوف تعالوا ودعونا نضعها على طاولة المفاوضات، سنضع مخاوفنا وتضعوا مخاوفكم، نضع آمالنا وتضعوا آمالكم، ونبحثها على طاولة المفاوضات، لنبحث عن الصيغة التي يمكن أن تقام فيها دولتان: دولة فلسطينية مع دولة إسرائيلية بجانب دولة إسرائيلية دون أن تهدد إحداهما الأخرى، على هذا المستوى ممكن نحن أن نتقبل ونتفهم ونتفاهم مع المخاوف الإسرائيلية.

سؤال: يعني يمكن أن يتغير رأيهم؟

فيصل الحسيني:  اعتقد أن هناك تغير جانبي بالرأي العام الإسرائيلي في الخارطة السياسية الإسرائيلية، على سبيل المثال قبل سنوات عندما كان يظهر شخص مثل يوسي سريد ويطرح أشياء سياسية معينة كان ملتزما بترك حزب العمل، والانضمام إلى حزب آخر. نحن نلاحظ أن هناك أطرافا تخرج من حزب العمل وتتحدث كما يتحدث يوسي سريد دون أن تضطر إلى الانتقال، على نفس المستوى في حزب الليكود كان هناك عناصر إذا كانت تريد أن تتحدث أو أن تبدي آراء مثل غيئولا كوهين، كان عليها أن تترك الليكود وتنتقل إلى هتحيا مثلاً، الآن نجد في داخل الليكود عناصر تتحدث مثل غيئولا كوهين وأكثر تطرفا من ذلك وتبقى في داخل الليكود، إذا هناك استقطاب وهناك تغيير في داخل المجتمع الاسرائيلي في اليمين وفي اليسار، وحتى في اليمين هناك تغير باتجاه محاولة تفهم الموقف الفلسطيني، لم يكن من الممكن أن نسمع قبل سنوات قبل ثلاث سنوات تصريحات مثل التصريحات التي سمعناها من شلومو لاهط أو من لاندو، بخصوص الحديث مع منظمة التحرير الفلسطينية، بخصوص التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية. لم نكن نسمع من شخصيات دينية يهودية بعض المواقف التي نسمعها الآن، التصريحات التي خرج بها الراباي باروخ سلي بابا هي ذات طابع جديد وتعطي مؤشرات جديدة لما يمكن أن تكون عليه الطوائف الشرقية في البلاد. إذا هناك نوع من التغير في داخل المجتمع الإسرائيلي، وأود أن أذكر هنا أن جزء كبير من هذا التغير ليس لأن هناك أحد حريص على المصلحة الفلسطينية، ولكن انطلاقا من حرصهم على المصلحة الإسرائيلية تدريجيا بدأوا يشعروا بأن استمرار الاحتلال استمرار الحرب هو يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع الإسرائيلي، إلى الإضرار بالمبادئ الديمقراطية الإسرائيلية كما هم رأوها وكما هم أرادوها وحلموا بها وبالتالي بدأوا يشعروا أن هذا الأمر يضرهم هم ومن هنا كان الانطلاق إلى أنه يجب أن يجري التغيير ويجب أن يُنهي هذا الاحتلال.

سؤال: الآن يعني في طريق تركيز الطاقم الفلسطيني والتكاتف في الضفة وحماس والمنظمة، ألا يوجد أي خلافات أو زعزعات وبعض المشاكل التي قد تعترض المنظمة؟

فيصل الحسيني: منظمة التحرير الفلسطينية بالنسبة لكافة القوى الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. هناك قوى تجد نفسها تقف في صف المعارضة سواء المعارضة من داخل الحكم أو المعارضة من خارج الحكم، على سبيل المثال: حماس هي ترى في منظمة التحرير الفلسطينية أنها الممثل الشرعي ولكنهم يروا أنهم على خلاف مع هذا الممثل الشرعي في قضايا معينة فهم يقولون أن المنظمة تريدها دولة علمانية في حين أن حماس تريدها دولة إسلامية، ولكن هذا الخلاف لن يدخل على السطح بشكل حقيقي إلا بعد قيام الدولة، ومما نراه أن غالبية القوى في داخل حماس هي ليست قوى واحدة وإنما قوى متعددة ترى بأن الحل يجب أن يكون حلا ديمقراطيا من خلال الانتخابات وهم لا يسعون إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة، تشكيل الوفد ستقوم به منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للفلسطينيين وهي تستطيع ومن خلال هذه المكانة ومن خلال هذا الموقف، تشكيل هذا الوفد آخذة بعين الاعتبار المعارضة الداخلية في منظمة التحرير الفلسطينية، والمعارضة الخارجية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبالتالي لن أجد هناك مشكلة كبيرة إذا قررت منظمة التحرير الفلسطينية أن تشكل وفد من أن يكون هذا الوفد يضم أيضا شخصيات، ويكون قرار ملزما واعتقد أيضا أنه ليس مستبعدا أن يضم شخصيات من حماس، لأن الذي سيتفاوض ليس فقط منظمة التحرير الفلسطينية كسلطة في داخل المنظمة وإنما كمنظمة التحرير الفلسطينية التي تفرد جناحها ليعم كل الشعب الفلسطيني.